بقلم: حمد الماجد
ما الذي يجنيه حزب «بهاراتيا جاناتا» اليميني المتشدد الحاكم في دلهي، من تدوين تغريدات مسيئة مستفزة لملياري مسلم، أي حوالي ربع سكان العالم؟ بل ويهدّد بفوضى طائفية، وأحداث عنف دينية دموية في الهند التي اشتهر مسلموها بحبهم الجارف والعاطفي جداً للنبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وعُرف متطرفوها الهندوس بالاستمتاع باستفزاز مسلمي الهند، وما الهجوم على مسجد البابري التاريخي وهدمه، وإقامة معبد هندوسي على أنقاضه عنا ببعيد؟ ولو دافع عنهم أحد بحجة أن هذا شيء طبيعي وسائغ في الهند، أكبر الديمقراطيات في العالم، فلماذا الإساءة للنبي محمد رمز المسلمين الأكبر فقط، من دون المساس برموز الديانات والطوائف التي تعج بها شبه القارة الهندية؟ والتساؤل الأخير ليس تلميحاً إلى الإساءة إلى رموز الديانات الأخرى، إطلاقاً؛ بل السؤال محاولة لفهم ما يجري؛ ليس في الهند فقط؛ بل حتى في العالم الغربي الذي تعززت فيه مواقع اليمين المتشدد، لدرجة صدور الإساءة للدين الإسلامي وتشريعاته من مسؤولين كبار، وليس من وسائل إعلامية فحسب؛ بل وصلت إلى حد حماية الأمن الحكومي المدجج بالسلاح لموتورٍ في بلد غربي، أعلن في «التواصل الاجتماعي» عن موعد ومكان حرق نسخة من القرآن الكريم.
السؤال هو: لماذا يصر «بعض» الزعامات الغربية على اعتبار أن الإساءة إلى الإسلام ونبيه وإحراق كتابه المقدس، أحد مظاهر حرية التعبير المكفولة للجميع؟ ولماذا هذا «الجميع» لا يدخل فيه من يطرح تساؤلات حول المحرقة النازية؟ وهي مجرد تساؤلات ونقد موضوعي، ليس فيها إساءات ولا قذف؟
لماذا إصرار «بعض» الزعامات الغربية والشرقية على الدفاع عن المسيئين للإسلام ورموزه وتشريعاته؟ وما فائدة ذلك وهم أول من يدرك أن هذه الانتقاصات هي السكين الحادة التي تشق السلم المجتمعي، وتوغر الصدور، وتحفز المتشددين المسلمين وتزيد تطرفهم؟
هل مثل هذه الاستفزازات من قذف وإحراق مصاحف، عمل ممنهج من اليمين الغربي أو الشرقي المتطرف، لاستفزاز المتطرفين من المسلمين في الهند، وحتى في الدول الغربية، لكي تمهد الطريق وتهيئ المناخ المناسب لمزيد من التضييق، واستصدار قرارات وسن قوانين ضد الأقليات المسلمة، كما حدث مؤخراً في دولة غربية؛ حيث استغلت ردود فعل غير قانونية لمسلمين متشددين ضد استفزازات اليمين الغربي المتشدد، فسهلت إجراءات نزع الجنسية عند ارتكاب مخالفات؟
لقد بُحت أصوات العقلاء عرباً وعجماً، مسلمين ومسيحيين ويهوداً، هندوساً وبوذيين، ومن كل الملل والنحل الذين طالبوا بالتنديد بثقافة الكراهية، وما تسببه من إساءة للرموز الدينية، وتدعو الحكومات الغربية والشرقية إلى سن قوانين تجرّم ثقافة الكراهية، وهذا ما أشارت إليه الحكومة السعودية، ذات الثقل الديني والسياسي الدولي، في بيانها القوي والمتوازن الذي أدانت فيه تصريح المتحدثة باسم حزب «بهاراتيا جاناتا» الهندي، وأكدت المملكة رفضها المطلق المساس برموز الدين الإسلامي، وأيضاً المساس بالشخصيات والرموز الدينية كافة.