تركيا وقطر والصعود إلى الهاوية

تركيا وقطر والصعود إلى الهاوية

تركيا وقطر والصعود إلى الهاوية

 العرب اليوم -

تركيا وقطر والصعود إلى الهاوية

بقلم : أمل عبد العزيز الهزاني

دبلوماسية المملكة العربية السعودية نموذج نادر يستحق البحث في دراسة أكاديمية معمقة. هذا التماسك أمام أحداث مستفزة تشعل القلب غضباً، والتأني والتشاور وقراءة المستقبل بشكل براغماتي صادق مع النفس، كلها سلوكيات من الصعب جداً اتباعها أمام خيارات عدة، قد تلجأ لها الرياض دون حتى أن تكون في مرمى الملامة.

لن أتحدث عن إيران، فالحشد الدولي ضدها كفيل بتلطيخ سمعتها السيئة أصلاً، ولم يعد هناك من يدافع عن السياسة الإيرانية، لكن هناك من ينحني لها علّ شرورها تمر بسلام.

لكن لنتحدث عن تركيا، البلد الذي كان صديقاً لدول الخليج، قبل أن تصبح جماعة «الإخوان المسلمين» ركناً أساسياً في مشروع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لقيادة العالم الإسلامي، أي قبل بزوغ نجم الجماعة في 2011 ثم أفوله في 2013، ولاختلاف المملكة مع تركيا حول دور الجماعة في تاريخ العرب الحديث، وطموحاتها التي لا تختلف كثيراً عن الأجندة الإيرانية، اتخذت أنقرة الرياض عدواً، وليس عدواً فقط، بل أصبحت طرفاً في نزاع، وخصماً على ما تظنه حصتها من المنطقة.

خلال ستة أعوام كيف كانت السياسة التركية مع السعودية؟

أولاً: احتضنت على أراضيها مطلوبين سعوديين متهمين بالتخابر والتواطؤ ضد مصالح المملكة.

ثانياً: فتحت مكاتبها وقنواتها لإعلاميين وكُتّاب سعوديين معارضين للدولة بعد أن قامت قطر بشراء ذممهم للكتابة ضد النظام السعودي.

ثالثاً: انحازت لقطر في الأزمة الخليجية بحكم العلاقة التي تربطهما والأهداف المشتركة، رغم أن الحكومة السعودية أطلعت الجانب التركي على أسباب المقاطعة.

رابعاً: أنشأت قاعدة عسكرية تركية في قطر، ظاهرها تخويف قطر من جيرانها، وباطنها ابتزاز النظام القطري بمزيد من الأموال.

خامساً: انحازت إلى إيران فيما يخص العقوبات الاقتصادية عليها، وصرح الرئيس إردوغان أكثر من مرة بأن النظام الإيراني نظام صديق ولا يقبل فرض عقوبات عليه.

سادساً: قامت بشراء النفط الذي يسرقه تنظيم «داعش»، مستغلة انخفاض سعر برميل النفط المسروق، غير عابئة بأن تمويل التنظيمات الإرهابية هو استعداء لكل دول المنطقة.

سابعاً: أصبحت حاضنة لجماعة «الإخوان المسلمين» الذين عاثوا فساداً في ليبيا ومصر والخليج والأردن والسودان.

ثامناً: خططت لبناء قاعدة عسكرية قبالة شاطئ البحر الأحمر في السودان من خلال اتفاقية مع نظام عمر البشير البائد، لاستئجار جزيرة سواكن.

تاسعاً: محاولاتها المستمرة لتدويل فريضة الحج، وإثارة هذه القضية أكثر من مرة لأنها لا تزال تمني نفسها بالماضي الذي كانت تضع يدها فيه على الأماكن المقدسة قبل تأسيس الدولة السعودية.

عاشراً: الحشد ضد المملكة في قضية مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي، رغم أن القضية قيد التحقيق، وهي معقدة ولها أطراف من بينها الحكومة التركية نفسها التي رفضت تسليم ما لديها من أدلة.

حادي عشر: اتهامها المملكة بالتقارب مع إسرائيل وهي التي اتفقت مع توجه واشنطن بوجود سفارتها في القدس، وتتمتع بعلاقات تجارية كبيرة وبينهما ما يقارب عشر اتفاقيات أمنية وعسكرية.

ثاني عشر: توجيه نقد للسعودية لتوقيفها ناشطين وناشطات متهمين بالتخابر مع دول أخرى، ونائب الرئيس التركي يبشر شعبه بفتح المزيد من السجون لتكون أكبر سعة لأكثر من نصف مليون سجين!

كل ما فعلته تركيا ضد المملكة هو استعداء صريح، ولم يعد سراً أن الحكومة التركية تعمل مع نظام الحكم في قطر للحشد ضد المملكة في أي موضوع أو حدث يحصل فيها أو عنها. وقطر تهاجم لتشغل العالم عن سوآتها، وسلسلة طويلة من العمليات التي تنكشف للرأي العام تباعاً فيما يخص دفع نظام الدوحة للرشى إلى مؤسسات وهيئات رياضية، وشراء ذمم مراكز بحثية ومثقفين. ونسمع كما حصل مؤخراً تحقيقات جارية في الولايات المتحدة للبحث في شأن أموال قطرية دخلت خزائن مراكز بحثية يفترض أن دورها حاضنات للتفكير وإسداء الرأي، وبالتالي ستتلاعب بدورها في التأثير على صنع القرار. قطر تتصدر الدول الداعمة للإرهاب، علاقتها المتينة بـ«حزب الله» و«الحشد الشعبي» وتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، ودعم المتمردين في كل الدول لتجعل من نفسها شرطي المنطقة العربية ولمحاولة السيطرة على حكامها ومسؤوليها، من خلال ما يظهر أنها جمعيات خيرية ومؤسسات تعليم. آمال واسعة بدأت بالتآمر مع نظام العقيد القذافي وتأكيدها له أن الدولة السعودية زائلة خلال سنوات قليلة، مبشرة بإعادة إحياء دولة الخلافة العثمانية وتتويج قطر سيدة للخليج العربي.

شكراً لأحلام اليقظة التي جعلتنا نقرأ النيات. لكن لنعُد إلى الواقع حتى لا نتوه بين أروقة الأمنيات.

تركيا تئن اقتصادياً، ورئيسها أصبح منبوذاً ليس من الأكراد أو حزب الشعب الجمهوري، من خصومه المعروفين، بل من أعز وأقرب أصدقائه الذين انفضوا من حوله بعدما طغت غطرسته ولم يعد يرى سوى نفسه. إن أردتم، لاحظوا كيف استقبل السودانيون رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في نيويورك خارج مبنى الجمعية العامة، بالكثير من الهتافات والحب، وقارنوها بإردوغان الذي دخل مبنى سفارته من الخلف وهو ينظر شزراً إلى تجمعات من الأتراك رفعت شعارات تدينه وتهاجمه.

تركيا وقطر حلف معزول. تركيا كادت تجن بعد زيارة وزير الخارجية السعودي إبراهيم العساف إلى قبرص واعتبرتها استعداء! رغم أنها دولة معترفة بها دولياً، ومن الاتحاد الأوروبي خاصة، والجزء القبرصي التركي لا أحد يعترف به سوى أنقرة، لكنها لم تعتد على أن يكون للمملكة رد فعل يتضاد مع سياستها.

الحقيقة أن للسعودية أكثر من ورقة، وهي أكثر تأثيراً في محيطها، ولعل تركيا تنظر للقفل الذي يحيط بقطر، وماذا فعلت من أجل أن تلف العالم بحثاً عن مفتاح، وتتخذه عبرة.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا وقطر والصعود إلى الهاوية تركيا وقطر والصعود إلى الهاوية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
 العرب اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab