التوتر الإيراني ـ التركي من القوقاز إلى البلقان

التوتر الإيراني ـ التركي من القوقاز إلى البلقان

التوتر الإيراني ـ التركي من القوقاز إلى البلقان

 العرب اليوم -

التوتر الإيراني ـ التركي من القوقاز إلى البلقان

بقلم - أمل عبد العزيز الهزاني

منذ أدار الاتحاد الأوروبي ظهره في وجه أنقرة، قررت الأخيرة استبدال تكتيك الغرافة والعودة إلى الشرق الأوسط بحلة الطربوش العثماني. ومن حينها وتركيا تتوسع في المنطقة العربية بإبرام اتفاقيات تعاون اقتصادي تنتهي بإقامة قواعد عسكرية. مع ذلك، فالمتابع للسلوك التركي خلال أكثر من عامين، يدرك أن الرئاسة التركية لم تحقق نجاحات مُرضية في المنطقة العربية، كما كانت تأمل، رغم كل البذل الذي بذلته خلال ما يسمى ثورات «الربيع العربي». الموقع الجغرافي المهم لتركيا يمنحها خيارات متعددة؛ أوروبا، المنطقة العربية، والبلقان. وكلها مناطق حيوية وأرشيف من ملفات أمنية واقتصادية وثقافية تستطيع تركيا التدخل فيها. نلاحظ أن إيران التي تعلن دوماً أن علاقتها مع تركيا وطيدة، لم تحرك ساكناً فيما يتعلق بتضارب المصالح التركية الإيرانية، خصوصاً في سوريا والعراق.. كانت خطوط التماس قليلة، ويتم علاج تداعياتها فوراً، حتى أن الرئيس التركي نفسه كرر مراراً أنه يقف مع إيران ضد العقوبات الأميركية، وكانت الزيارات الرسمية متبادلة مثل ما هو حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي بلغ 40 مليار دولار. تناسى الطرفان كل النزاعات التاريخية العسكرية بين الثقافتين التركية والفارسية، لأن ما يجمعهما في البلدان العربية أكبر من تاريخ مضى. حتى التدخل التركي في نزاع أذربيجان وأرمينيا الأخير كانت طهران تبدي انزعاجاً منه على استحياء.
لكن المنهجية التركية الإردوغانية قائمة على مبدأ اللادبلوماسية مع أحد، والاستعداد بالتضحية بأي حليف لتحقيق مكسب حتى ولو كان رمزياً. هذا ما دعا صبر الإيرانيين لأن ينفد بسبب تناقضات إردوغان، وقررت طهران استدعاء سفيرها في أنقرة احتجاجاً على قصيدة ألقاها إردوغان قبل أسبوع في باكو العاصمة الأذرية، تثير نزعة الاستقلالية والانفصال لدى الأذريين، وهو ما تعتبره إيران تدخلاً في منطقة نفوذها. عندما هدأت عاصفة القصيدة ظن الجميع أنه خصام أصدقاء وانتهى، لكن أنقرة عادت وأكدت أن لديها أجندة جديدة من خلال اعتقال أحد عشر إيرانياً من المخابرات الإيرانية اتهمتهم بخطف معارض إيراني في إسطنبول. والحقيقة أن الذي يهمنا أن نفهمه أكثر، ليس تذبذب العلاقة التركية - لإيرانية الشكلي، ولكن مدى عمق الخلاف الفعلي. عندما يوجد معارض إيراني في تركيا، وتقوم الأجهزة الأمنية بترصد اختطافه، فهذا يشير إلى أن العلاقة التركية - الإيرانية دخلت منعطفاً خطيراً. من هو المعارض الإيراني وإلى أي جهة ينتمي؟ هل هو من أصول أذرية، وبالتالي وجوده في تركيا أمر متوقع بالنظر لتسلسل الأحداث؟ هذه نقطة جديرة بالملاحظة.
والشيء بالشيء يذكر. في يونيو (حزيران) 2018 أقامت منظمة «مجاهدين خلق» تجمعها السنوي في إحدى ضواحي باريس، وكنت مدعوة مع بعض الزملاء من السعودية والخليج للحضور وإلقاء كلمة. في ذلك التوقيت، كان ضابط الاستخبارات أسد الله أسدي، الدبلوماسي بسفارة بلاده في فيينا، قد أتم الإعداد لعمل إرهابي خلال تجمع ضم حوالي 1000 شخص، لكن السلطات البلجيكية، بالتعاون مع نظيرتيها الألمانية والفرنسية، أحبطت العملية، وتم القبض على الجناة ومحاكمتهم، وسيصدر بحقهم حكم نهائي أواخر يناير (كانون الثاني) من العام المقبل. كل عام تحمل أجندة «مجاهدين خلق» الكثير من الفعاليات، أهمها هذا التجمع السنوي، تستهدف منه استمرار صوتها في الدول الأوروبية والتذكير بجرائم نظام الملالي. استقطابها لشخصيات سياسية داعمة في أوروبا وأميركا، حتى وإن كانوا متقاعدين، أزعج النظام الإيراني، فاتخذ روحاني قراراً بتنفيذ العملية الإرهابية بعد موافقة المرشد علي خامنئي. لماذا جئت على ذكر هذه الحادثة؟ لتذكير المعارضة الإيرانية «مجاهدين خلق»، بأن صراعهم مع النظام الإيراني حق مشروع، لكن من الأهمية أن تحذر، وتبتعد بقضيتها المشروعة عن نزاعات المنطقة التي تتدخل فيها تركيا، حتى تحافظ المعارضة على تأييد الدول العربية الكبرى لها. تركيا ليست خياراً مناسباً لمواجهة النظام الحاكم في إيران، وإن بدت بينهما خلافات على السطح، لأن الموقف التركي سيتبدل في أي لحظة ترى فيها مصلحة قريبة، ولكن المعارضة الإيرانية ستخسر أكثر مما تتوقع. المنطقة العربية تتعرض لتطفل التدخل الإيراني والتركي على السواء، والميل لأحدهما مهما كانت المبررات هو موقف سياسي ضد أمن دول المنطقة.
في أغسطس (آب) الماضي، اعتمدت ألبانيا، إحدى دول البلقان، بروتوكول اتفاقية عسكرية بينها وبين تركيا، بدأت تركيا بالدعم الاقتصادي والثقافي، وتناست تيرانا، العاصمة الألبانية، أن الدولة العثمانية كانت تحتل أراضيها وجيرانها فيما مضى. الخطوة التركية مغزاها الإضرار باليونان على حدود ألبانيا، وتعزيز ورقة اللاجئين التي تهدد بها اليونان وأوروبا. ومع أن المصلحة الألبانية تتركز اليوم في محاولة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، الذي هو أهم من العلاقة مع تركيا التي تستعدي أوروبا، لكنها مع ذلك رحبت بالاتفاقية العسكرية. ما يهمني قوله إن المعارضة الإيرانية «منظمة مجاهدين خلق» التي تتخذ ألبانيا مقراً لها، بعد أن أخرجها نوري المالكي من العراق، هذه المنظمة هي الأقوى بين كل أطياف القوى المعارضة للنظام الإيراني، وتجد قبولاً وتقديراً من الدول العربية المتأذية من إيران. لكن حشر الأنف التركي في ألبانيا في هذا التوقيت قد يتجاوز المسألة اليونانية إلى عدائها الجديد مع إيران، مستخدمة كل الأوراق بما فيها المعارضة المقيمة في ألبانيا.

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التوتر الإيراني ـ التركي من القوقاز إلى البلقان التوتر الإيراني ـ التركي من القوقاز إلى البلقان



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab