بقلم - سوسن الشاعر
كريس مورفي السيناتور الديمقراطي يلتقي بوزير الخارجية الإيراني ظريف سراً في ميونيخ. وحين كُشف اللقاء قال: «طلبت منه أن يتوقف وكلاء إيران في العراق عن قتل الأميركيين، ويتوقف وكلاؤهم في اليمن عن حجب المساعدات الإنسانية»!
مورفي يعلم حقيقة هذا النظام الإيراني، ويطلب منه أن يخفي «بعضاً» من شره؛ خصوصاً المتعلق بالأميركيين! أي أن مورفي يقول لهذا النظام الإرهابي: تستطيع أن تقتل عراقيين أو يمنيين أو سعوديين إن أردت، ولكن أنصحك بالابتعاد هذه الفترة عن الأميركيين فقط! لأن الخاسر هم الديمقراطيون الذين سينكشف تضليلهم للأميركيين طوال فترة إدارة أوباما، بعد أن غطوا كل جرائمه!
كريس مورفي لا يريد أن ينقذ إيران، إنما يريد أن يحفظ ماء وجه الديمقراطيين، ويظهر الرئيس ترمب على أنه مخطئ. هذه هي حدود استراتيجية الديمقراطيين الآن التي تنحصر في هزيمة ترمب فقط وبأي ثمن، عدا ذلك فقد الديمقراطيون بوصلتهم تماماً، وهم يحاولون أن يبقوا على البقية من رصيد مصداقيتهم، حتى وصلوا إلى أنهم يتوسلون لإيران لتتعقل وتتوقف عن إرهابها المعتاد، إذ كلما ظهرت حقيقة النظام الإيراني انكشف حجم الزيف والخداع الذي سوَّق به اليسار الغربي هذا النظام المارق للعالم، وأظهره على أنه يحمل في طياته حمائم للسلام كجواد ظريف.
أما حقيقة هذا النظام فيتحدث عنها الإيرانيون الفارون من قمعه ومن ظلمه، وليت كريس مورفي استمع إلى محاضرة الكاتبة آذار نفيسي التي ألقتها في البحرين، وهي أستاذة في جامعة «جونز هوبكينز»، وهاربة من القمع الإيراني عام 1997!
والذي قرأ سيرتها الذاتية في كتابها «أن تقرأ لوليتا في طهران» يعرف حقيقة جمهورية الخوف الإيرانية التي كانت تعيش فيها آذار، والتي اضطرتها للهرب بعد أن عجزت كأستاذة جامعية عن أن تدرس مادة الأدب الإنجليزي دون رقابة ودون تخوين، فاضطرت لأن تستقيل، وتحول منزلها إلى صالون أدبي تلتقي فيه بطالباتها، ليقرأن روايات إنجليزية أو روسية أو أميركية، إنما تلك كانت جريمة قد تتسبب في اعتقالها، وهذا ما حدث لإحدى طالباتها التي ألقي القبض عليها وتم إعدامها!
عليك أن تستمع لآذار نفيسي كي ترى حجم وفداحة الجريمة التي ترتكبها أنت بإعادة تسويق هذا النظام، وتخفي ما ارتكبه في حق إيران والشعب الإيراني، قبل أن يرتكبه في حق الدول العربية التي ملأها أسلحة ومتفجرات وحوَّلها إلى دمار وخراب، وكي تعرف ما يرتكبه الديمقراطيون بدعم هذا النظام. هذا النظام شرد الملايين من الإيرانيين قبل أن يشرد الملايين من العرب. ليت كريس مورفي يسمع كيف تحدثت آذار نفيسي عن حب الشعب الإيراني للفن والأدب والموسيقى، وكيف قتل هذا النظام الروح الإيرانية وخنقها. إيران ملونة كما تقول آذار: «الشعب الإيراني لا يعرف هذا السواد الذي فرضه هذا النظام علينا، إيران هي الأزهار، هي خيوط السجاد، هي البهارات التي تلون أطباقها، إيران هي (السيتار) تلك الآلة الموسيقية الحنون، إيران هي الشعراء حافظ وسعدي وعمر الخيام، الذين يحفظ الشعب الإيراني أبياتهم، تلك هي إيران التي قتلها وخنقها هؤلاء الملالي، فأصبحت قراءة كتاب جريمة تقود رقبتك للمشنقة». هذه هي حقيقة هذا النظام الذي يريد كريس مورفي أن يجمله ويخفي قبحه، من أجل أن يخفي حجم الكذبة التي سوقوها للأميركيين. ما زالت حملات التسويق الكاذبة لحمائم إيران عالقة في الأذهان.
ما زالت صورة جون كيري محتفلاً بأعياد النوروز في البيت الأبيض ماثلة أمامنا، وضحكات كيري وظريف وهما يسيران في جنيف أثناء استراحتهما من جلسات المفاوضات حول الملف النووي، في محاولة لتسويق ظريف على أنه «الجنتلمان» الذي درس في الولايات المتحدة، تلح على ذاكرتنا. لقد بذل اليسار جهوداً جبارة مع اللوبي الإيراني الأميركي من أجل تسويق صورة إيران الفارسية العريقة، وإخفاء صورة هذا النظام المارق المجرم، رغم أنهم يعرفونه جيداً، وشاركوه في الكثير من جرائمه، فاخترقوا البيت الأبيض من خلال أربع نساء إيرانيات، كن من المقربات لأوباما وزوجته ووزير خارجيته، كفريال كواشيري التي تكتب له خطاباته في الحملة الانتخابية، وسحر نورزاده مستشارته للشؤون الإيرانية، وهدية غافاريان وبانيتا فايد الموظفتين في البيت الأبيض. على كريس مورفي أو بيرني ساندرز أن يستمعا لآذار نفيسي وهي تتحدث عن تجربتها التي عايشتها، وأن يتقصيا الحقيقة منها ومن ملايين الإيرانيين الهاربين من جمهورية الخوف، ليكتشفا مدى الزيف والكذب الذي يروجانه ويصبح مشاعاً من أجل أهدافهما السياسية.