السنوار السياسي البراغماتي

السنوار السياسي البراغماتي

السنوار السياسي البراغماتي

 العرب اليوم -

السنوار السياسي البراغماتي

بقلم : أمل عبد العزيز الهزاني

أبدأ فيما انتهيت به في مقالي السابق: هل سيتعامل السنوار مع غزة، وحل الدولتين، والمفاوضات الجارية، بالعنجهية المعروفة عنه؟ هل هو الاختيار الأمثل للإسرائيليين في هذه المرحلة؟

بنيامين نتنياهو يحلم بخبر اغتيال السنوار، يريد، ويحتاج إلى خاتمة تعطيه لقب المنتصر وتخرجه من المعركة متبختراً، وتمهد له معركته القضائية الداخلية التالية بأقل الأضرار، فهو الوطني المخلص الذي قضى على حركة «حماس» الإرهابية وأذل قياداتها، وهو شأن كبير سيؤخذ بالاعتبار إذا، وإذا فقط، دخل المحكمة. حاول نتنياهو ونجح في معظم محاولاته اصطياد قيادات «حماس» و«الجهاد الإسلامي» خلال السنوات الماضية، بعضهم من الصف الأول مثل محمد الضيف، رئيس أركان «كتائب القسام»، والصديق المقرب للسنوار، ومع ذلك يظل هذا الأخير حالة فريدة؛ السنوار هدف تكتيكي لا يشبه أي حالة سابقة حتى خالد مشعل. لماذا؟

باختيار السنوار رئيساً للمكتب السياسي لحركة «حماس»، تلاشت تماماً فكرة الفاصل بين الجانبين السياسي والعسكري للحركة. كانت بعض الدول العربية والغربية تحاول الحفاظ على الفارق بين الجناحين لترك الباب موارباً للتفاوض مع الجانب السياسي، على أمل التقدم للأمام خطوات وإن بدت قصيرة في حل النزاعات وفض التشابك. والحقيقة أن الفكرة نجحت في صناعة مجموعة من الهُدن الزمنية الطويلة بين إسرائيل والفصائل المسلحة، تركت لأهل غزة فسحة من الراحة والعيش بسلام، بل ونما وتطور قطاع غزة في البنيان وجودة الحياة، وتنفس سكانه هواء نظيفاً لا يلوثه غبار الهدد ورائحة البارود، كل ذلك جاء نتيجة لهذه الأوقات المستقطعة من الهدوء والسلام.

شكلياً، انتهى هذا العهد، اختلط السياسي بالعسكري؛ لأن يحيى السنوار رجل سلاح، قاسٍ وشرس، وله تاريخ في تخصص تعذيب وقتل الفلسطينيين المتهمين بالتخابر مع إسرائيل، عنيد وشجاع، لكن كل هذه الصفات ذات أهمية لإنجاز دوره، لكنها ثانوية عند أهم ما يحتاجه السنوار اليوم، وهي الشخصية البراغماتية، وهو بالفعل كذلك. السنوار لا ينظر باتجاه واحد كما يبدو، ولا يغلق خطوط الرجعة، ولم يتقدم كرئيس للحركة ليموت في غارة، ولم يتقدم كرئيس للحركة ليبقى خارج اللعبة السياسية التي تعطيه قيمته كقائد فعلي في المكان الذي يعتقد أنه يستحقه، وكان ينتظره منذ عقود، على الأقل ليس بهذه البساطة.

السنوار معروف بحديته في التفكير والقرار، لكن وقائع كثيرة تشهد بأنه عكس ذلك. يوماً ما، في حادثة مرضه خلال سجنه، أنقذه طبيب إسرائيلي من الموت بعد مرض أصاب مخه، وعاد الطبيب لزيارته في المستشفى واستقبله السنوار بامتنان كبير، بل قال له إنه مدين له بحياته. رجل بهذه العقلية، ذكي للدرجة أنه يعرف متى يرفع سلاحه وأين يصوبه. حتى خلال عمله كقائد للحركة في غزة منذ 2017، نجحت مساعيه السياسية فيما فشل فيه الآخرون، حيث حقق المصالحة مع النظام السوري بعد قصة خروجهم الشهيرة من دمشق في 2011، أيضاً وطد العلاقة مع النظام المصري وأصبح من الشخصيات القريبة منه، بل وأكثر من ذلك، كان عرّاب محاولات التقارب بين «حماس» والرياض.

كما يقول المثل الأميركي «ليست الأشياء كما تبدو».

إنما، السنوار الرأس المدبر لأحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 لن يقفز فجأة لكرسي الحكم ويمارس صلاحياته السياسية، وأكتوبر الذي أتى به إلى قمرة القيادة، سيظل مسجوناً بداخله طوال عمره. لكن من قال إن قيادات «حماس» أو «حزب الله» يشتكون من الاختباء تحت الأرض؟ الإشكال الكبير الذي يواجهونه هو أن إسرائيل قررت الانسحاب من الاتفاق الضمني بعدم المساس بقيادات الصف الأول، الذي كانت تحافظ عليه لسبب أهم من الالتزام مع واشنطن، وهو أنها لا تريدهم موتى في ذلك التوقيت. وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس بعد إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» في عام 2021 صرّح بأن يحيى السنوار ومحمد الضيف هدفان مشروعان للاغتيال. رد عليه السنوار بخروجه مشياً إلى شوارع غزة متجولاً في طريقه إلى بيته وهو يتحدى غانتس أن يقصفه بصاروخ من طائرة إف-16. لم يفعل الوزير، رغم أن الهدف كان مكشوفاً، فهل كان غانتس يخشى من السنوار؟ القصة في التوقيت وقيمة الاغتيال.

في ظل كل هذه المعطيات، ما المتوقع من مفاوضات وقف الحرب في غزة؟

المصالح متباينة سواء السياسية أو الشخصية بين الرجلين؛ نتنياهو والسنوار. نتنياهو يطمح إلى هتافات النصر والنجاة من المحاكمات، والسنوار يريد التتويج على كرسي حكم غزة مدى الحياة، التي يسعى أن تكون طويلة. الوسطاء هم من سيعالجون متطلبات الطرفين، وبالتحديد الولايات المتحدة؛ السنوار يطلب ضماناً بعدم التعرض لحياته، وحياته هي الهدف الذي يسعى له نتنياهو ليضع عنواناً لانتصاره، وهو اليوم مزود برادارات أميركية دقيقة لتحديد موقعه واقتناصه، لذلك السنوار الآن تحت ضغط تهديد حياته، والصحيح أن من يرصده ويقدم المعلومات للاهتداء بها هي واشنطن. على السنوار الخضوع للمطالبات الرئيسية؛ إطلاق كل المحتجزين الإسرائيليين، ووقف كل العمليات المسلحة بهدنة مفتوحة.

ماذا عن نتنياهو، ما الذي سيرضيه؟ تقديم المزيد من الأسلحة الأميركية النوعية لا يخدمه شخصياً. التمسك بالبقاء في محور فيلادلفيا ورقة ضغط ستسبب له القلق أكثر من المصلحة، لكنه قد يتمسك بها كورقة وحيدة يرفضها الفلسطينيون، حالة مؤقتة، ممنياً نفسه بها، حتى يتغير رجل البيت الأبيض.

 

arabstoday

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

ترامب في البيت الأبيض... رجل كل التناقضات والمفاجآت!

GMT 14:33 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

شرور الفتنة من يشعلها؟!

GMT 14:21 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

الإسلام السياسي.. تَغيُّر «الجماعات» و«الأفكار»

GMT 14:20 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مخيم جباليا الذي اختفى

GMT 14:19 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

يد العروبة من الخليج إلى المحيط

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 05:56 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

برّاج في البيت الأبيض

GMT 05:54 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

المخرج الكوري والسعودية: الكرام إذا أيسروا... ذكروا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السنوار السياسي البراغماتي السنوار السياسي البراغماتي



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 16:11 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"
 العرب اليوم - أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

تحالفاتُ متحركة

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 04:01 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6 درجات يضرب تايوان ويخلف 15 مصابا

GMT 13:20 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

كريم عبد العزيز يتّخذ قراره الأول في العام الجديد

GMT 13:09 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

بعد 22 عاما محمد سعد يكشف سرّاً عن فيلم "اللي بالي بالك"

GMT 13:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

محمد منير يواصل التحضير لأعماله الفنية في أحدث ظهور له

GMT 08:47 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

جائزة هنا.. وخسارة هناك

GMT 09:11 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط بين إرث بايدن وتأثير الترمبية

GMT 09:12 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عاد ترمب... الرجاء ربط الأحزمة

GMT 09:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

لفائف لا مجلّد

GMT 09:15 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

حماس تخطف اللحظة والصورة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab