بقلم - مشاري الذايدي
هناك كارثة بيئية اقتصادية رهيبة، الآن وأنت تقرأ المقال، تهدد بيئة البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، على وشك الوقوع.الكارثة تتمثل في ناقلة النفط اليمنية العملاقة «صافر» التي يحتجزها الحوثيون قبالة راس عيسى في سواحل الحديدة المحتلة من العصابة الموالية لإيران، تتعرض خزاناتها للتآكل بسبب عدم الصيانة، وهناك أنبوب منها بالفعل بدأ في التسريب.هذا ليس كلام الحكومة اليمنية المعترف بها، وليس كلام التحالف العربي بقيادة السعودية؛ بل هو كلام صدر من مسؤولين غربيين وأمميين.
في منتصف يونيو (حزيران) 2019، أبلغ وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، المجتمع الدولي بخطورة الكارثة، وقال لوكوك في إحاطته لمجلس الأمن: «إن وقوع تسرب نفطي من الناقلة (صافر)، يمكن أن يصل من باب المندب إلى قناة السويس في مصر، وربما يصل حتى لمضيق هرمز».
مؤخراً، طالب السفير البريطاني لدى اليمن مايكل أرون، الحوثيين بالتجاوب مع الأمم المتحدة. وقال على حسابه بـ«تويتر»: «على الحوثيين أن يسمحوا للأمم المتحدة بمعالجة الوضع قبل فوات الأوان. ناقلة النفط (صافر) في حال تسرب النفط الخام منها، ستكون أكبر كارثة بيئية يشهدها القرن الحادي والعشرون»، فضلاً عن تقارير جهات مهتمة بالبيئة اليمنية، مثل جمعية «الحلم الأخضر» التي سردت تفاصيل مخيفة ومحزنة، منها، مثلاً:
سيحتاج اليمن لمعالجة أضرار كارثة التلوث البحري لفترة طويلة من الزمن، لمدة تزيد على 30 سنة قادمة، لتتعافى بيئة البحر الأحمر.
115 جزيرة يمنية في البحر الأحمر ستفقد تنوعها البيولوجي، وتخسر موائلها الطبيعية.
126 ألفاً عدد الصيادين اليمنيين الذين سيفقدون مصدر دخلهم بمناطق الصيد اليدوي.
300 نوع من الشعاب المرجانية ستختفي من المياه اليمنية، جراء عدم وصول الأوكسجين والشمس إليها.
حسناً، لدينا «جريمة» بيئية، لن أتحدث عن جانبها الاقتصادي والسياسي والعسكري والسياسي؛ فقط سأتحدث عن الجانب البيئي، المسؤول عنها هو من يحتجز الناقلة، ويرفض دعوات الأمم المتحدة لصيانتها أو تفريغ حمولتها بشكل آمن، ابتزازاً للآخرين في «كفر» واضح بكل ثقافة الحفاظ على البيئة.
هنا نسأل: أين منظمات البيئة العالمية التي اشتهرت بالصوت الصاخب والمظاهرات الملتهبة؟!
أين «جان دارك» القضية البيئية في العالم، المراهقة السويدية غريتا تونبرغ، المولودة في يناير (كانون الثاني) عام 2003؟
الفتاة التي غادرت مقاعد الدراسة للترهبن من أجل قضية البيئة في كل العالم، ولم تترك زعيماً سياسياً غربياً وعالمياً لم تهاجمه؛ خصوصاً الرئيس الأميركي ترمب. ألم يخبرها أصدقاؤها النشطاء، وهم بعشرات الألوف على مستوى العالم، بكارثة «صافر»؟!
ألم تلهم عشرات الآلاف من شبيبة العالم، للتحرك الشوارعي تحت شعار «فرايدايز فور فيوتشر» (أيام الجمعة من أجل المستقبل)؟
إذا أراد نشطاء البيئة أن نصدِّق أنهم ليسوا جزءاً من حلف سياسي عالمي، له موقفه المعلوم ضد دول التحالف في قصة اليمن، والمتبني لرواية الحوثي وإيران، فليُقم الدنيا ولا يقعدها على كارثة الناقلة «صافر»، ومن يرفض صيانتها أو تفريغ حمولتها حماية لبيئة البحر الأحمر.
غريتا... هل أتاك نبأ «صافر»؟!