شاليهات

شاليهات

شاليهات

 العرب اليوم -

شاليهات

بقلم : سمير عطا الله

بدأت الحركة «السوريالية» منتصف عشرينات القرن الماضي في باريس، على يد الشاعر أندريه بروتون. كانت نقضاً لكل ما هو مألوف، أو كلاسيكي في الشعر، ثم شملت جميع أنواع الفنون. ومع الوقت، أصبح اللامعقول عادياً، لكنه ظل لا معقولاً. ورسم لنا الإسباني بابلو بيكاسو حمامة ضخمة رأسها في بطنها، ومنقارها في ذيل جارتها. واعتادت الناس على مثل هذه «الحداثة»، غير أن الحمام ظل على شكله، وظل يملأ ساحة الطرف الأغر في لندن. كما لم تكفَّ حمامة الحزن عن النوح بقرب أبي فراس الحمداني.

صارت عبارة «السوريالية» تطلق على كل ما هو غريب، أو مضحك، أو أشد غرابة. وأحياناً أشد هولاً. ولو قيل لك قبل شهر واحد إن رئيس أميركا سوف يعلن ترحيل أهل غزة، ويضعها تحت سيادة بلده، ثم يقيم مكانها مشروع أبراج سياحية؛ لكانت ردة فعلك، الفورية، ثم المتأنية، ذلك العنوان الشهير لكتاب عبد الله القصيمي: «العالم ليس عقلاً».

المخيف في هذه السوريالية المرعبة، ليس حجمها، ولا أهمية صاحبها، بل الذين رحبوا بها كأمر عادي من يوميات هذا العالم: الأميركيون والإسرائيليون، وخصوصاً السورياليين، من خارج دائرة واجهة غزة البحرية. ثم إن العالم ليس فقط أنه ليس عقلاً، بل أيضاً ليس قلباً، ولا وعياً، ولا خُلقاً. تضع شعباً برمّته في حاويات وحافلات وناقلات، ثم تحوله إلى شركة سياحية كاملة الشروط!

للحق، يجب ألا نغفل ردود الفعل الأخرى في أميركا وأوروبا، وسائر ربوع الوعي، والمقاييس البشرية. هؤلاء جميعاً هالهم هذا الشطط الإنساني الذي أذهل العالم. بعد عام من حرب مجنونة، وإبادات، ومحو بشري، وعذابات جهنم، يتبين لأهل الابتكار والرأفة أن الحل المثالي هو في واجهة بحرية مليئة بالشاليهات، والكباريهات، وما لذَّ وطاب.

يخطئ كثيراً من يعتقد أن مشروع ترمب السياحي إهانة لغزة وأهلها. أو حتى للعرب. إنه إهانة معلنة لجميع المعنيين بالشأن الإنساني، وجميع المواثيق والمعاهدات، ومؤسسات حقوق الإنسان. إن مسؤولية هذا الاقتراح، قبل أي أحد، هي عند الشعب الأميركي ونظامه ودستوره، والمبادئ التي قال إنه يقاتل من أجلها.

arabstoday

GMT 06:32 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

سوريا المستقبل… لا تقسيم ولا إيران

GMT 06:29 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

سوريا: تحدّيات الاستقرار والوحدة

GMT 06:18 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

متى يلحق العراق بالتغيير في لبنان وسوريا؟

GMT 06:10 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

عبير الكتب: طه حسين والفتنة الكُبرى

GMT 06:09 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

حرب السودان... كيف قلب الجيش الموازين؟

GMT 06:08 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

انتهت وظيفة السلاح اللاشرعي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شاليهات شاليهات



الملكة رانيا بعباءة بستايل شرقي تراثي تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:29 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

سوريا: تحدّيات الاستقرار والوحدة

GMT 11:42 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

تليين إيران أو تركيعها: لا قرار في واشنطن؟

GMT 07:01 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

فرصة كي يثبت الشرع أنّه ليس «الجولاني»...
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab