وَقَدْ يَكُونُ مَعَ المُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ

وَقَدْ يَكُونُ مَعَ المُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ

وَقَدْ يَكُونُ مَعَ المُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ

 العرب اليوم -

وَقَدْ يَكُونُ مَعَ المُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ

بقلم : تركي الدخيل

 

وَمِنَ الأَبْيَاتِ السَّائِرَةِ، وَذَهَبَتْ أَمْثَالًا، لِمَا فِيهَا مِنَ الحِكْمَةِ، قَوْلُ الشَّاعِرِ:

والنَّاسُ مَنْ يَلْقَ خَيـْراً قَائِـلُـونَ لَهُ مَا يَشْتَهِي ولِأُمِّ المُخْطِئِ الهَبَلُ

قَدْ يُدرِكُ المُتَـأَنِّي بَـعْضَ حَاجَتِهِ وقَدْ يَكُونُ مَعَ المُسْتَعْجِلِ الزَّلَـلُ

هَذَانِ البَيْتَانِ لِلشَّاعِرِ الأُمَوِيِّ الكَبِيرِ، القَطَامِيّ، وَيَصِحُّ فَتْحُ القَافِ وَضَمُّهَا فِي القُطَامِيّ، وَهُوَ لَقَبٌ يَعْنِي الصَّقْر، وَالشَّاعِرُ هُوَ أبُو سَعِيدٍ؛ عُمَيرُ بن شُيَيمِ بنِ عَمْرٍو التَّغْلِبِيُّ (ت 130هـ)، شَاعرٌ أمويٌّ فحلٌ، اشتُهِرَ بالغَزلِ، فَكَانَ أوَّلَ مَنْ لُقِّبَ بصَرِيعِ الغَوَانِـي، وكَانَ نَصْرَانِيّاً فَأَسْلَمَ، وَهُوَ مِنَ الشُّعَرَاءِ الذِينَ ذُكِرَ تَمَيُّزُهُمْ وَتَقَدُّمُهُمْ فِي الشُّعَرَاءِ الإِسْلَامِيّينَ، وَهُمْ الشُّعَرَاءُ الّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلَامِ، مُنْذُ النُّبُوَّةِ وَحَتَى نِهَايَةِ الدَّوْلَةِ الأُمَوِيَّةِ، حَيْثُ تَنْتَهِي حِقْبَةُ الإِسْلَامِيّينَ.

قَوْلُهُ: المُخْطِئ: الذِي أَخْطَأَهُ الغِنَى.

والهَبَلُ: الثُكْلُ هُنَا. وَقَوْلُهُ: (وَلِأمّ المُخْطِئِ الهَبَلُ): دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِأنْ تَثْكَلَهُ أُمُّهُ. وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ هَبِلَتْكَ أُمُّكَ.

وَمِمَّا سَبَقَ إِلَيْهِ المُرَقِّشُ الأَصْغَرُ، قولُهُ:

وَمَنْ يَلْقَ خَيْراً يَحْمَدِ النَّاسُ أَمْرَهُ وَمَنْ يَغْوِ لَا يَعْدَمْ عَلَى الْغَيِّ لَائِمَا

نَقَلَ الخَلِيلُ بنُ أَحْمَدَ فِي (العَيْن) قَوْلَهُمْ: مَا قَالَتِ العَرَبُ بَيْتاً أَعْيَر مِنْ بَيْتِ المُرَقِّشِ.

وَأَعْيَرُ: أيْ أَسْيَر، وَقَصِيدَةٌ عَائِرَةٌ: سَائِرَةٌ.

قِيلَ: أَخَذَ القُطَامِيُّ بَيْتَ المُرَقِّشِ، فَقَالَ:

والنَّاسُ مَنْ يَلْقَ خَيـْرًا قَائِـلُـونَ لَهُ مَا يَشْتَهِي ولِأُمِّ المُخْطِيء الهَبَلُ

قَالَ الحَاتِمِيُّ: «وَهَذَا البَيْتُ أَشْهَرُ وَأَسْيَرُ وَأَخَصُّ».

وَمَعْنَى بَيْتِ القُطَامِيِّ السَّابِقِ: أنَّ الإِنْسَانَ إذَا كَانَتْ أُمُورُهُ فِي خَيْرٍ، قَالَ النَّاسُ لَهُ مَا يَرْغَبُ وَيَتَمَنَّى، طَمَعاً فِي خَيْرِهِ، أوْ مُجَامَلَةً لَهُ. أمَّا مَنْ لَا يُصِيبُهُ الخَيْرُ فَيُخْطِئُ فِي إِصَابَتِهِ وَبُلُوغِهِ، فَقَدْ دَعَا عَلَيْهِ الشَّاعِرُ بِقَوْلِهِ: لِأُمِّهِ الهَبَلُ، أيْ الثُّكْل، أيْ أنَّ سُوءَ حَظّهِ، سَيَمْتَدُّ لِتَفْقِدَهُ أُمُّهُ وَتَثْكَلَهُ. وَقَولُهُ:

قَدْ يُدرِكُ المُتَـأَنِّي بَـعْضَ حَاجَتِهِ وقَدْ يَكُونُ مَعَ المُسْتَعْجِلِ الزَّلَـلُ

يُريدُ أنَّ صَاحِبَ الأَنَاةِ يَنَالُ بِأَنَاتِهِ غَرَضَهُ وَحَاجَتَهُ، وَيَدْفَعُ الاسْتِعْجَالُ صَاحِبَهُ إلَى مَزَالِقِ الزَّلَلِ، فَيَتَجَاوَزُ إدْرَاكَ مُبْتَغَاهُ، بِمَا كَانَ عَلَيهِ مِنْ زَلَلٍ.

وعَدَّ ابنُ طَباطبَا العَلَوِيُّ، البَيْتَينِ القُطَامِيَيْنِ، مِنْ الأَشْعَارِ المُحكَمَةِ في (عِيَارِ الشّعْر).

قَالَ الجَاحِظُ فِي رِسَالَتِهِ فِي الجِدِّ وَالهَزْلِ:

«والأنَاةُ أبْلَغُ فِي الحَزْمِ، وأبْعَدُ مِنَ الذَّمِّ، وأحمَدُ مَغَبَّةً، وأبْعَدُ مِنْ خُرقِ العَجَلَة. وَقَدْ قَالَ الأَوَّلُ: عَليكَ بالأنَاةِ؛ فإنَّكَ عَلَى إيقاعِ ما أنتَ مُوْقِعُهُ أقْدَرُ مِنْكَ عَلَى رَدِّ مَا قَدْ أوْقَعْتَه». فَقَدْ أَخَطَأ مَنْ قَالَ:

قَدْ يُدرِكُ المُتَـأَنِّي بَـعْضَ حَاجَتِهِ وقَدْ يَكُونُ مَعَ المُسْتَعْجِلِ الزَّلَـلُ

بَلْ لَوْ قَالَ: والمتأني بِدركِ حاجاتِه أَحَقُّ، والمستعجلُ بفَوتِ حَاجَاتِه أَخْلَقُ، لَكَانَ قد وَفَّـى المَعنَى حَقَّهُ، وأَعْطَى اللَّفْظَ حَظَّهُ، وإِنْ كَانَ القَولُ الأوَّل موزوناً والثَّاني مَنثُوراً».

وَقَولُ الشَّاعِرِ فِي البَيْتِ: (بَعْضَ) حَاجَتِه، شَرَحَهُ الزَّجَّاجُ فِي (مَعَانِي القرآن)، فَقَالَ:

«إنَّمَا ذَكرَ البَعْضَ ليوجبَ لَه الكُلّ، لَا أنَّ البعضَ هُوَ الكُلّ، وَلكنْ للقَائِلِ إذَا قَالَ أَقَلَّ مَا يكونُ للمتَأنِي إدراكُ بعضِ الحَاجَةِ، وأقلَّ ما يكونُ للمستعجلِ الزَّللُ، فقد أبانَ فضلَ المتأنِّي علَى المُسْتَعْجِلِ، بمَا لا يقدرُ الخَصمُ أن يَدفعَهُ».

قَالتِ العَرَبُ: العَجَلُ بريدُ الزَلَل.

وللنَّابِغةِ الذُّبْيَانِيُّ، قَولُهُ:

الرِّفْقُ يُمْنٌ وَالْأَنَاةُ سَعَادَةٌ فَاسْتَأْنِ فِي رِفْقٍ تُلَاقِ نَجَاحَا

arabstoday

GMT 17:22 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

استقبال الجديد في المواطنة وبناء الدولة

GMT 17:18 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

ذهاب جيد فكيف تكون العودة؟

GMT 17:16 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

حرية الصحافة.. أيام لها تاريخ!

GMT 17:14 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

أسئلة وألغاز «بلبن»

GMT 06:25 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

زيارة سعوديّة مفصليّة لطهران

GMT 06:19 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

فصح حزين على ما يجري للأمة وفلسطين

GMT 06:15 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

مدهش أم مثير

GMT 06:09 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

إيران وخداع التسريبات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وَقَدْ يَكُونُ مَعَ المُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ وَقَدْ يَكُونُ مَعَ المُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:42 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

زيلينسكي يعلن موقفه من هدنة "عيد الفصح"
 العرب اليوم - زيلينسكي يعلن موقفه من هدنة "عيد الفصح"

GMT 01:47 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

صلاح دياب كاتبا

GMT 02:59 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

الخاسر الأكبر من النزاع في السودان

GMT 12:16 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

ثلاثة مسارات تغيير في الشرق الأوسط

GMT 00:02 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

بعد 50 عامًا

GMT 06:25 2025 الأحد ,20 إبريل / نيسان

زيارة سعوديّة مفصليّة لطهران

GMT 19:28 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

فضل شاكر يطلق أغنيته الجديدة “أحلى رسمة”

GMT 07:25 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

مي كساب تستأنف تصوير "نون النسوة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab