بقلم - مشاري الذايدي
هناك خلية تسمى «دواعش إمبابة» تخضع للمحاكمة في مصر حالياً، وأثناء مجريات القضية طلبت المحكمة شهادة اثنين من أشهر «الدعاة» كما يصفون أنفسهم، وهما محمد يعقوب ومحمد حسان، الأول أدلى بشهادته قبل الثاني بفترة.
شهادة يعقوب ثم شهادة حسان أثارتا جدلاً كبيراً، من طرف «الإخوان» ومن يناصرهم.. اعتبرت الشهادتان «خيانة» لمن كانوا بالأمس في خندق واحد، ومن طرف المشككين اعتبرت هاتان الشهادتان مجرد «تقية» ومناورة ليس أكثر ولا أقلّ.
تابعت جانباً من شهادة محمد حسان، والحقيقة أن الأمر أكبر من حصره بهجوم «الإخوان» أو تشكيك الآخرين؛ الواجب اغتنام مثل هذه اللحظات لتوثيق كامل شهادات «صناع» تلك الحقب.
من يعرف أمثال يعقوب وحسان يعرف أثرهما الواسع في الطبقات الشعبية المصرية، وبعض الشباب المتحمسين، ويعرف أيضاً التقاطعات، وفاقاً وفراقاً، بين نجوم الدعاة الشعبيين مع قادة الأحزاب والتيارات السياسية الإسلاموية بمصر.
من شهادة حسان أمام المحكمة قوله إن الدواعش هم خوارج العصر وإنهم سلالة متولدة من تنظيم «القاعدة» بقيادة الزرقاوي. وحول «القطبية» قال إن المنهج أو الفكر القطبي، نسبةً إلى سيد قطب، هو «أساس الجماعات الجهادية»، أما الطائفة السرورية، نسبةً لمحمد بن سرور، وهو شخص سوري، ففكرها «يعتمد على كلمات وأفكار لابن تيمية». وهنا تعليق سريع حول علاقة سرور بابن تيمية، فهي في الحقيقة علاقة مدعاة من السرورية وتوكؤ أعرج على نصوص بترت من سياقها التاريخي والاجتماعي.
حسان قال أيضاً إن «هناك فرقاً كبيراً بين أصول المنهج السلفي وأصول (الإخوان المسلمين)، فالأول أصوله الدعوة للتوحيد الخالص والثاني، وهم (الإخوان)، يهتمون بالدعوة والتربية وإصلاح الدنيا بالدين، لكن هناك تقصيراً عند (الإخوان) في الدعوة، فهم يركزون على الأمور السياسية». وهو نقد كما نرى يتسم بالبرودة والتسطيح. وسألت المحكمة حسان عن رأيه في السلفيين، فقال: «هم كاسم يطلق نسبة إلى السلف الصالح، وهناك سلفيات كثيرة، فهناك السلفية العلمية والسلفية التربوية، وهناك ما يسمى الآن السلفية الجهادية، وكان أول من أطلقها عبد الله عزام ليضم كل من ينتسب إلى السلفية تحت مظلة الجهاد».
وهنا أيضا نقاش واسع يجب فتحه حول دقة هذا الكلام ومصداقيته، ولذلك جلبت هنا بعض كلام حسان، مقدمة لكلام مقبل حول هذه الأفكار والتقويمات التي أبداها الداعية المصري الشعبي الشهير محمد حسان.. للحديث صلة.