تركيا واستنساخ الميليشيات الإيرانية

تركيا واستنساخ الميليشيات الإيرانية

تركيا واستنساخ الميليشيات الإيرانية

 العرب اليوم -

تركيا واستنساخ الميليشيات الإيرانية

سلمان الدوسري
بقلم - سلمان الدوسري

ربما هي الحالة الوحيدة في العالم، مقاتلون يتركون بلادهم وهي في حالة حرب، ليتوجهوا لدولة أخرى للمشاركة في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، والفضل في ذلك للدولة التي ترعاهم، تركيا، حيث قررت استغلالهم وإرسالهم للقتال في ليبيا. ثلاثة آلاف مقاتل سوري (حتى الآن) من كتائب الحمزة والمعتصم وصقور الشام وفيلق الشام وفرقة السلطان مراد وغيرها، غالبيتهم بلا أوراق ثبوتية، أرسلتهم أنقرة من غازي عنتاب جنوب تركيا إلى إسطنبول ثم مباشرة إلى ليبيا للقتال هناك مقابل رواتب شهرية، وبعد أن استخدمتهم تركيا في حربها ضد الأكراد شمال سوريا، جاء الدور هذه المرة لتوسيع نطاق استخدام هؤلاء المرتزقة ليتجهوا إلى القارة الأفريقية، تحت ضغط وتهديد تركي بإيقاف الدعم عنهم وعن قادتهم إن هم رفضوا الانصياع لها. يقول محمد، أحد ضُباط جيش الإسلام (إحدى الجماعات المتطرفة)، في طرابلس لمجلة «جون أفريك» الفرنسية: «في بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) استدعت القوات التركية مجموعة من القادة الرئيسية للفصائل السورية لحضور اجتماع روتيني في غازي عنتاب، بيد أن المجلس العسكري لم يكن في هذه المرة مجلساً للحديث عن سوريا. كان جميع قادة المتمردين يشعرون بالذهول.

لم يسمح لنا الأتراك بمحاربة النظام السوري في منطقة إدلب، إلا أنهم كانوا يطالبوننا هنا بالقتال في ليبيا»! لاحظوا أن هذا يحدث رغماً عن قرارات الأمم المتحدة ومقررات مؤتمر برلين، وما خرج به المؤتمرون من زعماء العالم من توصيات ملزمة بمنع التدخل العسكري المباشر في الأزمة الليبية، إلا أن الحكومة التركية واصلت إرسال آلاف المرتزقة بعد الأسلحة في خرق فاضح للقانون الدولي.

لماذا يستنسخ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التجربة الإيرانية، بتأسيس ميليشيات ويقذف بها في أتون الحروب ومغامراته العسكرية المتعددة؟ من الواضح أن إردوغان لا يستطيع إرسال جيشه إلى ليبيا، فاستبداله إياهم من خلال المرتزقة لخشيته من الداخل التركي الذي يضغط باتجاه إدخال البلاد في مغامرات أضرارها أكثر من منافعها، لذلك هو يجد الحل في تأسيس تلك الميليشيات من أفراد اعتمد عليهم في الحرب الطويلة في سوريا، فينفذ مغامراته من جهة، ولا تسجل خسائرهم عليه إذا ما قتلوا في ساحة الحرب الليبية من جهة أخرى. نقول إنها استنساخ للتجربة الإيرانية ذاتها، باعتبار أن إردوغان يعتمد على سياسة الاستقواء وفرض الأمر الواقع على إرادات الدول والشعوب التي تعاني من الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار، وهي نفس السياسة الإيرانية في إنشاء واستخدام ميليشياتها في الدول العربية، ثم يغطي إردوغان كل ذلك بشعارات جوفاء ودوافع إنسانية مكشوفة، يتم ترويجها ببروباغندا فجة عبر مناصريه من جماعة الإخوان المسلمين في كل مكان، ويا للخسارة يفعلون ذلك حتى على حساب دولهم سواء في سوريا أو ليبيا، لا يهم احتلال بلادهم، فالآيديولوجيا من يحكم لا الولاء للوطن.

كان العالم يعول على مؤتمر برلين ليشكل فرصة بالغة الأهمية للتوصل، على الأقل، إلى إيقاف مؤقت للحرب الليبية، إلا أن تركيا وعلى الرغم من حضورها ضربت عرض الحائط بمقررات المؤتمر، وواصلت إرسال الأسلحة والمرتزقة والميليشيات طمعاً في فرض سياسة الأمر الواقع. ربما تعتقد تركيا أنها ستحاكي إيران في نجاح تجربتها الميليشياوية، إلا أنها تغفل عن ضريبة عالية المخاطر لكل دولة تستخدم النموذج الميليشياوي في تنفيذ أجندتها، وكما أن إيران تحترق بفعل عملائها وأدواتها الخارجة عن القانون، فإن النظام التركي بأكمله يضع نفسه أيضاً في ذات الخطر، فنار الميليشيات تأكل نفسها إذا لم تجد ما تأكله.

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا واستنساخ الميليشيات الإيرانية تركيا واستنساخ الميليشيات الإيرانية



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
 العرب اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس

GMT 19:51 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 2.7 درجة يضرب الضفة الغربية فى فلسطين

GMT 11:50 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يكشف سبب غياب نيمار عن التدريبات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab