بقلم - مشاري الذايدي
بدأ السيناريو المنتظر حيال قضية حماية البيئة والانتقال للطاقة البديلة، بتحويلها لقضية ضغط سياسي، عقب طرح قرار خطير في مجلس الأمن الدولي، لكنه جوبه هذه المرة بفيتو روسي واضح.استخدمت روسيا، الاثنين الماضي، «حق النقض (الفيتو)» بمجلس الأمن لمنع إصدار قرار يعد تغير المناخ «خطراً رئيسياً» على السلم والأمن والاستقرار في كل أنحاء العالم.
اعترضت روسيا والهند على القرار الذي أعدت نسخته الأصلية آيرلندا والنيجر، فيما امتنعت الصين عن التصويت. وتبنت المشروع الولايات المتحدة ومن معها. تضمن المشروع طلباً من الأمين العام للمنظمة الدولية «دمج المخاطر الأمنية المتعلقة بالمناخ بوصفها عنصراً مركزياً في الاستراتيجيات الشاملة لمنع نشوب النزاعات». لكن الصين والهند وروسيا وزعت على أعضاء المجلس رسائل متقاربة تعترض على مشروع القرار، بحجة أنه «لا توجد خلفية علمية واضحة للمساواة بين تغير المناخ والمخاوف الأمنية».
قال السفير الروسي نيبينزيا: «إن المجتمع الدولي منقسم بشدة حول المناخ. كان هذا واضحاً في غلاسكو... الآن نرى محاولة غير ديمقراطية لتجاهل آراء 80 عضواً في الأمم المتحدة لم يؤيدوا النص».
هنا أود، غير راغب، التذكير بما قيل في هذه المساحة في 30 يونيو (حزيران) تحت عنوان «حماية البيئة... الحق والباطل».
مسألة الاهتمام بالبيئة والمناخ، لم تعد قضية محدودة، «بل مسألة معيارية سياسية دولية، تقاس بها شرعيات الدول، والأخطر من ذلك، تتحكم في اقتصادات العالم، أو هذا ما يخطط له العالم الغربي اليوم».
حماية البيئة ليست قضية تخص اليسار، فمثلاً في أميركا يعتبر الرئيس الجمهوري اليميني العتيد تيدي روزفلت هو رائد المحميات الوطنية الأميركية الكبرى.
وفي منطقتنا العربية تعتبر شخصيات مثل ملك السعودية الراحل خالد بن عبد العزيز، وأبي دولة الإمارات الراحل، الشيخ زايد آل نهيان، من رموز حماية البيئة والحياة الفطرية، واليوم تتزعم السعودية تحت قيادة الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، مبادرات كبرى في حماية الحياة الفطرية البرية والبحرية، وزيادة المساحات الخضراء ليس بالسعودية وحسب بل الشرق الأوسط كله.
سأل الخبير العراقي وليد خدوري في وقت سابق هنا حول خطة الغرب للوصول إلى صفر انبعاثات بعد زهاء 30 عاماً، حيث اقترحت الوكالة إيقاف الاستثمارات «حالاً» لتطوير الصناعة البترولية. سأل خدوري حينها: «ما هي كلف مشاريع الطاقة المستدامة على ضوء تجارب المشاريع التي يتم تنفيذ معظمها في الدول الصناعية حالياً؟ فالكلف تشارف التريليونات من الدولارات. هل باستطاعة دول العالم الثالث تحمل هذه الكلف»؟
سؤال آخر، من أين سيتم توفير المعادن والعناصر اللازمة للطاقة البديلة والسيارات الكهربائية مثلاً، كيف ستتغذى محطات الكهرباء الكبرى لتشغيل مليارات المحركات حول العالم؟!
جوهر الكلام، كل بني الإنسان يحبون أمهم الأرض، وهي أم للجميع، وليس للبعض، لكن يبدو الحديث عن البيئة على طريقة: كلمة حق أريد بها باطل؟