إعادة ترتيب الأوراق

إعادة ترتيب الأوراق

إعادة ترتيب الأوراق

 العرب اليوم -

إعادة ترتيب الأوراق

بقلم - سوسن الشاعر

المشروع الذي يعنينا في هذه الفوضى التي تعمُّ العالم هو المشروع الذي يستهدف مواردنا الطبيعية، وما يحدث في أميركا وأوروبا ليس شأناً داخلياً لا يعنينا بل هو يسير في ذات السياق.

الأحزاب التي عملت على تفتيت منطقتنا بالموجة الأولى من الربيع العربي مستخدمة الأدوات التي بتنا نعرفها، وهي تمكين جماعات وأقليات عربية بمساندة دول إقليمية كانت ستكافأ بأسهم في التركة.

هي ذاتها التي تقف وراء الجموع الغاضبة في الولايات المتحدة، والتي لاقت صداها في أوروبا والثائرة ضد الظلم والاضطهاد والاستعباد والرق والعنصرية، ولا نعلم إن كانت تلك الجموع تعلم أنها تدفع وتؤيد من قبل أحزاب سياسية غربية، تسعى لاستهداف شعوبنا العربية للنيل من مواردنا الطبيعية، وأنهم سيكونون إحدى أدوات ذلك المشروع بعد الصعود على أكتافهم.

لا أدري إن كانوا على علم بأنهم يساعدونها لتحقيق ذات الأهداف التي يناهضونها الآن، أي عبر آفات الظلم والاستبداد والعنصرية والاضطهاد التي يثورون عليها، فلن تستولي تلك الأحزاب على تلك الموارد باتفاقيات مشروعة كالموجودة الآن، فحروب الموارد الطبيعية تزداد ضراوة بين الدول، وهم يرون الاتفاقيات الحالية مع دولنا مجحفة، هم يريدون أن يستولوا عليها بالطريقة العراقية والليبية، من خلال خونة الأمة العربية وأعوانهم كما حدث في العراق وكما حدث في ليبيا. أدوار تدميرية ما قامت وتقوم به أحزاب وتنظيمات مثل الإخوان المسلمين وحزب الدعوة.

الأحزاب التي رسمت لنا شرقاً أوسط جديداً هي من يساند الفوضى الأميركية والأوروبية بأدواتها التي تملكها، وعلى رأسها الإعلام الموجه والقوى العابرة للحدود، هي من يدفع للمزيد من تلك الفوضى للعودة للسلطة بعد أن تعرضت لخسائر فادحة في مواقعها بسبب ضعفها أمام التيار الوطني، والذي أطلقوا عليه شعبوياً والذي اكتسحها عبر الانتخابات.

أستبعد جداً أن تكون تلك الجموع الغاضبة على إدراك ووعي بالمحركات الرئيسية وأهدافها وبحجم الاستغلال والتوظيف لغضبها، لا على المستوى المحلي ولا على المستوى الدولي.

بمعنى أن هذا الأفريقي الأميركي الذي يصرخ في وجه شرطة نيويورك، ويجعلها تركع على قدميها تطلب الاعتذار عن ظلمها واضطهادها، أو ذلك الذي يعتدي على الشرطة البريطانية أو يقذف الحجارة على الشرطة الفرنسية، وهذا الذي أسقط التاريخ الأميركي أو الأوروبي وداس عليه، يعتقد أنه سينهي عصر الاستبداد والظلم بمحاربته الأنظمة الحالية التي تضطهده واضطهدت الشعوب المستضعفة في أفريقيا واستعبدته، ولا يعلم أن من يسانده ويدفعه للشارع ويسانده إعلامياً ويقف معه ويصفق له ويقدم له الدعم لديه مشروع أكثر ظلماً واستبداداً، ومشابه لما قام به في أفريقيا سابقاً إنما لـلشرق الأوسط هذه المرة؟ وعبر هذه الفوضى سيكمل المشروع.

لا أعتقد أن هذه الجموع التي تهتف ضد الاستعباد لديها علم بأن من يدعمها عينه على الموارد الطبيعية في منطقتنا، ومشروعه جاهز وقد شرع به وبدأه، ويريد بعودته للسلطة بمساعدة هذه الجموع أن يكمله وينهيه على حساب ملايين البشر، الذين سيقتلون وسيشردون وسيهجرون.

بالمقابل دعونا نحن أيضاً لا ننسى أننا نواجه هذه الأحزاب بالأساس، فلا ننظر تحت أقدامنا فقط، فما النظام القطري إلا واحد من عدة أدوات له، ومقاطعته وإن أضعفت هذه الأداة، لكنها لم تمنعها من الاستمرار بمساعدة الأدوات الأخرى في إكمال مشروعهم، وأن دولاً كتركيا وإيران والقوى العابرة للحدود كالمنظمات ووسائل إعلام واتصال هي تلك الأدوات، لذلك ستستمر تركيا وإيران بلعب دورهما وستتلقى المزيد من المساعدات النقدية من قطر لاستكمال مشروعهما.

ودعونا لا ننسى أن روسيا لم تستطع أن تتغاضى عن رغبتها في نيل حصتها من ذلك التقسيم، فدخلت على الخط في سوريا وفي ليبيا منافسة لتركيا هناك ومزاحمة لإيران، فلن يتم الاستيلاء على موارد هذه المنطقة من دون إسقاط أنظمتها وانهيار الدولة، ومن ثم التعامل مع مجموعة ميليشيات تأخذ السلاح مقابل بيع الأرض وما عليها.

هذا ما حدث في العراق وسوريا وليبيا واليمن، وفشلت الجولة الأولى في مصر والبحرين، ولكنهما ما زالتا مستهدفتين ولن تستثنى دولة عربية من الاستهداف.

إذن لنرتب أوراقنا من جديد، ونتذكر من هو خصمنا الأساسي، وليتذكر أن تلك الفوضى الأميركية والأوروبية يقف وراءها «اليسار» بأحزابه وتياراته ومنظماته وأدواته، وأن قطر وتركيا وإيران والإخوان وحزب الدعوة كلهم جميعاً ما هم إلا أوراق في ذات اللعبة، فتلكن عيننا على الرأس لا على الأذناب.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعادة ترتيب الأوراق إعادة ترتيب الأوراق



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab