«على خطى المتنبي» كيف تحولت الفكرة كتاباً

«على خطى المتنبي»... كيف تحولت الفكرة كتاباً؟!

«على خطى المتنبي»... كيف تحولت الفكرة كتاباً؟!

 العرب اليوم -

«على خطى المتنبي» كيف تحولت الفكرة كتاباً

بقلم - تركي الدخيل

كيف تنشأ فكرة كتابٍ عند مؤلفه؟! الأكيد أن ثمة دوافع قد تبدو ثانوية قادت بعض المؤلفين لتأليف كتبهم، وبعض هذه الكتب بلغ من التأثير مبلغاً لافتاً، في فن التصنيف، أو عند أهل الزمن الذي وضع فيه الكتاب، أو من بعدهم.

كان سبب تأليف «صحيح البخاري» أن البخاري كان حاضراً درس شيخه إسحاق بن راهويه، الذي قال لطلابه: لو جمع أحد هذه الأحاديث الصحيحة. فوقعت الفكرة في قلب محمد بن إسماعيل البخاري، وصنَّف كتابه «الجامع الصحيح»، الشهير بصحيح البخاري. أما «موطأ مالك» فإن الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور، وكان عالماً، قال لمالك بن أنس: يا أبا عبد الله، لم يبقَ في الأرض أعلم مني ومنك، وقد شغلتني الخلافة، فضع للناس كتاباً ينتفعون به، ووطّئه للناس توطئة. أي اجعله سهلاً يسيراً للناس. قال مالك: فوالله لقد علمني التصنيف يومئذ. التقط مالك فكرة المنصور وصنَّف «الموطأ».

وناقش قوم ياقوت الحموي في اسم موضع يقال له «حباشة»، ورأي ياقوت أنه بضم الحاء، وأصرّ خصمه عناداً بلا دليل على أنه بفتح الحاء، فقاد هذا النقاش البيزنطي من جانب من لا علم لديه ياقوتاً ليضع كتابه «معجم البلدان».

وفي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2008، دعا الدكتور زياد بن عبد الرحمن السديري عدداً من الأكاديميين والأدباء لحضور فعاليات منتدى والده الأمير عبد الرحمن السديري للدراسات السعودية بالجوف، شمال المملكة، وكان الدكتور عبد العزيز بن ناصر المانع، والدكتور محمد الهدلق، مِن بين مَن وجّهت لهم الدعوة. ويحكي الدكتور الهدلق - رحمه الله - أن المدعوين اطلعوا على معالم أثرية في دومة الجندل (اسم الجوف التاريخي): «ثم اصطحبنا الدكتور السديري بالحافلة إلى زيارة عدد من المزارع النموذجية الواقعة في سهل منبسط، يدعى (بُسيطة)، وأثناء التجوال في ذلك السهل، ذكر الدكتور زياد أن هذه الأرض الخصبة هي التي ذكرها أبو الطيب المتنبي في أبيات له، نظمها أثناء هروبه من مصر إلى العراق، عندما قال:

بُسَيطَةُ مَهلاً سُقيتِ القِطارا تَرَكتِ عُيونَ عَبيدي حَيارى

فَظَنّوا النِعامَ عَلَيكِ النَخيلَ وَظَنّوا الصِوارَ عَلَيكِ المَنارا

فَأَمسَكَ صَحبي بِأَكوارِهِم وَقَد قَصَدَ الضِحكُ فيهِم وَجارا».

ويكمل الهدلق: «أما أنا فردَّدت مع الدكتور زياد هذه الأبيات التي كنت أحفظها وانتهى الأمر بالنسبة إليّ عند هذا الحد. أما صديقي وزميلي الدكتور عبد العزيز المانع فقد قدحت هذه الأبيات في خاطره فكرة، ما لبث أن أحسن اصطيادها ثم تنفيذها، وهي تتبع خط سير المتنبي، في هروبه من مصر، كما دوّنها في قصيدته الشهيرة، التي مطلعها:

ألا كل ماشية الخيزلى فدى كل ماشية الهيدبى».

كان حديث السديري عن «بُسيطة»، بالنسبة للدكتور المانع، مثل حديث إسحاق بن راهويه للبخاري، وحديث المنصور لمالك بن أنس، وجدال من لا علم لديه مع ياقوت الحموي... إنها الفكرة عندما تقدح في ذهن المؤلف، فيتصور من جملة عارضة، فصول الكتاب، وبعض حواشيه، وربما حجم ونوع الورق الذي سيطبع عليه!

إن الفكرة التي يقذف بها شخص ما، فتتحول خطة الكتاب الأولية عند من يستمع إليه، تشبه إلى حد كبير، ما جاء في الحديث: «رُبَّ حامِل فقه إلى من هو أفقه منه».

عاد القوم إلى الرياض، وعاد المانع بكتاب بدأ العمل عليه في ذهنه، وموضوعه ليس أدبياً، ولا هو تحقيق مخطوطة لكتاب من كتب التراث، بل هو بالإضافة إلى ذلك، عمل جغرافي وتاريخي، وهو لا يقتصر على بحث يمكن أن ينجزه الباحث من مكتبه، بل هو عمل يتطلب الوقوف على خط سير الرحلة، التي تمتد لمسافة 2000 كيلومتر، وتمر عبر 5 دول. هي مصر، والأردن، وسوريا، والسعودية، والعراق.

الدكتور المانع، المولود في مدينة شقراء وسط السعودية في عام 1943، أستاذ اللغة والأدب بجامعة الملك سعود، ما هو بغريب على أبي الطيب، ولا المتنبي بالغريب عليه، إذ من بين عشرات كتب التراث التي حققها المانع، كتاب ابن جني «الفسر الصغير في تفسير أبيات المعاني في شعر المتنبي»، وكتاب الزوزني «قشر الفسر»، وهو نقد لشرح ابن جني المتقدم، وكتاب ابن معقل الأزدي المهلبي «المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي».

وللحديث تتمة.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«على خطى المتنبي» كيف تحولت الفكرة كتاباً «على خطى المتنبي» كيف تحولت الفكرة كتاباً



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025

GMT 03:24 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

قتلى وجرحى في انفجار لغم أرضي شرقي حلب

GMT 01:13 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

جليد القطب الشمالي يسجل أصغر مساحة منذ 46 عاماً

GMT 03:46 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

ارتفاع حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي لـ23 شخصًا

GMT 12:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (103) رحيل الحبر الأعظم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab