الدرس السعودي ما بعد «كورونا»

الدرس السعودي... ما بعد «كورونا»

الدرس السعودي... ما بعد «كورونا»

 العرب اليوم -

الدرس السعودي ما بعد «كورونا»

بقلم - سلمان الدوسري

مع بدء السعودية أمس المرحلة الأولى من حملة التطعيم بلقاح فيروس «كورونا المستجد»، ابتدأت الانفراجة الحقيقية لأزمة الوباء في المملكة، بعد ما يقارب 11 شهراً من معاناة عالمية غير مسبوقة، لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية، روعت البشرية وخنقت اقتصادات العالم، وفعلت ما لم تفعله حتى الحروب، وإذا كانت السعودية سجلت نفسها من أوائل الدول في العالم التي تمنح مواطنيها والمقيمين فيها اللقاح مجاناً، فإنها ستكون أيضاً من أوائل الدول التي تبدأ بالتخلص من هذه الجائحة، فيما لا تزال دول كثيرة متقدمة تعاني الأمرّين للسيطرة على انتشار الوباء بين سكانها قبل المضي في حملة التطعيم. سعت المملكة في استراتيجيتها لمكافحة فيروس «كورونا المستجد» (كوفيد 19) لأن تجري في إطار نهج قائم على حقوق الإنسان، ضمن مسارين متوازيين يتمثلان في مكافحة الوباء والحد من انتشاره من جهة، ومعالجة الآثار المترتبة عليه أو على التدابير الاحترازية المتخذة للحد من انتشاره على حقوق الإنسان من جهة أخرى.
الدرس السعودي الذي لا يستطيع أحد إلا النظر إليه بإعجاب، هو إعادة تعريف مفهوم حقوق الإنسان، بعيداً عن التعريفات الغربية النمطية التي يفترض أن تؤمن بها الشعوب وكأنها كلام منزل، فهذا المفهوم تعرض للتشويه طويلاً وحُصر في حقوق الإنسان السياسية وحدها، ثم نكتشف أن حقوق الإنسان في المحافظة على حياته وقت الأزمات والكوارث تقبع في آخر الصفحة، لذلك من الطبيعي أن مفهوم الدولة المستقرة وحماية مواطنيها من الأخطار المحدقة التي تتعرض لها، بعد «كورونا»، سيعاد تعريفه بطريقة تختلف كلياً عن المفاهيم السائدة، التي أثبتت أنها غير مثالية لكي يتم اعتبارها نموذجاً، ولو درسنا بموضوعية كيفية تعاطي دول غربية متقدمة مع الجائحة، لكانت النتيجة أنها فشلت فشلاً ذريعاً، ومرد ذلك أنها حصرت مفهوم حقوق الإنسان والحقوق الأساسية لمواطنيها في زاوية ضيقة، فلما أتت الجائحة ظهر أن هناك من الحقوق والاحتياجات ما هو أهم بكثير تم التغافل عنه، ألم تتعرض تلك الدول التي نظرت كثيراً في مفاهيم حقوق الإنسان إلى انكسارات عميقة في نظامها الاجتماعي، بسبب طريقة تعاملها مع «كورونا» منذ اليوم الأول، وهي التي لا تزال في دوامة الخروج من الجائحة؟ ومع ذلك فإن الطريق لا يزال طويلاً على دول متقدمة، بينما دول أخرى، مثل المملكة، كان ينظر إليها على أنها أقل قدرة على حماية حقوق الإنسان، ها هي تقدم نفسها نموذجاً دولياً رائداً، بعد نجاح تجربتها في حمايتها لحقوق الإنسان الحقيقية.
درس «كورونا» لفت أنظار العالم على حقيقة أن السعودية، وهي هنا لا تزعم أن تجربتها مثالية ولا مكتملة ولا متفوقة، ولا تدعي أن هذه التجربة يجب أن تكون نموذجاً للآخرين، باعتبار أن لكل دولة تجربتها الخاصة التي تناسب طبيعتها السياسية والاجتماعية، استطاعت في كل مرة أن تثبت، بفضل نظامها السياسي والاجتماعي، قدرتها على تجاوز أقسى العواصف وأسوأ الكوارث بأقل الأضرار، بعد أن تمكنت من ترسيخ مفهوم الدولة وقوة مؤسساتها وتكاتف شعبها مع النظام السياسي، ويمكن للعالم بأسره اليوم التفريق بين مَن تمكن مِن الحفاظ على حقوق الإنسان الحقيقية والأساسية، مهما كانت كلفته الاقتصادية، وبين من اهتز تعريفه لهذا المفهوم بشكل صادم، والسبب أن هناك من اختلطت عليه الأولويات، وفوق ذلك أراد أن يصدرها للعالم على أنها مقدسة وواجبة التنفيذ.
مرارة السعوديين الطويلة ومعاناتهم من مساعي فرض تعريفات مفاهيم حقوق الإنسان وفق المفاهيم الغربية، كلفتهم كثيراً وهم يستميتون لإثبات أنه ليس كل مفهوم غربي يناسب مجتمعهم، وأن ما يناسبهم ربما لا يناسب غيرهم، واليوم من حقهم أن يقطفوا ثمرة صبرهم وإصرارهم على مبادئهم ومواقفهم.
صحيح أن الضريبة كانت عالية في الوقوف أمام مد من محاولات فرض الوصاية لتطبيق مفاهيم بعينها، لكن النتيجة تستحق أن يقف السعوديون بإعجاب لبلادهم وأفعالهم تسبق أقوالهم، وأن مفاهيمهم لحقوق الإنسان تفوقت على من كانوا ينظرّون عليهم، فإن لم تحمِ هذه المفاهيم حق الإنسان في الحياة وحمايته من الكوارث والأزمات، فما فائدتها؟!

 

arabstoday

GMT 06:29 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 06:26 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 06:22 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نحن واللحظة الحاسمة

GMT 06:16 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... القول ما قالت «ندى» الجميلة!

GMT 06:14 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

المعادلة الصعبة في الشرق الأوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدرس السعودي ما بعد «كورونا» الدرس السعودي ما بعد «كورونا»



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 01:27 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني
 العرب اليوم - ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني

GMT 07:45 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يطلق صواريخ من لبنان ويصيب 19 شخصًا في وسط إسرائيل
 العرب اليوم - حزب الله يطلق صواريخ من لبنان ويصيب 19 شخصًا في وسط إسرائيل

GMT 10:43 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ميس حمدان تتحدث عن تطور السينما السعودية
 العرب اليوم - ميس حمدان تتحدث عن تطور السينما السعودية

GMT 03:26 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

بلينكن يطلب من إسرائيل السماح باستئناف التلقيح لأطفال غزة

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 17:43 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

كندة علوش تكشف عن طريقة خروجها من الكآبة

GMT 03:47 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن إسقاط طائرة مسيرة قادمة من لبنان

GMT 00:13 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرة مجهولة المصدر تسقط في الأراضي الأردنية

GMT 00:06 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية جديدة على النبطية في لبنان

GMT 02:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات إسبانيا إلى 158

GMT 03:40 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يتبرع بمليون يورو لضحايا إعصار دانا في إسبانيا

GMT 01:37 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب جزر الكوريل الجنوبية

GMT 03:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 08:15 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يكشف سبب حذف أغانيه

GMT 20:15 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتخاب محمود المشهداني رئيسا للبرلمان العراقي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab