زادت إسبانيا وفرنسا وبريطانيا، من الاحترازات الأمنية، وجنّدت المزيد من القوات الشرطية لحماية جماهير وأعضاء الفرق والمنظّمين لمباريات مرحلة الثمانية من دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.
الداخلية الإسبانية قالت في بيانها إنها فعلت ذلك «لمنع أي تهديد إرهابي».
وسائل الإعلام الإسبانية تحدثت عن تهديدات محتملة من الجهاديين.
وزير الداخلية (جيرالد دارمانان) ذكر أن فرنسا زادت الإجراءات الأمنية لحماية البطولة، التي يلعب فيها فريقها الكبير (باريس سان جيرمان) بعدما أصدر تنظيم داعش «تهديداً».
متحدّث باسم شرطة لندن شرح لـ«العربية» عن مستوى التهديد الإرهابي الداعشي في بريطانيا حول هذه البطولة.
مصدر مطّلع أكّد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «داعش» وجّه تهديداً لجميع مباريات الدور الربع النهائي، وليس فقط للمباراة المرتقبة بين باريس سان جرمان وبرشلونة في ملعب (بارك دي برانس).
من يشاهد «بوستر» الفيلم التهديدي من «داعش»، يلاحظ عبارة اقتلوهم كلهم، مكتوبة بطريقة فنّية باللغة الإنجليزية:
KILL Them ALL وكلمة «كلّهم» الأخيرة ملطّخة باللون الأحمر على شكل قطرات دم.
كل هذه الأشياء لضمان وصول الرسالة لأكبر قدر ممكن من «المراهقين» والشبّان، الذين هم في العادة أكثرية جمهور كرة القدم المتحمس، وأعضاء روابط المشجعين الفوّارة حيوية، وتعصّباً لناديها أو نجم ناديها.
هذا النشاط الداعشي الأخير خطير، وينبغي أن يكون جرس إنذار للأسر كلها، في كل العالم، ومنه عالمنا العربي، فنحن نعلم أنه في كل بيت عربي تقريباً، ومسلم، هناك عشاق لريال مدريد أو برشلونة في إسبانيا، ومانشستر سيتي (السيتي) ومانشستر يونايتد وليفربول وتشيلسي وآرسنال، في إنجلترا، وبايرن ميونيخ في ألمانيا والإنتر واليوفي في إيطاليا، وهكذا.
كم صبياً - أو شاباً أكبر من صبي - يملك وعياً كافياً للحصانة من سموم «داعش»؟!
مسألة أخرى، لماذا هذا البرود وهذه الغفلة الحمقاء عن متابعة العمل على أنشطة الجماعات الإرهابية والمتطرفة وتأثيرها على الحياة العامة؟!
لن أتحدث عن «التوظيف» السياسي المؤامراتي لهذه الجماعات، فهذه مسألة غير مفيدة إذا اكتشفت يوماً ما - لا سمح الله - أن ابنك أو ابن عزيز عليك، خطفته خراطيم «داعش» إلى معدتها... فماذا يفيد هنا الحديث عن توظيف روسيا أو أميركا أو إيران لهذه الجماعات؟!
هذا الصبي ذاب في دعايات «داعش»، وفجّر نفسه، ليس خدمة لأجندة (بوتين) أو (سي آي إيه) أو (اطلاعات) الإيرانية، بل وهم منه أنه يخدم الإسلام والمسلمين، وطمعاً في الجنّة، يعني بسبب «غِواية» الخطاب «الداعشي» وقبله «القاعدي» وقبله «الإخواني».
نحن - إعلامنا ومؤسساتنا البحثية والتعليمية - نرقد على وسائد من وهم، خلاصته أن «داعش» و«القاعدة» والجماعات كلها صارت من الماضي، ولا ينشغل بها إلا «شوية» متخصصين مملّين، أو «شوية» مهووسين.
الواقع أن «داعش» وثقافة «داعش» وغواية «داعش» في قمّة حيويتها، نحن فقط من نغمض أعيننا عنهم.
كتب الأستاذ يوسف الديني هنا في الصحيفة عن «المتن الداعشي» الفعلي وأين يمكن أن نجده، فقال: «موجود ومنتشر على الآلة الضخمة للتنظيم، في مواقع التواصل الاجتماعي غير المعتادة، وأهمها المنصة الروسية (تلغرام)، وأيضاً المجموعات الخاصة المنتشرة على تطبيقات لا تحظى برقابة عالية، بسبب اعتمادها على النقل والإشاعة للمنتجات الدورية، مثل المجلات والنشرات والبيانات، والمحتوى البصري، وهو لم ينقطع قط طوال الفترة الماضية».
«داعش» لم يغب، وأخواته وأمهاته كذلك، أنتم فقط من عشتم هذه الأكذوبة.