مرحلة التحصين ضد غزوة الفيروس

مرحلة التحصين ضد غزوة الفيروس

مرحلة التحصين ضد غزوة الفيروس

 العرب اليوم -

مرحلة التحصين ضد غزوة الفيروس

بقلم - أمل عبد العزيز الهزاني

التخوف الحاصل بسبب تحوّر فيروس «كورونا» الذي أطلق عليه اسم SARS - CoV - 2 تخوف مبرر؛ نظراً لتوقيت حدوثه الذي تزامن مع بشائر إنتاج اللقاح وتوزيعه. لكن في الواقع، المخاوف مبالغ فيها لسبب بسيط، وهو أنَّ تحور الفيروس لم يتوقف أصلاً منذ اكتشافه قبل عام، وبالتالي هي عملية حيوية طبيعية ستستمر مثلما يحصل مع فيروس الإنفلونزا، ولقاحه الذي يتجدَّد تبعاً لتحور الفيروس المسبب. الطفرات أو التحولات سلوك طبيعي لكل الكائنات الحية، الهدف الأساسي منه هو التكيف من أجل النجاة. لكن نسبة وقوع التطفرات ضئيلة بشكل عام يتراوح متوسطها ما بين 1 إلى مليون، إلى 1 إلى 10 مليارات فرد في الجماعة، لكن هذا المدى الواسع تحكمه عوامل أهمها طبيعة الكائن الحي. والفيروسات عموماً من أكثر الكائنات الحية تطفراً، نظراً لعدم ثبات مادتها الوراثية، أي الجينات، ولأنها تفتقر عموماً إلى آلية إصلاح الطفرات التي عادة ما تحمي الكائنات الأخرى من نجاح التحور.

في الحالة التي أمامنا، وهي فيروس «كورونا»، فإنَّ اللقاحات التي تم تصنيعها ناجعة بشكل كبير، وأغلب الدراسات المنشورة تذكر أنَّ التحولات التي لحقت بجينات الفيروس ليست ذات أهمية تذكر، وأنَّ اللقاح يمكن أن يحتويها. لكن ما يهم ذكره في هذا الجانب، أنَّه لو حصلت في المستقبل طفرات تؤثر على قوة اللقاح فإنَّ التعديل عليه لا يعني أنَّنا سنبدأ من الصفر، لأنَّ الشفرة الوراثية للفيروس أصبحت معلومة، والكشف عن مكامن الطفرات أمر سهل لأن النسخة الأصلية موجودة ويمكن المقارنة بها، وتحديد موقع وتأثير التحول وبالتالي التعديل على اللقاح الذي تم تصنيعه من الشفرة الوراثية نفسها.

هذا من الناحية العلمية. أما من جهة البدء في تلقي اللقاح في بعض دول العالم ومن أولها المملكة العربية السعودية فقد بدأ وفق نظام إلكتروني متصل بمركز المعلومات، أي أنَّ تسجيل طلب اللقاح وتتبع أخذ الجرعتين لكل مواطن أو مقيم سيكون ذلك موثقاً في ملفه الشخصي لدى الدولة. وهذا أمر مهم ليس فقط للحكومة التي تتابع عن كثب سير عملية التطعيم، وتجتهد للوصول إلى تطعيم بنسبة 70 في المائة من السكان لتكون قد حققت ما يسمى المناعة المجتمعية، لكن أيضاً هذه البيانات تهم كل فرد، لأنَّها شهادة له أنه ليس مصدراً للخطر على الآخرين ولا على نفسه، وهذا ما سيشجع الحكومة لتخفيف الاحترازات خاصة المتعلقة بالسفر إلى الخارج. السفر من أبرز الأضرار التي لحقت بالناس، سواء كان الهدف منه العلاج أو الدراسة أو العمل أو حتى الاستجمام، وربط السفر بالحصول على وثيقة تثبت تلقي صاحبها لجرعتي اللقاح هو جواز سفر آخر ملزم للمغادرة. لكن في الوقت الراهن، من المهم أن تكون عملية التطعيم محكمة الإغلاق، أي من دون تدخل عوامل أخرى ومنها السفر للخارج. إغلاق مرحلة التطعيم يعني محاصرة الفيروس بالتحصين، ليكون بعد ذلك ضعيفاً ويختفي مع الوقت. أما رغبة الدخول للمملكة خاصة لهدف العمل فهو أمر معمول به منذ فترة ويتم فحص القادمين من دون إرباك، كما ويمكن للعائدين الانضمام للحشود التي تسجل طلب اللقاح وتنتظر دورها.

قد تكون بداية التطعيم شابها بعض المخاوف وتردد الكثير في تسجيل الطلب، لكن مع ظهور قيادات الدولة وعلى رأسهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وهو يتلقى الجرعة الأولى، كان دافعاً لتسجيل الكثير من المواطنين والمقيمين، وشهدت الفترة الأخيرة ارتفاعاً في تسجيل الطلبات صاحبه زيادة عدد الذين تلقوا الجرعة الأولى، وخلال أسبوع ستبدأ مرحلة تطعيم الجرعة الثانية. الأمور تسير حتى الآن بوتيرة جيدة جداً، رغم التحدي الكبير الذي يواجه الحكومة لتوفير حوالي 22 مليون جرعة، وقد يكون من خلال لقاح فايزر الذي بدأنا به أو اللقاحات المعتمدة الأخرى. ومن وجهة نظري أرى أن من الأفضل تنويع اللقاحات باستخدام لقاح شركة موديرنا وأسترازينكا من أكسفورد، لأنها بمجموعها أثبتت كفاءتها، وحتى تكون عملية التطعيم من أكثر من لقاح أكثر فاعلية.

من يسكن السعودية واستخدم التطبيق الإلكتروني للتسجيل ثم ترشح لأخذ الجرعة وذهب إلى مركز التطعيم، سيشهد عملاً مذهلاً غير مسبوق من حيث الحفاوة والتطمين والتنظيم والتدقيق وسرعة الإنجاز. عمل كبير تقوم به وزارة الصحة لم أرَ له مثيلاً حتى في الدول المتقدمة.

شخصياً، عندما دخلت لمركز أخذ اللقاح لفت نظري أنَّ غالبية العاملين من السعوديين، ومعظم هؤلاء السعوديين من النساء، سواء في الاستقبال أو التمريض. التساؤل الذي خطر لي؛ ماذا لو لم يتم الاستعانة بهذا العدد الكبير من الموظفات في مثل هذا الظرف؟ الأكيد أن الدولة ستضطر لجلب موظفين من خارج المملكة للاستعانة بهم وهو أمر مكلف، والأكيد أن هؤلاء الفتيات سيكتسبن مزيداً من المهارات في ظل هذه الجائحة. استراتيجية المملكة الجديدة بتمكين المرأة في مجال العمل، فتح بيوتاً تقوم على مرتبات هؤلاء الموظفات، وجعل منهن شريكات في دعم وخدمة الناس في هذا الوقت الحساس. هذا هو التصويب الكبير الذي حصل للمرأة السعودية في هذا العهد، بدلاً من أن تظل عاملاً معطلاً، أو تلاحق وظائف التعليم التي أتخمت بمن فيها.

في حالات كثيرة الأزمات تصنع فرصاً، والمحن تقدم حلولاً، لمن يقتنصها.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرحلة التحصين ضد غزوة الفيروس مرحلة التحصين ضد غزوة الفيروس



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab