القرار السياسي في زمن «كورونا»

القرار السياسي في زمن «كورونا»

القرار السياسي في زمن «كورونا»

 العرب اليوم -

القرار السياسي في زمن «كورونا»

بقلم - سوسن الشاعر

أسوأ ما يصيب صانع القرار في مرحلة حرجة كهذه التي يمر بها العالم حين ينتشر وباء فيروسي كفيروس «كورونا» (كوفيد - 19)، هو تداخل الاعتبارات بعضها مع بعض على صانع القرار، والعجز عن تحديد الأولويات دون تردد.

هل هو الاعتبار السياسي الذي يجب أن تكون له الأولوية؟ أم هو الاعتبار الاقتصادي؟ أم الصحي إنْ تعارض أيٌّ من هذين الاعتبارين مع استحقاقات السلامة والصحة؟

حددت نظرية «هرم ماسلو» الأولويات التي يختارها البشر وفقاً لتطور الإنسان والبشرية بشكل عام، وهي نظرية نفسية قدّمها العالِم أبراهام ماسلو في ورقته البحثيّة «نظريّة الدافع البشري» عام 1943 في دورية «المراجعة النفسية» العلمية، ثُمّ وسّع ماسلو فِكرَته لتشمل مُلاحظاته حول الفضول البشري الفطري. تَتبع نظريته فرعَ علم النفس التنموي الذي يدرس تطوّر الإنسان ونموه خلال المراحل المختلفة من حياتِه.

وتناقش هذه النظرية ترتيب حاجات الإنسان ووصف الدوافع التي تُحرّكه؛ وتتلخص هذه الاحتياجات في: الاحتياجات الفسيولوجية، وحاجات الأمان، والاحتياجات الاجتماعية، والحاجة إلى التقدير، والحاجة إلى تحقيق الذات، بشكل وضع تحقيق الذات على رأس وسلم الأولويات وآخر الهرم هو الاحتياجات الفسيولوجية، وقال إن القاعدة العامة من البشر هم الذين يضعون الاحتياجات الفسيولوجية أولاً، أما النخب التي تطوِّر نموها وعقلها البشري فتختار أولويات أخرى يأتي على رأسها تحقيق الذات والإبداع، ولكننا نشاهد اليوم العكس تماماً حتى عند النخب التي بدّلت أولوياتها، فنرى الهجرة العكسية إلى خارج أوروبا من العرب كالتوانسة في إيطاليا مثلاً، هرباً من تفشي المرض، بالعودة إلى بلدانهم لأنها أكثر أمناً صحياً، فحين تتعرض احتياجاتك الفسيولوجية للخطر تضعها على رأس الهرم وتتراجع أي أهمية أخرى إلى الخلف، ومَن يتأخر في تبديل الأولويات هو من يدفع الثمن لاحقاً.

وعلى مر التاريخ وفي التجارب المشابهة نجا الناس الذين ولّوا أمرهم لمن ترك القرار لأهل الاختصاص أولاً، وتصرف بشكل استباقي واحترازي دون الإصغاء لأي صوت آخر، وطبّق القانون على المخالفين دون هوادة، فلا اقتصاد ولا أمن ولا ربح ولا خسارة إلا للصحة وللسلامة الأولوية مهما تطلب الأمر من تضحيات.

وما فعله عمدة سانت لويس في ولاية ميسوري الأميركية عام 1918 مثال على ما نقول حين أصغى فقط إلى المستشار الطبي ولم يصغِ لأي طرف آخر عارض، فمع تسجيل أول حالة إصابة بالإنفلونزا الإسبانية بالمدينة، أخذ مسؤول الصحة الطبيب ماكس ستاركلوف (Max Starkloff) على عاتقه مهمة إنقاذ الأهالي، فدافع عن قرار حظر التجمعات البشرية في أثناء فترة الوباء، واتجه رفقة العمدة إلى إغلاق المدارس والمسارح والمسابح، وتصدى لأصحاب المشاريع الذين عارضوا قراراته. كذلك، أجبر ستاركلوف المرضى على البقاء في بيوتهم، وعولجوا بها بعد أن مُنعوا من مغادرتها. وبفضل هذه الإجراءات الصارمة، عرفت سانت لويس معدلات وفيات أقل بكثير من تلك التي شهدتها فيلادلفيا، لينجو بذلك عدد كبير من سكانها من الموت (موقع «العربية»).

لهذا هنا يحتاج صاحب القرار إلى دائرة من المختصين المخلصين حوله هذه الأيام الذين لا يخشون في الله لومة لائم ويضعون بين يديه جميع المعطيات الواقعية بلا تهويل ولا تهوين ليعرف كيف يتصرف ويتخذ ما يناسب المرحلة، واضعاً سلامة الجميع أمانة في عنقه.

أتعرفون لماذا صنّفت منظمة الصحة العالمية هذا الوباء «جائحة – pandemic»؟ بناءً على عنصرين اثنين؛ الأول سرعة انتشاره، والآخر هو - كما قال الدكتور تيدروس أدهانوم، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: «بسبب القصور في النهج الذي يتبعه بعض الدول على مستوى الإرادة السياسية اللازمة للسيطرة على هذا التفشي للفيروس».

لهذا فالدولة التي لا تبالي بأي اعتبار آخر غير منع انتشار العدوى هي الدولة التي ستنجو من هذا الوباء، فلا تصغي للشامتين ولا تصغي للضغوط، وتسد أذنيها في الوقت الحالي عن أي اعتبار آخر غير منع انتشار العدوى حتى لو اضطرها الأمر إلى تشديد القانون وإنفاذه بلا هوادة.

تبديل الأولويات هي مهمة صانع القرار الآن، والوقت عامل أساسي، وتأجيل أي اعتبار اقتصادي أو سياسي، والأهم التخلص من أي عنصر من عناصر الضغط للتأثير على ترتيب الأولويات، فهناك من سيضغط لاعتبارات سياسية وهناك من سيضغط لاعتبارات اقتصادية، وهؤلاء يشكّلون خطراً على صانع القرار، لذلك على صانع القرار إنفاذ القانون على من يحاول التأثير عليه والضغط عليه بتبديل الأولويات، فمحاولات التأثير على صناعة القرار ليست أقل خطراً من محاولة نشر العدوى.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القرار السياسي في زمن «كورونا» القرار السياسي في زمن «كورونا»



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 05:07 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مقتل وإصابة 4 جنود إسرائيليين في كمين شمالي غزة
 العرب اليوم - مقتل وإصابة 4 جنود إسرائيليين في كمين شمالي غزة

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025

GMT 03:24 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

قتلى وجرحى في انفجار لغم أرضي شرقي حلب

GMT 01:13 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

جليد القطب الشمالي يسجل أصغر مساحة منذ 46 عاماً

GMT 03:46 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

ارتفاع حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي لـ23 شخصًا

GMT 12:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (103) رحيل الحبر الأعظم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab