من يقف أمام هيمنة «الواتساب»

من يقف أمام هيمنة «الواتساب»؟!

من يقف أمام هيمنة «الواتساب»؟!

 العرب اليوم -

من يقف أمام هيمنة «الواتساب»

بقلم - سلمان الدوسري

كم كانت لافتة ومعبرة سخرية تطبيق التراسل الفوري «تليغرام»، من عملاق تطبيقات المراسلات « واتساب»، بعد فرض الأخير شروطاً جديدة تنتهك الخصوصية، ونشر «تليغرام» عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، مقطع فيديو لـ«رقصة الموت» الشهيرة، مرسوماً عليها طلب الموافقة على سياسات «واتساب» الجديدة التي أثارت جدلاً عالمياً واسعاً، خوفاً على سلامة بيانات المستخدمين، بسبب هذه الخطوة المثيرة للجدل التي وصفها المحللون بأنها انتهاك صارخ للخصوصية، لمشاركته البيانات بشكل غير مسبوق مع شركة «فيسبوك» الأم.
أتت خطوة «الواتساب» هذه متزامنة مع حرب أخرى تقودها كبريات شركات التقنية، ممثلة في «تويتر» و«فيسبوك» و«آبل» و«غوغل» و«يوتيوب» التي قررت الدخول في معركة شرسة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعد تعليق وحذف حساباته، وكذلك منع أي وجود له في منصاتهم. ومن دون الدخول في جدل ما إذا كان ترمب يستحق ذلك من عدمه، بعد حادثة اقتحام مبنى الكونغرس والاتهامات الموجهة إليه بدعوته غير المباشرة للتمرد، فإن الأهم أن كل ذلك تم بجرة قلم من تلك الشركات، وليس بحكم قضائي يبرر خطوتها، وهو ما دفع المستشارة الألمانية التي لم تكن أبداً على علاقة طيبة مع ترمب، للقول إن المشرعين - وليس الشركات الخاصة - هم من يتعين عليهم اتخاذ القرارات بشأن وضع أي قيود ضرورية على حرية التعبير. وهنا يحق لأي شخص بسيط مستخدم للتطبيقات هذه أن يسأل نفسه سؤالاً منطقياً: إذا ما كان عمالقة التقنية فعلوا ذلك مع رئيس أكبر دولة في العالم، ومنعوه من التواصل مع 88 مليون شخص يتابعونه بين عشية وضحاها، فماذا عن المستخدم البسيط؟ كيف سيتم التعامل معه؟ وهل سيتم الأخذ بمخاوفه أم سيتم سحقها؟! الإجابة معروفة بكل تأكيد.
اليوم جميع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أمام معضلة كبرى؛ فمن جهة اعتادوا على تلك التطبيقات في تعاملاتهم اليومية وتواصلهم مع أصدقائهم وعائلاتهم، ومن جهة ثانية هم عرضة لانتهاك خصوصياتهم واستغلالها بشكل سيئ بلا حول لهم ولا قوة، فلا هم يستطيعون الاستغناء عن التطبيقات، ولا هم قادرون على الاستمرار مع تطبيقات تستبيح خصوصياتهم لدرجة الابتزاز، وهو الدور الذي أغفلته الحكومات منذ فترة طويلة من عدم بحثها عن بدائل لتلك التطبيقات التي ربما يكون لها تأثير حتى على الأمن الوطني، بجمعهم مليارات المعلومات الحساسة عن المستخدمين. ألم تحظر الولايات المتحدة أي معاملات أميركية مع شركتي «بايت دانس» الصينية التي تمتلك تطبيق الفيديوهات القصيرة «تيك توك»، و«تنسنت» مالكة تطبيق المراسلة «وي تشات»، واصفة التطبيقين بأنهما يمثلان «تهديدات كبيرة». وقبل أيام قرر البيت الأبيض حظر المعاملات المالية ودفع أموال من خلال ثمانية تطبيقات صينية، والسبب اتهامها بإمكانية استخدامها لتتبع وجمع معلومات دقيقة عن موظفين فيدراليين في حكومة الولايات المتحدة. ووفقاً للخطوة الأميركية فيمكن لتطبيقات البرامج المتصلة الصينية الوصول إلى كميات هائلة من المعلومات عن المستخدمين وجمعها، بما في ذلك معلومات شخصية حساسة والبيانات الخاصة، وهو أمر وارد للغاية، إذن ما الذي يمنع التطبيقات الأخرى التي نستخدمها من فعل الشيء نفسه؟!
في ظل التطور التقني الذي يجتاح العالم، يمكن القول إن الحكومات تأخرت كثيراً في قيامها بإنشاء تطبيقاتها الخاصة للتواصل الاجتماعي، وسمحت لشركات التقنية العالمية الكبرى بالتحكم فيها واقتحام خصوصيات مواطنيها. بالطبع الانتقال إلى تطبيقات مشابهة مثل «تليغرام» أو «سيغنال» ليس حلاً مثالياً بقدر ما هو حل وقتي، فخطوة « الواتساب» بشأن اختراق الخصوصية قادمة من التطبيقات الأخرى لا محالة، وليس أمام الحكومات والجامعات ومراكز الأبحاث والشركات المتخصصة إلا توسيع دائرة تطبيقات التواصل الاجتماعي، بدلاً من ترك العالم عرضة لعدد محدود من وسائل التواصل الاجتماعي تتحكم في مليارات البشر، تعرف أدق التفاصيل عنهم، عن ملبسهم ومشربهم وعلاقاتهم وسلوكياتهم الشخصية، ناهيك عن خطرها الأكبر على أمنهم القومي، ومع ذلك فإنهم عاجزون عن القيام بأي خطوة لغياب البديل المناسب، لذلك فمن دون قيام الحكومات بحماية مواطنيها بتوفير تطبيقات متعددة للتواصل الاجتماعي تقوم بالدور نفسه، فإننا سنجد أنفسنا تحت رحمة شركات التقنية الكبرى بشكل أسوأ وأخطر مما يحصل حالياً.

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يقف أمام هيمنة «الواتساب» من يقف أمام هيمنة «الواتساب»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab