النووي الممنوع المرغوب

النووي... الممنوع المرغوب

النووي... الممنوع المرغوب

 العرب اليوم -

النووي الممنوع المرغوب

بقلم - أمل عبد العزيز الهزاني

الأمم المتحدة مجتهدة في دفع دول العالم للحد من خطر الأسلحة النووية. أكثر من معاهدة واتفاقية في محاولة تحجيم تصنيع واستخدام هذا السلاح المدمر. عام 1968 كانت معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وفي عام 2017 جاءت معاهدة «الحد من السلاح النووي»، ثم مؤخراً تقلص الطموح إلى «معاهدة حظر التجارب النووية». والخلاصة من هذه الاجتهادات الأممية أن كثيراً من الدول صادقت أو وقعت عليها بصرف النظر عن التزام بعض هذه الدول بنصوص المعاهدات، وأن دولا أخرى رفضتها تماماً رغم أنها تدّعي أنها لا تمتلك السلاح، مثل إسرائيل.

     

 

             

 

المعاهدة الأولى كانت قبل خمسين عاماً تقريباً، تختلف ظروفها وأسبابها ودوافعها عن الوقت الحاضر، بنزاعاته وتحدياته لتحقيق السلام العالمي. الفكرة كلها تدور حول نقطتين؛ التجارة، ونقل التقنية. في القرن الماضي كانت التقنية محتكرة على الدول التي جربت وصنّعت وأنتجت السلاح، أي أن المعاهدة في الواقع تستهدف هذه الدول القلائل، خوفاً من أن غياب الدور الأممي سيسمح لهذه الدول بتطوير السلاح إلى الحد الذي لا يمكن التراجع عنه، أي السباق إلى إنتاج الأفضل والأقوى، تماماً مثلما كان السباق نحو الفضاء؛ الدوران حول الأرض، أو المشي على سطح القمر. الدول الأخرى التي وقّعت، كانت تبادر بحسن النية، لكنها في الواقع لم تكن تسعى للدخول في نادي النوويين. هذا الزمان ولّى، تغيرت الظروف، وتحديات الأمن القومي تتصاعد في كل مناطق العالم. صار الجميع، على الأقل من يملك الملاءة المالية، يسعى إلى شراء الرؤوس النووية إن دعت الحاجة، وفقاً لاتفاقات مبرمة غير معلنة، أو، وهو الأكثر أهمية، شراء التقنية نفسها، مثلها مثل تقنية صناعة السيارات أو القطع الحربية أو حتى قديماً حين نقل الأوروبيون تقنية صناعة النسيج إلى العالم.

بعد كل هذه الاحتياطات والضغوطات الأممية لجذب الدول للتوقيع على معاهداتها، لم تستخدم أي دولة السلاح النووي، كانت تجربة الولايات المتحدة لانتزاع النصر على اليابان في الحرب العالمية الثانية هي الحادثة الأولى والأخيرة، ومنها انطلقت الأمم المتحدة لتنادي بخطورة هذا السلاح الفتاك.

في الستينات الماضية، لم تكن الأمم المتحدة ولا العالم، على علم بأن تخصيب مواد مشعة مثل اليورانيوم أو البلوتونيوم، ممكن أن يستخدم في مجال الطب والتشخيص والتداوي، حتى فكرة إنتاج الكهرباء من مصادر نووية لم تكن واضحة حينها. هذه تغيرات نوعية مهمة. الأمم المتحدة وضعت معيارا لاستخدام المواد النووية المخصبة، يمكن تبسيطه على النحو التالي: خمس خطوات باتجاه التخصيب تعني أن النية مبيتة لاستخدام المواد المشعة سلاحا، ثلاث خطوات مسموح بها لأنها تدخل في المجال الطبي، خطوتان لا تمانع فيهما لأنهما تسمحان بإنتاج الكهرباء. هذا تصور بسيط، تعمل على مراقبته الوكالة الدولية للطاقة الذرية لضمان عدم تجاوز الدول للنسب المسموحة.

بالنسبة للدول النووية، وهي تسع؛ الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة للهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية، تمتلك بمجملها 13500 رأس نووي، رقم مخيف رغم أنني أميل للاعتقاد أن الرقم أعلى من ذلك بكثير. مع ذلك، الدول التي تحاول بناء منشآت نووية للأغراض السلمية المذكورة تواجه صعوبات من التشكيك وتعقيد الإجراءات، لمنعها، أو لنقل تأخير الانتفاع بهذه التقنية. والواقع أنه من السذاجة الاعتقاد أن كل الدول تحمل نيات طيبة لو توفرت لديها عوامل الإنتاج والتخصيب، ومن السذاجة أيضاً محاولة إقناع الدول النووية بحق العدل والمساواة في امتلاك ما يمتلكونه، المسألة ليست في العدالة المفقودة، بل في الخوف من تغيير موازين القوى التي بالكاد تحافظ على نفسها اليوم. لكن المتفق عليه، أن لكل دولة في العالم الحق في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وهذه المنشآت موجودة وقائمة بالفعل منذ سنوات في دول كثيرة من العالم سُمح لها بالانتفاع منها.

كل ما سبق تنظير. الحقيقة أن دولة مثل إسرائيل تخشى دولة مثل إيران، لأنها تهدد وجودها، أنشأت مفاعلاتها بالسر، وتكتمت عليها مع علم العالم كله بامتلاكها للرؤوس النووية، وأن دولة مثل إيران تطمح للهيمنة على المنطقة، أقامت مفاعلاتها النووية بالسر، وحينما انكشف السر في عام 2005 استمر التفاوض لوقف التخصيب العالي حتى الوقت الحاضر. وأن دول الشرق الأوسط الأخرى التي لا تأمن الطرفين؛ إيران وإسرائيل، طالبت بشكل علني وشفاف بأحقيتها في حماية نفسها. كوريا الشمالية، المنبوذة، ترى أن جوهر قوتها في السلاح النووي، ضد جيرانها والغرب الحليف.

المعاهدات والإمضاءات عليها لم تحد من الوضع الراهن، والأكيد أن المصالح السياسية التكتيكية قد تجلب الحظ لدول تجعلها تكتسب قدرات نووية تحت مظلة تطبيع علاقات، أو شراكات مالية كبيرة. امتلاك السلاح النووي لن يأتي من باب العدالة، أو الأنظمة الأممية، سيكون الحظ دائماً بجانب أولئك الذين يقتنصون الفرص.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النووي الممنوع المرغوب النووي الممنوع المرغوب



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 16:11 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"
 العرب اليوم - أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

تحالفاتُ متحركة

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 04:01 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6 درجات يضرب تايوان ويخلف 15 مصابا

GMT 13:20 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

كريم عبد العزيز يتّخذ قراره الأول في العام الجديد

GMT 13:09 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

بعد 22 عاما محمد سعد يكشف سرّاً عن فيلم "اللي بالي بالك"

GMT 13:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

محمد منير يواصل التحضير لأعماله الفنية في أحدث ظهور له

GMT 08:47 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

جائزة هنا.. وخسارة هناك

GMT 09:11 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط بين إرث بايدن وتأثير الترمبية

GMT 09:12 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عاد ترمب... الرجاء ربط الأحزمة

GMT 09:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

لفائف لا مجلّد

GMT 09:15 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

حماس تخطف اللحظة والصورة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab