حالة انطفاء

حالة انطفاء

حالة انطفاء

 العرب اليوم -

حالة انطفاء

بقلم - سمير عطا الله

عرف النصف الأخير من القرن الماضي موجات متنوعة من أفكار، أو عجائب الخروج على التقاليد. منها ظهور البيتلز بشعرهم المرخي على الكتفين وأغانيهم المبسطة وشعارهم التليد: «كل ما تحتاجه هو الحب». ومنهم الهيبيون، وخلاصة فلسفتهم الحشيش وعدم الاستحمام. ومنهم جماعة LSD الأميركية وشعارهم الحياة دوخة في النهار، وثلاث دوخات في الليل. وظهرت ثورة الجنس، وثورة غيفارا، وثورة الفن التشكيلي، والموسيقى البلاطية (من بلاط، أو لحن التبليط)، وازدهرت «الموجة الجديدة» في السينما.
ولم يكف الإنسان الضائع عن «البحث عن نفسه»، غير قانع بما تحقق. وبعد هزيمة النازية والفاشية، قوي حضور الشيوعية. لكنها ما لبثت أن أصبحت تقليدية، وظهرت لها فروع في التطرف: التروتسكية، والتيتوية، والماوية.
وكانت الأخيرة أشهر التقليعات وأوسعها انتشاراً. وصار من الرجعية أن تكون مجرد ماركسي عادي، مسالم وتقليدي. فـ«الموضة» تقضي بأن تدمر كل شيء، وأن تقتل المنحرفين الذين يحبون الموسيقى الكلاسيكية وألحان بيتهوفن وموزارت وقصائد بوشكين. ومن شهاماتها أن تبلغ الثائرة عن زوجها، والثائر عن أخته، والماوي الحقيقي عن أمه وأبيه.
وصارت الماوية نوعاً من المرتبة العلمية. أنت ماوي، يعني أنت مثقف. وكما أطلق الستاليون شواربهم المعكوفة دليل الإعجاب والوفاء، ارتدى الماويون الطقم الماوي الموحد، والشبيه بعمال الفبارك. ويجب الإقرار بأن هذا كان الشيء الوحيد الذي تأثرت به من إبداعات «التشرمان ماو». وتأثر القذافي من تعاليم ماو، بالاحتفاظ بغرفة دائمة من الممرضات. وفاته إنشاء كتيبة من المترجمات، لكنه تفوق على ماو، بكتيبة من الحارسات.
حتى جان بول سارتر، أشهر فيلسوف يساري في فرنسا، اضطر أن يعلن نفسه ماوياً، كي لا يتفرق المثقفون من حوله. وانضم إلى حركة مايو (أيار) الطلابية بصفته تابعاً من أتباع العنف، وليس قائداً فيهم.
عندما غاب التشرمان ماو، كان قد توفي قبل ذلك بعدة سنوات. انطفأت «الثورة الثقافية» في الصين، واعتدلت البلاد، وتضاءل نفوذ ماو وتخيلاته الدموية المضحكة. لا موجات غرائبية هذا القرن. لا هيبيون يدعون إلى عدم الاستحمام. لا أحزاب تنشق على نفسها. لا مثقف تاريخي مثل سارتر ينضوي في فكر كرنفالي مثل ماو.
طبعاً، لا تنقصنا الظواهر. لا اليوم ولا غداً. ولكن ليس بينها من يريد إنقاذ العالم بكتاب أحمر أو أخضر، أو من خلال اللجان الشعبية. التحدي اليوم هو أن يتمكن العالم من العودة إلى السكينة والهناء، والاستقرار والهدوء، ونعمة الصمت بدل الزعيق المريع.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حالة انطفاء حالة انطفاء



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:06 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

أنغام في أول حفل بعد أزمة عبد المجيد عبدالله

GMT 11:50 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تكشف حقيقة زواجها سرّاً

GMT 11:53 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

يسرا اللوزي تكشف أسلوبها في التعامل مع التنمر

GMT 11:59 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

روجينا توجّه رسالة مؤثّرة لرانيا فريد شوقي

GMT 06:42 2025 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

غوغل تكشف موعد تغيير تسمية خليج المكسيك

GMT 15:48 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

محمد إمام يشعل مواقع التواصل برسالته لعمرو دياب

GMT 15:45 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

هيدي كرم تعلن رأيها في عمليات التجميل

GMT 15:52 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

رانيا فريد شوقي تردّ على التنمر بها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab