بقلم : سمير عطا الله
إن التفاصيل المتعلقة بكيفية انتقال الكنوز المعروضة هنا، ونقاط المغادرة والوجهات، غامضة إلى حد بعيد. ومع ذلك، فإن هذا لا يضاف إلا إلى غموضها. تجد نفسك تتساءل: كيف وجد تمثال صغير لبوذا طريقه إلى جزيرة هيلغو في السويد؟ مَن تحت تلك الابتسامة اللطيفة والعارفة؟ وماذا فعل أولئك في السويد الذين صادفوا التمثال قبل كل هذه القرون؟
وتبرز الأفكار والتحف البوذية بشكل كبير في بداية المعرض. وكان التجار والرهبان والحجاج والعلماء نشطين في المساعدة على نشر البوذية بين قاعدتها، فيما يُعرف الآن بشمال الهند، وإلى مناطق عدة؛ بما فيها الصين وكوريا واليابان. ولم يتطرق المعرض إلى السبب وراء ذلك؛ فالتركيز هنا على استكشاف الطلب على السلع المختلفة أقل من التركيز على تتبع معالم التجارة نفسها، والتخطيط بسيط وبديهي، فنحن نسافر من الشرق إلى الغرب، مع أسماء المناطق الرئيسية ومحطات الطريق المعلقة بأحرف كبيرة فوق رؤوسنا، من تشانغان إلى سمرقند.
نقطة انطلاقنا هي اليابان في قارة نارا (710 - 784). كان هذا وقتاً شُكلت فيه دولة يابانية مبكرة وعاصمة بناءً على الإلهام الصيني. إلى جانب الأدلة المتوقعة على التأثير الصيني، تُعرض هنا حبات زجاجية زرقاء، صُنّعت باستخدام مواد من آسيا والإمبراطورية الساسانية (في بلاد ما بين النهرين وإيران)، وجدت طريقها، بطريقة ما، إلى اليابان بحلول نحو عام 500 بعد الميلاد. من مملكة سيلا الكورية، في الوقت نفسه تقريباً، نجد كأساً زجاجياً لا بد من أنه مَرّ برحلة ملحوظة مماثلة. تصميمه روماني، ومن المرجح أنه أُنتج في مصر، على بُعد نحو 6 آلاف ميل غرب شبه الجزيرة الكورية.
وإلى جانب الأشياء التي سافر إليها كثيرون، هناك أشياء أخرى محلية الصنع تعكس أفكاراً كثيرة. وأكثر هذه الأشياء لفتاً للانتباه، تمثال صغير من الفخار لمسؤول كوري ذي ابتسامة ساحرة «إلى حد ما»، يرتدي زي أحد البيروقراطيين الصينيين من عهد أسرة تانغ. وتكشف ملابسه، والاستخدامات التي يُعتقد أن هذه التماثيل كانت تُستخدم فيها، بوصفها أغراض دفن مخصصة لخدمة المتوفى في الحياة الآخرة، عن التأثير واسع النطاق للأفكار السياسية والدينية الصينية في الممالك الكورية.
وفي الصين ذاتها، كان من بين التماثيل الصغيرة المصنوعة لِتُضَم إلى مواقع الدفن البطل العظيم لطرق الحرير: الجمل البختري، المعروف باسم «سفينة الصحراء». والتمثال المعروف هذا، جاء من قبل جنرال صيني من القرن الثامن، مصنوع من السيراميك المزجج، ويصور جملاً محملاً بالحرير الملفوف يرفع رأسه إلى السماء ويطلق أنيناً احتجاجياً، ربما، على وضع عبء ثقيل آخر على ظهره. وهناك تذكير أشد قتامة بأن طرق الحرير لم تكن ابتكاراً سعيداً لجميع المعنيين على هيئة تمثال صغير لـ«عبد كونلون» من النوع الذي أُسر في جنوب شرقي آسيا، ثم بِيع في أسواق الصين.
إلى اللقاء...