بقلم : سمير عطا الله
ذكرت الزميلة إقبال الأحمد (في «القبس») أن أطفال الكويت الذين كانوا يرفعون لافتة «يا بابا لا تسرع، الموت أسرع» حوّلوها الآن إلى «بابا لا تُسرع، الماما تأخذ غيرك»!
متى تكون السرعة مشكلة أو «مأساة»؟ ومتى تكون حلاً؟ في كل مستشفيات العالم، قسم صغير للطوارئ، وجميع الأقسام الأخرى للطبابة العادية، المتأنية، القائمة على الاستشارات، وكل مريض في علّته، وكل طبيب في اختصاصه.
الرئيس الأميركي دونالد ترمب دخل قسم الطوارئ و«شمّر» عن ساعديه. وقال ائتوني إلى هنا بجميع المرضى، يريد أن يحل جميع المشاكل في يوم واحد، من أوكرانيا إلى بنما، وأن يصحّح النظام الاقتصادي العالمي، وأن يحالف روسيا، ويحارب الصين، ويقصم ظهر أميركا، وأن ينفض أوروبا عن صدره. وأن يتم ذلك قبل الذهاب إلى النوم. وهو لا ينام، ولا يحب الجلوس. ونادراً ما نراه جالساً. إنه دائماً ذاهب من مكان إلى آخر، يحكي، أو يخطب، أو يؤنّب خصومه، أو يستكمل الهجوم على جو بايدن. يريد لأميركا أن تستعيد عظمتها، وأن تفعل ذلك الآن.
هزّت هذه السرعة العالم أجمع. وبعد الفوز الكبير، نزل الملايين إلى شوارع المدن الكبرى، يهتفون ضد الكوارث الاقتصادية التي حلّت بالبلاد. وبالعالم أجمع. وانهارت الأسواق في بلاد يعتقد أنها بعيدة عن شرارات هذه الفوضى.
طبعاً تطغى في ذلك كله النيات الحسنة، والرغبة في عالم أفضل، لكن نكسة في حجم ما حدث أخيراً سوف تترك انعكاسات هائلة، في حين الرجل لا يزال في أوائل البدايات. خلال فترة وجيزة جداً، علت الآمال ثم هوت. وفي وقت واحد هبط النفط والذهب والأسهم.
عندما يضعف الاقتصاد تُصاب السياسة بالأذى. ومن يعرف الآن كيف ستنعكس هذه الفوضى على الشرق الأوسط المتزايد اشتعالاً، خصوصاً بعد استدعاء ترمب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى واشنطن. فقد بدا لوهلة، أن ترمب يفيد من دعم إسرائيل له في الداخل، لكن هذا التأثير انخفض أيضاً بعد امتداد حروب الضرائب إلى كل مكان. الدول التي قرر أن يستَرد منها ما تكلفته أميركا لم تنحنِ أمامه من دون ردة فعل، بل كان ردها أشد قسوة كما في حال الصين. والغريب أنه عندما حاول التراجع قليلاً عن حروبه الجمركية، ازداد انهيار الأسواق بدلاً من أن ينخفض. ربما لا يستطيع العالم أن يفعل شيئاً لوقف هذا «السقوط الحر»، إذا لم يتخذ ترمب خطوة جذرية في هذا الصدد. العالم كله على وتر مشدود.