بقلم - مشاري الذايدي
زهرة اللهيان، برلمانية إيرانية سجَّلت سابقةً بكونها أول امرأة تتقدم لمنصب رئاسة الجمهورية، يظل طبعاً موافقة الجهات المعنية في النظام على دخولها سباق الترشح، وسلة اختيارات «صاحب الأمر».
الخبر على طرافته، ليس هنا بل في استعراض لمحات من مواقف صاحبة الاسم اللطيف؛ اسم جميل، له بريقه المرتبط بفاطمة الزهراء.
زهراء، على عكس اسمها، عنيفة في مواقفها لمناصرة آيديولوجيا النظام الإيراني، كانت عضواً في لجنة الشؤون الأمنية في مجلس الشورى الإيراني، وسبق لها الدعوة لإعدام المتظاهرين من شعبها الإيراني الذين خرجوا غصباً لمقتل الشابة الإيرانية مهسا أميني، بسبب عدم رضا عناصر الرقابة الشعبية على مقاس حجابها ولونه! هذا الحماسة وتلك الشراسة من زهرة، ليسا جديدين على بنات حواء المنخرطات في آيديولوجيا معينة، شيعية أو سنية أو مسيحية أو يهودية أو حتى علمانية شيوعية.
صفحات التاريخ حافلة بما يُكتب بالمداد الأحمر الدفاق، وبنساء تجاوزن الرجال عنفاً وحماسةً.
في التاريخ الحالي نتذكر أم آدم المجاطي، زوجة كريم المجاطي، وهي رموز نساء تنظيم «القاعدة» المتحمسات والقياديات، ونتذكر غيرها من نساء «داعش» وغيره.. نساء وفتيات حفرن أسماءهن بإزميل القتل على جدار الجريمة. في التاريخ القديم يحدثنا رواتُه عن غزالة الخارجية، زوجة شبيب الخارجي، الذي دوّخ الدولة الأموية ورجلها الكبير في العراق الحجاج بن يوسف.
يذكر ابن خلكان في «وفيات الأعيان» أنَّه في سنة سبع وسبعين للهجرة تحصن الحجاج في قصر الإمارة ودخل شبيب وأمه جهيزة وزوجته غزالة الكوفة، عند الصباح، فوجد باب القصر مغلقاً والحجاج فيه فقتل الحرس، ثم دنا من الباب فعالجه هو وأصحابه فأعياهم فتحه فضربه شبيب بعمود كان في يده فنقب الباب، فيقال إنَّ ذلك النقب لم يزل في الباب إلى أن خرب قصر الإمارة وفيه ضربة شبيب، وقد كانت غزالة نذرت أن تدخل مسجد الكوفة فتصلي فيه ركعتين تقرأ فيهما سورتي البقرة وآل عمران، فأتوا الجامع في سبعين رجلاً فصلت فيه الغداة وخرجت من نذرها فقيل فيها: وفت الغزالة نذرها/ يا رب لا تغفر لها! يضيف ابن خلكان: وكانت غزالة من الشجاعة والفروسية بالموضع العظيم.
كان الحجاج هرب في بعض الوقائع مع شبيب من غزالة فعيَّره ذلك بعض الناس بقوله:
أسدٌ عليَّ وفي الحروب نعامةٌ فتخاءُ تنفرُ من صفيرِ الصافرِ
هلَّا برزتَ إلى غزالة في الوغَى بل كانَ قلبُك في جناحَيْ طائرِ!؟
في العصر الحديث نشهد صحافية ألمانية قبل زهاء 50 عاماً، من أولدنبرغ في ولاية ساسكونيا، تدعى أولريكه ماينهوف (35 عاماً آنذاك) كانت «إرهابية» ماركسية ثورية تقود عصابة عرفت باسم «بادر ماينهوف»، مع زميلها الرجل (بادر).
كتبت بيان الجماعة ورسمت عقيدتها، وطالبت ماينهوف بثورة يسارية لإطاحة دولة ألمانيا الغربية الرأسمالية، ودعت إلى شن حملة من العنف لتحقيق تلك الغاية... وقد فعلت صدقاً تلك العمليات مع عصابتها.
إذن احترس كثيراً من التعصب الآيديولوجي...