هل كان المتنبي فظاً

هل كان المتنبي فظاً؟!

هل كان المتنبي فظاً؟!

 العرب اليوم -

هل كان المتنبي فظاً

بقلم:تركي الدخيل

ويتَّهمون المتنبي (رحمه الله تعالى)، أنَّه كان فظاً، غليظَ القلب، تنفضُّ الناسُ من حوله، وينفضُّ نقادُه ومتلقوه من نرجسيتِه، التي جعلته لا يرى إلا نفسَه، ويحتقر الخلقَ، من الأولين والآخرين، فيراهم دونه!

وهذا الفهمُ السَّقيم، هو آفةُ من لم يقرأ القولَ الصحيح، إلا بالعيب فيه!

قال لي بعضهم: هل يملك المتنبي في شعره حنينَ الشعراء، وهو الفظّ الغليظ القلبِ المتكبر على الناس؟

هديتَ الخير، المتنبي ليس كذلك، ولم يكن كذلك، لا بل وأزعمُ في طول دربتي به، واجتهادي في شعره، أنَّه كانَ في المحلِ الأرفع من: «الحنين الرقيق»، وهو ما لم أجد من نبَّهَ عليه من قبل.

هذا الذي يتَّهمونه بالغلظة، والتكبر، والتعالي، وحبّ الذات، وازراءِ الناس، هو الذي يقول، وهاكه دليلاً على خلاف ذلك:

لَولَا المُحَسَّدُ بلْ لولا الحُسينُ لَمَا

رأيتُ رأيي بِوَهْنِ العَزْمِ مُخْتَلِطَا

هَذا هَوَايَ وذا ابني خُطَّ مَسْكِنُ ذا

بِمِصْرَ والشَّام ألقى دائماً خِطَطَا

وَلِي مِن الأَرضِ مَا أُنْضِي رَوَاحِلَهُ

عُمْري لقد حَكَمَتْ فينا النَّوى شَطَطَا

يَا قاتَلَ اللَّهُ قَلبي كيفَ يَنْزِعُ بي

أمَا أُرَى مِن عِقَالِ الهَمِّ مُنْتَشِطَا؟!

فهو يحبهما، أي «محسَّد»، و«الحسين»، على نأيهما عنه، بمصرَ والشام، فتحكم عصا الترحال فيه بالنوى شططاً، وذلك من الرَّقة بمكان أرفع، وهو الذي يقول، متحنناً للراحلين عنه، وسط حزنه على الفراق، وهل يحزن على الفراق من يتكبر، ولا يرى إلا نفسه؟

وأَعْلَمُ أَنَّ البَينَ يُشْكِيكَ بَعْدَهُ

فَلَسْتَ فُؤَادِي إِنْ رَأَيتُكَ شَاكِيَا

فَإِنَّ دُمُوعَ العَينِ غُدْرٌ بِرَبِّهَا

إِذَا كُنَّ إِثْرَ الغَادِرِينَ جَوارِيَا

المتنبي يقطر رقةً وترققاً، وهو ينظم حنينه، فيجيء بما لا يستطيعه سواه من الشعراء، الذين سبقوه وعاصروه وتلوه، وها أنت الحكم فاقرأ له أو أسمع أو أكتب بخطك:

وَمَا عِشْتُ مِنْ بَعدِ الأحِبّةِ سَلوَةً

وَلَكِنّني للنّائِبَاتِ حَمُولُ

وَإنّ رَحِيلاً وَاحِداً حَالَ بَيْنَنَا

وَفي المَوْتِ مِنْ بَعدِ الرّحيلِ رَحيلُ

إذا كانَ شَمُّ الرَّوحِ أدْنَى إلَيْكُمُ

فَلا بَرِحَتْني رَوْضَةٌ وَقَبُولُ

وَمَا شَرَقي بالمَاءِ إلاّ تَذكّراً

لمَاءٍ بهِ أهْلُ الحَبيبِ نُزُولُ

فما هذه الروح المتحنّنة، التي تحتمل النائباتِ، وترى الرحيلَ هو الموت التالي، وتجد في شمّ الراحلين الروح ممَّا يبقيها في الرياض والقبول، فلا يشرق بالماء إلا عندما يتذكّر به ماءً كان ينزل فيه أهلُها، وذلك معنى لا أظن أن أحداً سبق أبو الطيب إليه.

أَرواحُنا اِنهَمَلَت وَعِشنا بَعدَها

مِن بَعدِ ما قَطَرَت عَلى الأَقدامِ

لَو كُنَّ يَومَ جَرَينَ كُنَّ كَصَبرِنا

عِندَ الرَحيلِ لَكُنَّ غَيرَ سِجامِ

فما هذه الرقة الحانية الحنينة، وما هذه السلاسة في وصف حنين الأرواح للمفارقين؟ لا يستعبر للفراق، إلا الذي بقلبه حنين الأحبة، وأزعمُ أنَّ من في قلبه كلُّ هذا الحنين، لا يحمل صفةَ النرجسية والغلاظة والفظاظة بتاتاً!

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل كان المتنبي فظاً هل كان المتنبي فظاً



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
 العرب اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab