قمة الكبار ومسؤولياتها الجسيمة

قمة الكبار ومسؤولياتها الجسيمة

قمة الكبار ومسؤولياتها الجسيمة

 العرب اليوم -

قمة الكبار ومسؤولياتها الجسيمة

بقلم - أمل عبد العزيز الهزاني

دول العشرين الأكبر والأكثر تأثيراً في اقتصاد العالم، تجتمع كل عام مدركة أهمية عملها في الاستقرار المالي والاقتصادي حول العالم، وتقدم مساهماتها في حل المعضلات، خصوصاً التي تشوب المجتمعات النامية والدول المهمشة والفقيرة. هذا المنهج الدوري اختلف هذا العام بشكل كبير؛ فمع طرح ملفات مهمة مثل تمكين الإنسان، رجلاً كان أو امرأة، وحماية كوكب الأرض من التردي بفعل الملوثات التي حبست الغازات الدفيئة وتسببت في ذوبان الجليد في كلا القطبين، وما تبع ذلك من عواقب تكوين الأعاصير والمداد البحرية التي أضرت بكثير من المدن والقرى الساحلية.. كل هذه الأهداف كانت أجندة تم العمل عليها وفق آلية منظمة خلال العام الذي ترأست فيه المملكة العربقية السعودية مجموعة دول العشرين الكبار، الذين يمتلكون ثلاثة أرباع اقتصاد العالم، ويتحكمون في التجارة العالمية. لكنه عام استثنائي، بسبب أن العالم لا يزال يمر، ومنذ بداية العام الحالي 2020، بجائحة «كورونا» التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ الإنساني، إذ ساعدت وسائل النقل السريع على انتشار المرض في كل كوكب الأرض، وفي وقت وجيز، بعكس الحالات الوبائية السابقة التي كانت محدودة جغرافياً إلى حد بعيد.

العمل على أجندة القمة الخامسة عشرة لدول مجموعة العشرين كان يصعب فصله عن موضوع جائحة «كورونا»، لأنها، وبشكل مباشر، أثرت سلباً على اقتصاد العالم. وحتى نتخيل ماهية التأثير بشكل أوضح فيمكن تقسيمها إلى مراحل؛ الأولى كانت بداية الجائحة، حيث ساد الذعر مساحات واسعة ودولاً كثيرة مع الانتشار السريع للمرض، وفي هذه المرحلة التي يمكن أن أحددها بالفترة ما بين شهر يناير (كانون الثاني) حتى مايو (أيار)، كانت الفترة التي أغلق فيها الاقتصاد في معظم دول العالم بسياسات إغلاق حددتها كل دولة. وهي الفترة الحرجة نفسياً وصحياً، وهذا ما دعا العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في 26 مارس (آذار) إلى عقد قمة افتراضية لزعماء دول العشرين، وهي خطوة غير مسبوقة، لأجل الحث على دعم وتعزيز الجهود الدولية لتوفير الموارد الطبية والاختبارات والفحوصات، لتشمل الدول الضعيفة تنموياً، التي لا يستطيع نظامها الصحي توفير الرعاية الطبية اللازمة لشعوبها. كان لدول العشرين دور مهم وجوهري في المساهمة بفعالية في إنقاذ ما يقارب 700 ألف إنسان من التعرض لخطر الموت، وضخت ما يزيد على 10 مليارات دولار لتوفير الإمدادات الطبية، و11 تريليون دولار لإنعاش الاقتصاد العالمي، وكذلك لتحفيز العمل البحثي لتطوير لقاح آمن في أقرب وقت ممكن. المرحلة الثانية بدأت متزامنة مع الأولى منذ بداية الإغلاق، وحتى تقريباً نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، حيث بدأ الاقتصاد ينتعش قليلاً بعد إعادة مزاولة النشاط الاقتصادي، لكن خلال هذه الفترة كانت الحاجة ماسة لأن تقدم دول مجموعة العشرين ما تستطيع لتحجيم الأضرار الاقتصادية على الدول النامية بشكل خاص، التي تأثرت من خلال توقف الأعمال، وارتفاع نسبة البطالة والديْن العام، وتأثر العملية التعليمية في غياب نظام تقني متكامل يسمح باستمرار التعليم خلال استحالة ذهاب الطلبة لمدارسهم خوفاً من العدوى.

المرحلة الثالثة التي كانت تبث الأمل رغم كل هذه الصعوبات، هي الحديث حول اللقاح، والتنافس المحموم لإنتاج لقاح فعال وآمن، وهو ما بدأنا نستشعره منذ نهاية أكتوبر وحتى اليوم، مع تطلعات كبيرة وتفاؤل أكبر من منظمة الصحة العالمية حول فاعلية أكثر من لقاح من أكثر من دولة لوضع حد لهذه الأزمة. وإن افترضنا أن اللقاحات تأمنت وأصبحت متاحة، فإن دول العشرين تعهدت بالتوزيع العادل للقاح ليصل إلى كل إنسان من دون تمييز وبسعر ميسر، وهو ما أضفى كثيراً من الشعور بالاطمئنان على الدول الفقيرة، إيذاناً بإنهاء هذا الكابوس الذي أزّم الوضع الاقتصادي حتى على مستوى الدول ذات الاقتصاد المستقر.

قمة العشرين في الرياض عُقدت افتراضياً، لكن هذا الأمر لم يعق الأفكار والمبادرات والعمل الحثيث المتواصل منذ عام في مجمل الملفات، وخرجت بتوصيات كثيرة أهمها التزامها بالاستمرار في كبح الانهيار الاقتصادي، واستعادة نشاطه خلال الفترة المقبلة، مع ضمان استدامة استقراره، حتى أنها علقت دفع مديونية الدول المستحقة الدفع حتى يونيو (حزيران) من عام 2021، وقد يُنظر في تمديد المدة.

هذا العام كان استثنائياً بكل المقاييس، لكن الرياض كانت مستعدة لحمل هذه الملفات حتى قبل القمة، وليس فقط لأجل القمة، لأنها عملت عليها منذ أربعة أعوام كجزء من إصلاحاتها الداخلية، مؤمنة بأن هذه الإصلاحات هي أساس العيش الكريم للإنسان، ومن منطلق تجربتها الناجحة، تحدثت بثقة عن مبادرتها لمكافحة الفساد العالمي، وأهمية التعاون الدولي للحد من هذه الآفة التي لا نستطيع فصلها عن الإرهاب الذي يتغذى من المال القذر. كما أن للسعودية تجربة فريدة في التعليم، فتكاد تكون من الدول القليلة في العالم، التي واصلت العملية التعليمية مستخدمة أحدث الأساليب التقنية للوصول إلى أكثر من 4 ملايين وخمسمائة طالب، في الوقت الذي سجلت فيه الجهات الصحية نجاحات كبيرة في التصدي لملفات الجائحة، ولا تزال المملكة تسجل أعداداً أقل في الإصابة والوفيات، مع إتاحة الفحوصات والعلاج المجاني. كما كان لملف تمكين المرأة النصيب الأوفر في القفزات التي تحققت بفعل «رؤية 2030» الشهيرة.

الحقيقة إنها ظروف استثنائية مر بها العالم، لكنها بالنسبة للسعودية، كانت تجربة فريدة، بالعمل على جبهتين؛ تقديم مبادرات وحلول متعلقة بأجندة رئاستها لقمة العشرين، بالتزامن مع التنسيق مع الجموع والحشد الدولي للخروج ببيان رئاسي متفق عليه، يمثل طوق نجاة للعالم الذي سيخرج من الجائحة واهناً موجوعاً، ينتظر من يأخذ بيده للوقوف مجدداً.

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمة الكبار ومسؤولياتها الجسيمة قمة الكبار ومسؤولياتها الجسيمة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab