إلغاء الحكماء أيضاً

إلغاء الحكماء أيضاً

إلغاء الحكماء أيضاً

 العرب اليوم -

إلغاء الحكماء أيضاً

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

أصرّ المعترضون في لبنان منذ اللحظة الأولى على «حكومة مستقلّة»، ويدلّ هذا على براءتهم وعدم انتمائهم إلى سياسات لبنان. فالمتغيّر الأكبر في البلد أن السلطة السياسية ألغت في السنين الأخيرة كل ما، ومَن هو مستقل. تفرّق الناس على الأحزاب والطوائف والجبهات، فغابت غياباً كلّياً تلك الطبقة التي كانت تشكّل أكثرية اللبنانيين. لحق المثقفون والمتعلمون بالأحزاب، التي احتكرت توزيع المناصب والهبات والفوائد. وكل فرد مستقل أصبح يشعر أنه لا يمثّل شيئاً ولا مكان له في بلده، فالمواطن المثالي اليوم هو المواطن التابع من غير تساؤل. وهو المواطن الذي يؤمن، دون تردد، بإلغاء المواطن الآخر.

ليست الزعامات شيئاً جديداً في لبنان، ولا التجاذبات ولا الاستقطاب. الجديد فيه الآن هي الوقاحة التي لا حدود لها. ولطالما كانت المحسوبيات جزءاً من الهيكلية اللبنانية، لكن لم تكن في أي مرحلة بمثل هذا الطغيان الجشع الذي لا يكتفي ولا يشبع. ولطالما كان الانتماء إلى قوة ما، شرطاً من شروط الوصول، لكنه لم يكن مرة كاسحاً كما هو الآن، شاملاً، لا يوفّر مؤسسة خاصة أو عامة، بما فيها القضاء، الذي يُفترض أنه السند الأخير للمواطنين الذين لا سند لهم.

كانت في لبنان على الدوام مجموعة من الناس المتعددي المشارب والمواقف، الذين يُعرفون بالـ«حكماء»، يؤخذ برأيهم في الشدّة وعند المفترقات، وهؤلاء لم يعد لهم وجود الآن. وقد أكّدت المحنة الحالية هذا الأمر أكثر من أي وقت مضى. ويشعر اللبنانيون بالخوف من هذا الفراغ، لأنه أكثر عمقاً وأثراً من فراغ حكومي عابر أو متكرر. منذ عقود طويلة واللبنانيون يرددون نغمة «تغيير النظام» كما يفعلون اليوم. إلا أنهم الآن أكثر تحديداً، عندما يطالبون بـ«تغيير السلطة السياسية»، وفي الحالتين، المطلب الحقيقي هو تغيير وجوه النظام ووجوه السلطة. فإن بعض هذه الوجوه هو الذي أساء إلى السلطة والنظام والدولة وسمعة لبنان برمّتها.

هذا الخواء الفاحش من الحكماء، دليل على السلوك الإلغائي المراهق الذي سيطر على البلد وأفقد المؤسسات الضامنة جدواها وفاعليتها، بل معناها في أساسه. إن غياب المستقلين كوجود توازني في الأزمات الكبرى، حتى في الحياة الطبيعية، يضع البلد دائماً على شفير الانفجار وحافة الهاوية، بحيث تصبح كل أزمة أزمة وجودية، وكل خلاف حكومي خلافاً وطنياً، وكل نزاع حول الحصص والمغانم والمكاسب والسمسرات والسرقات خوفاً على الوجود.

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلغاء الحكماء أيضاً إلغاء الحكماء أيضاً



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab