مقاهي الأنس

مقاهي الأنس

مقاهي الأنس

 العرب اليوم -

مقاهي الأنس

بقلم : سمير عطا الله

 

جاءت فترة من العمر، اعتبرت فيها حياة المقاهي تسكعاً وخمولاً وإضاعة وقت. وابتعدت عن المقهى والزحام والرفاق إلى الداخل، إلى الوحدة والكتاب، ثم المزيد منهما. والآن أشعر بندم عميق. الزحام كان جميلاً، والرفاق كانوا طيبين، والمحادثات كانت شيقةً ومسليةً. ولماذا العزلة؟ الآن أكتشف أن المقهى كان اختراعاً يقارب البيت. أو هو غرفة الاستراحة الإضافية، مجمّع أصدقاء، ومنتدى تعارف ومودات.

كثيرون منا كانت بيوتهم صغيرة، ووجدوا في المقهى صالة استقبال، أو حديقة. وليس صحيحاً أن المقهى مجلس الخمول. كبار الأعمال الأدبية والسياسية خرجت من نظام المقهى. نجيب محفوظ كان يعود من المقاهي بأفكار لأجمل رواياته. وجان بول سارتر جعل المقهى الباريسي عنواناً لأهم مرحلة فلسفية في فرنسا. ومقاهي بيروت في الستينات جمعت كل المفكرين العرب وأحلامهم، وخراب بيوت الأمة.

لكنها، في وقتها، كانت جميلةً ومليئةً بالحياة. حرمت بغداد ودمشق حياة المقهى السياسي، لأن المقهى يعيش على الثرثرة، وتقليب الناس في المقلاة. في حين أن الرفاق كانوا منهمكين في توحيد الأمة وتوزيعها على السجون، والمنافي، بالعدل والقسطاس.

لكن المقهى التاريخي صمد. مقاهي نجيب محفوظ في «ريش» (مصر)، ومقاهي حركة «شعر» في شارع الحمراء، ومقهى علي صالح السعدي في بوليفار السان ميشال، باريس، قبل أن يمل من برودة المدينة ويأتي إلى بيروت، لكي ينضم إلى من بقي حياً وحراً من مناضلي المرحلة الذين مهدوا بكل عناية لما نحن فيه.

عندما منح نجيب محفوظ «نوبل» الآداب، اعتذر عن تسلم الجائزة بنفسه، وكلف ابنته أم كلثوم بأن تتولى ذلك. وسُئل بعدها عن السبب، فلم يشأ قول الحقيقة، وهي أنه يكره السفر ويخشى الطيران، وأجاب بدل ذلك: «أمّال، أسيب الرفاق في القهوة وحدهم كده؟».

أعتقد أن ذلك أجمل ما قيل في تاريخ المقاهي، وهذه الطرفة البسيطة على الطريقة المحفوظية هي ما ذكرني بما خسرت من سنين في عزلة البيت والشرفة الزجاجية بعيداً عن عشرة الرفاق وأمزجة الفرح. ولا أعرف من اخترع المقهى، لكنه كان يعرف بالتأكيد جفاف الحياة... بلا مؤانسة.

arabstoday

GMT 02:43 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

4 ساعات مللاً

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!

GMT 02:31 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

رسائل محمد الطويّان المفتوحة والمغلقة

GMT 02:28 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

الشرق الأوسط... تشكلٌ جديدٌ

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 02:21 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

متى يراجع الفلسطينيون ما حدث؟

GMT 02:18 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

لا بديل عن قيام دولة فلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقاهي الأنس مقاهي الأنس



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:19 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يستخدم الذكاء الاصطناعي بسبب "نمبر وان"

GMT 03:37 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

6 قتلى في حادث طيران جديد شرقي أميركا

GMT 10:21 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

حمادة هلال يمازح شياطين مسلسله في رمضان

GMT 12:00 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

مقتل 18 جندياً في باكستان على يد مسلحين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab