لو أنني خيرت كل فضيلة

لو أنني خيرت كل فضيلة

لو أنني خيرت كل فضيلة

 العرب اليوم -

لو أنني خيرت كل فضيلة

بقلم - تركي الدخيل

كان لي جار حَسَنُ الخَلقِ والخُلُق، يمتد حُسنه إلى إحسانه للناس. كان أنيقاً في مظهره، راقياً في تعامله، ندياً في إحسانه للغير. لا تكاد تخطئ بين فينة وأخرى، إعداده للعطايا بأشكالها المختلفة، لمن يستحقها. يتفنن في تغليفها، كما لو كان يغلف هدية من يرجو فضله، ويُقدم العطايا بلطفٍ وسعادة، تُذَكرُكَ ببيت زهير بن أبي سُلمى، الذي قيل عنه: أمدح بيت للعرب وهو:
تَرَاهُ إِذَا مَا جِئتِهُ مُتَهَللاً
كَأَنَكَ تُعطِيهِ الذِي أَنتَ سَائِلُه
ونقل الثعالبي (ت 429 ه) عن الصاحب بن عباد (ت 385 ه)، أن أمدح بيتٍ؛ قول البحتري (ت 280 ه):
دَنَوْتَ تَواضُعاً وعَلوتَ مَجْدَاً
فَشَأنَاكَ انْحِدارٌ وَارْتِفَاعُ
كَذاكَ الشمْسُ تَبعدُ إنْ تَسامَى
وَيَدْنُو الضوْءُ مِنْهَا والشُعَاعُ
وبيتُ الوأواء الدمشقي (ت 370 ه):
من قاسَ جُودَكَ بِالغَمَامِ فَمَا
أَنْصَفَ فِي الحُكمِ بَينَ شَكلَينِ
أَنتَ إِذَا جُدْتَ ضَاحِكٌ أَبَداً
وَهوَ إِذا جَادَ دَامِعُ العَيْنِ
وقول أبي الطيب المتنبي:
تَمشي الكِرامُ على آَثَارِ غيرِهمُ
وأَنتَ تَخلُقُ مَا تأتِي وتَبتَدِعُ
ومن أطايبِ أبي الطيب، قوله:
الناس ما لم يروك أشباه
والدهر لفظ وأنت معناه
والجود عين وأنت ناظرها
والبأس باع وأنت يمناه
إن كان فيما نراه من كرم
فيك مزيد... فزادك الله
ومن بديع شعر المديح والثناء، قول كُشاجم (ت 360 ه):
شَخَصَ الأَنَامُ إِلى كَمَالِكَ فاستعذ
مِن شَرِ أَعيُنِهِم بِعَيبٍ واحدِ
وقيل: إن أمدح بيت قالته العرب، قول أوس بن مغراء (ت 55 ه):
ما بلغتْ كف امرئٍ متناولٍ
من المجد إلا والذي نلت أطولُ
ولا بلغ المهدون في القول مدحة
وإنْ أطنبوا إلا الذي فيك أفضلُ
ولغيرهم أمدح بيت قولُ الأعشى (ت سنة سبع للهجرة):
فتى لو يبارى الشمسَ ألقتْ قناعها
أو القمرَ الساري لألقى المقالدا
وقيل قول الحطيئة (ت 45 ه):
أولئك قومٌ إنْ بنَوا أحسنوا البُنى
وإن عاهدوا أوفوْا وإن عقَدوا شدوا
وإن كانت النعماءُ فيهم جزوا بها
وإن أنعموا لا كدروها ولا كدوا
وقال أبو تمام (ت 228 ه): لا أعرف أحداً أحسنَ صنعة في الترديد من قوْلِ زُهير:
مَنْ يَلْقَ يوماً على عِلاتِه هرِماً
يَلْقَ السماحة منهُ والندَى خُلُقا
ولا شَكَ أن العرب فاقوا غيرهم في المديح والثناء على كرم السجايا، وجميل الخصال، وهو أمرٌ ثابتٌ، ولو كان دافعه عن البعض تسابق الشعراء على عطايا الأمراء والملوك.
أما في الإحسان، فمن عظمته أن لا شرط فيه لنوعٍ، ولا كمية، ففضله متحقق بالقليل، وبِطلاقة الوجه، وبالابتسامة، والبذل منه لا يقتصر على المال، وتحضرني لفتة شائقة حدثني بها صديق، إذ كان ابنه مهتماً بالمستجدات التقنية، وأصبح مرجعاً بتفاصيلها في العائلة والحي، فقال له والده: يا بُني إن بذْلك علمك وجهدك وشرحك لغيرك ما لا يتقنه في الهواتف الذكية والبرامج الإلكترونية، صنف عظيم من صنوف الكرم والإحسان وبذل الخير للناس، فأقبل عليه بمحبة، وأنعم بقول الشاعر المتقدم:
لَو أَنني خُيرتُ كُل فضيلة
مَا اخترتُ غيرَ مَكَارِمِ الأخلاقِ

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لو أنني خيرت كل فضيلة لو أنني خيرت كل فضيلة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:15 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
 العرب اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 13:23 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"
 العرب اليوم - رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 العرب اليوم - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025

GMT 20:36 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إسعاد يونس تتمنى أن يجمعها عمل مسرحي بشريهان

GMT 10:43 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة البيتكوين تقترب من 90 ألف دولار بعد انتخاب ترامب

GMT 10:41 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يفقد أرنولد أسبوعين ويلحق بموقعة ريال مدريد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab