رحلة وجع وفراق عمرها خمس سنوات

رحلة وجع وفراق عمرها خمس سنوات

رحلة وجع وفراق عمرها خمس سنوات

 العرب اليوم -

رحلة وجع وفراق عمرها خمس سنوات

* صالح المنصوب كاتب وصحافي يمني
بقلم : صالح المنصوب*

مضت خمس سنوات لكنها كانت حبلى بالمواجع مؤبده بالقهر من وجع الى وجع آخر ومن حزن الى حزن منذ ان استباح الانقلاب المشؤوم مناطقنا , حينها نزحت الاسرة وانا بعيداً عنهم  وكان اقسى خبر سمعته  ولا استوعب الصدمة والألم , لم اعود الى مسقط الرأس منذ ذلك الوقت الى اليوم واتخذت قرار ان لا اعيش مع من يقتل ويظلم ويصادر الحقوق والحريات .

بقيت وحيداً بعيداً عن الاسرة لشهور في عدن لم يلتفت لنا احد ممن كنا سندفع حياتنا ثمناً للدفاع عنهم سوى الصمت وعندما تحاول ان تزور مدينتك وتعود تجد من يمنعك من المرور في النقاط يزيدك قهراً بطلب الهوية في كل مرة تقصد فيها عدن والمنع احياناً لساعات لسبب  سخيف .
على هذا الحال بقينا شهور في عدن وشوارعها  ,تسكنك انات وتنهيدات البعاد والفراق عن اهلك واحبابك وزوايا منزلك ومزرعتك الصغيرة الذي ظلت عاقلة في الخيال .

بعدها عدنا الى مدينتنا التأريخية قعطبة الذي وطأت قدمي اروع القيادات التي لم ينساها اليمنيين شمالاً وجنوباً بالرغم من السنوات التي مضت سالمين والحمدي كانت قعطبة وجهتهم لتوقيع اتفاق تأريخي وتم التأمر وتصفيتهم قبل ان يتحقق ذلك حلمهم الجميل .

قعطبة المدينة التي تعيش حزن يومي ووجع لا يختلف عن وجعي فالنازحين من اطرافها من ابعدتهم القذائف والالغام وشبح الحرب الى قلبها , تجدهم يحكون ايامهم الجميلة فلا تتوقف تنهيداتهم , في المقيل تستوقفك حكايات وقصص تصاب بغصة عندما تتذكرها , ابن بعيداً عن ابيه واخ مشتاق لأخية والأقسى ان هناك من لايقدر كل ذلك التراكم من الوجع .

بقينا في مدينة الحب والتسامح التي لا ترفض احد وهي التي احتضنت مدارسها طلاب اصبحوا اليوم قيادات منهم من غادر الحياة ومنهم من هو باقي , يومياً نتفائل بإزاحة الكابوس عنا الذي اوجع كل اليمنيين منذ ذلك الانقلاب المشئوم لا تجد سوى شرعية مخزوقة بدون وعاء وحامل سياسي وعسكري موحد تقود البلد الى المجهول وتصرفات تمكن الإماميين الجدد من البقاء .

اعلن عن وفاة أبي فكانت صدمة كسرتني ودمرت حلمي حينها  أن اراه بعد سنوات من الغياب , حرمت حتى من المشاركة في جنازته كما حرمت من أمي من قبل , كانت كل لحظة اتذكر الموقف تنهمر الدموع وتحكي تفاصيل الوجع والقهر الذي يسكن داخلي , كنت اتمنى ان ارى أبي , لكننا حرمنا ومثلي الكثير من حرموا من جنازات ابائهم وفي قلوبهم حكايات تبكي لها كل الأرض .

زملاء واصدقاء كان اهتمامهم كبير للتخفيف من الوجع والحزن الاكبر عنا لكن القلب ناراً متقده على ما حل بنا , كان صوت  شقيقة أمي تبكيني كلما اسمعها وهي التي ترعاني بدعواتها وتشفق عليا اكثر من كل الكون , نتبادل الحزن معاً بين يوم وآخر , وبالبعد عنها استوطن الحزن بداخلي , يضاف الى ذلك رحيل من احب قلبي من اصدقاء كنت اتوق لرؤيتهم كانوا جزء من حياتي .

مرت سنوات ونحن نعيش كل تفاصيل الوجع والقهر في مدينة قعطبة التي تتقاذفها امواج الصراع فلا تعرف لها مرفأ , وفي المقيل اليومي مع نازحين من قرى ومناطق مختلفة كلاً يحكي تفاصيل تبكي لها كل الأرض هناك من فقد الأب واخر الاخ والصديق في هذه الحرب ولم يتوقف العزاء اليومي .

مرت الأيام واعلن عن مناسبة زواج قطعة من قلبي وغادر الجميع الى مسقط الرأس وتركت وحيداً اعيش مرارة الفراق وقتل الفرصة التي كنت اتمناها للمشاركة في المراسيم  فتمت بغيابي و الذي تولى ذلك عمومتها حفظهم الله وانا البعيد بين الفرح والحزن  كلما اتذكر الموقف انهار وانكسر ألف مرة ,  وكلما اتصل تأتي غصة في حلقي وتحولت المراسيم من الى حزن استوطن بداخلي .

هذا جزء بسيط من قصة وجع ونزوح وتشرد عمرها خمس سنوات قضت على سعادتنا وبددت الكثير من احلامنا وتبقى حلمنا الاخر هو رؤية من نحب فلم يعد لنا غير الذكريات الجميلة التي لم تزيح عنا غبار الواقع الحزين الذي صنعته لنا الحرب الملعونة من طرقات مقطوعة وانفلات وفوضى وخراب صنعته اجندات تريد لليمن الخراب .

* صالح المنصوب كاتب وصحافي يمني

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحلة وجع وفراق عمرها خمس سنوات رحلة وجع وفراق عمرها خمس سنوات



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab