هل سيصلنا ضغط «جماعات الضغط»

هل سيصلنا ضغط «جماعات الضغط»؟

هل سيصلنا ضغط «جماعات الضغط»؟

 العرب اليوم -

هل سيصلنا ضغط «جماعات الضغط»

بقلم - سوسن الشاعر

قوة جماعات الضغط أو جماعات المصالح الغربية بدأت تطغى على قوة الأحزاب هناك، بل يبدو أن الأحزاب هي من يحاول أن يسترضي تلك الجماعات، فالحكومات أو الرئاسات تحاول أن تسترضي هذه الجماعات للوصول للسلطة وللبقاء فيها. قد نقول إنهم أحرار في مجتمعاتهم، إنما السؤال هو ماذا ستفعل حكومات الدول العربية أو الشرقية عموماً أمام امتحانات تقييم الحكومات اليسارية الغربية الخاضعة لقيم ومبادئ ومطالب تلك الجماعات؟ بمعنى ماذا سنفعل إذا وجدنا أنفسنا في أسفل قائمتهم التصنيفية في امتحان التعددية الجنسية، لأننا لا نعترف إلا بالذكر والأنثى كهوية جنسية؟
ماذا سنفعل إذا وجدنا أنفسنا في آخر قائمة التصنيفات في امتحان الحرية الفردية، فقوانينا المستقاة من هويتنا تجرم فعل الفاحشة في مكان عام على سبيل المثال!
ماذا سنفعل حين نجد أنفسنا في أسفل قائمة التصنيفات الخضراء لأننا (مضطرون) لاستخدام السيارات المكيفة في عز صيفنا في درجات حرارة تفوق أحياناً الخمسين مئوية؟
تلك بعض الأمثلة التي قد نواجهها قريباً لأن الحكومات الغربية ذات التوجه اليساري هي من يضع معايير التقييم بناء على طلب جماعات الضغط أو جماعات المصالح، فهؤلاء هم الآن من يحددون الرؤساء القادمين وهم من يتحكم في تشكيل الحكومات القادمة، وبعد أن كانت المحاصصة سياسية في دول العالم الثالث أصبحت المحاصصة واقعاً في الحكومات الغربية، إذ لا بد من مراعاة تمثيل تلك الجماعات في حكوماتهم. المشكلة أن هؤلاء هم من سيقرر أيضاً ماذا يصلح للإنسان في أفريقيا وفي أوروبا وفي الصين وفي اليابان وفي دولنا العربية مثلما يحددونها لمجتمعاتهم.
هم من يسيطرون على القوى العابرة للحدود أي على الشركات العابرة والمنظمات العابرة وحتى جماعات الضغط العابرة.
قد نرى ملامح هذه الحقبة القادمة في تشكيل الإدارة الأميركية وفي تشكيل الحكومات الأوروبية اليسارية حين تفوز، إذ لا بد أن يكون للسود ممثل لهم ويكون للمرأة تمثيل وللمهاجرين ولمدافعي البيئة على سبيل المثال.. أصبح استرضاء هذه الجماعات هدفاً، ولا تشكل الحكومات فقط استرضاء لهم، بل تطوع البرامج الحكومية وفقاً لرغباتهم.
سنرى تأثيرها دولياً لا محلياً في مؤشرات التنافسية العالمية مثلما سنراها في المؤشرات الحقوقية، فقريباً سترتبط المعايير الحقوقية بالمعايير الاقتصادية أي تصنيفك الائتماني ممكن أن يكون له علاقة بعدم التزامك بحقوق المثليين مثلاً!! وتصنيفك التنافسي في الحريات الاقتصادية مرتبط بقوانين المناخ... هذا إذا كان لديك قوانين متعلقة بالمناخ أصلاً!!
أتدرون أين تكمن المعضلة الكبرى؟ المعضلة في إصرار تلك الجماعات على الاستبداد بنشر قيمها ومبادئها حتى في مجتمعاتها، بينما تلك القيم أصبحت عرضة الآن للامتحان والمراجعة بل والرفض العلني، فالتيارات المحافظة تكافح من أجل قيمها ومبادئها.
الغرب الآن يعيد تقييم الأولويات بعد جائحة «كورونا» مثلاً فيما يتعلق بخطورة «الحرية الفردية» على الأمن الجماعي، بعد أن كان مجرد النقاش في هذا الموضوع محرماً. إنهم في صراع أمام احتجاج الجماهير على قوانين الحجْر والحظر باعتبارها تهديداً لحريتهم الفردية وتقييداً لها، فالحرية الفردية مبدأ مقدس حتى أمام الجائحة والوباء! وهناك جماعات تجادل في قرارات الحظر والحجْر قانونياً وتعده تعدياً على أهم قيمة إنسانية حتى لو كانت تلك القيمة مهددة للصحة والسلامة الجماعية.
بل إن الغرب يعيد تقييم أولوياته فتتراجع مكانة «الحرية الفردية»، هذه القيمة الإنسانية حين هددت هويته. الحكومة الفرنسية على سبيل المثال تعتبر من يمتنع عن إرسال أبنائه للمدارس ولا يلتزم قوانين التعليم فيها «انفصالياً» ولا تقبل بتصنيف قراره كحرية فردية، في حين أن لهذا القرار الخطير على الهوية مؤيدين باعتباره حرية فردية.
قديماً كان الضغط الغربي على الشرق نخبوياً سياسياً بين حكومة وحكومة؛ حكومة غربية تضغط على حكومة شرقية، فلا تتأثر بهذا الضغط الشعوب والمجتمعات، أما اليوم فهناك محاولات لإجبار وإخضاع الحكومات ومن ثم المجتمعات، أي تجبر حكومات شعوبها ومجتمعاتها ومواطنيها على قبول ما هو مرفوض، وما يخالف هويتها استرضاء لحكومات غربية خاضعة لجماعات الضغط الغربية.
نظام يتشكل تقاومه مجتمعات شرقية بشدة فلا تقبل به دولة كالصين على سبيل المثال، لكنه يخترق عمق دولة كاليابان ودولة كالهند، حيث تروّج القيم الغربية وتجد لها بيئة تستقبلها وبيئة تشجعها وقوى ناعمة تحاول أن تخترق الهوية الشرقية المحافظة، وهذا ما يعود بنا لسؤال أول المقال؟ ماذا عنا نحن؟ إلى أي حد سنخضع ونسترضي تلك الحكومات الخاضعة لتلك الجماعات؟

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل سيصلنا ضغط «جماعات الضغط» هل سيصلنا ضغط «جماعات الضغط»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام
 العرب اليوم - تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab