بقلم:مشاري الذايدي
ربّما اندهش الجيل الجديد من السعوديين، بخاصة من هم تحت العشرين، لكلمة المخرج والمنتج الكوري الجنوبي جي كي يون في حفل جوي أووردز 2025 في الرياض حين قال: «أشكر السعودية لأن آباءنا وأمهاتنا استفادوا من العمل هنا في السبعينات، إذ وفّرت للكوريين فرصاً وظيفية في وقت كنا نحتاجه، شكراً للسعودية».
جيل الصبايا والشباب الذين يعشقون ثقافة البوب الكورية، والمسلسلات الكورية، من السعوديين، لا يدرون أن هناك تاريخاً قديماً بين السعوديين والكوريين، وكان إذا قيل في تلك الأزمنة، كوري، فإن المقصود حصراً الكوري الجنوبي، ربما لم يعلم السعوديون العاديون في تلك الحقبة، عن وجود كوريا أخرى... شمالية حمراء. كان المهندسون والعمّال الكوريون هم أول جنسية يتعرّف إليها السعوديون في قلب نجد والجزيرة العربية عامّة، بين بيوت الطين، كانوا يعملون في تأسيس البنية التحتية للهاتف وغيره، ليس في العاصمة الرياض فقط، بل في مناطق كثيرة، يذكر مثلاً سكّان مدن القصيم، شمال الرياض، كيف كان العمّال الكوريون يعملون بدأبٍ وأدبٍ، في الحفر والتمديد، وكان كثيرٌ من الأهالي يتعاطفون معهم.
لذلك صدق المخرج الكوري في كلمته تلك في حفل الرياض الكبير.
د. إيلهي شين مدير جامعة كايميونج الكورية الجنوبية ورئيس وفد التعليم العالي الكوري سابقاً، علّق لـ«العربية نت» حول تصريحات المخرج الكوري، وقال عبارة رائعة هي: «السعوديون منحونا الثقة عندما كنا في أمسّ الحاجة إليها».
هذا الماضي الجميل، تُوِّج بحاضرٍ أجمل مع العملاق الآسيوي العالمي في الصناعة والاقتصاد والثقافة والفنون، من خلال الإعلان السابق عن «الرؤية السعودية - الكورية 2030» في عام 2017 في 5 مجالات: الطاقة والتصنيع، والبنية التحتية الذكية والتحول الرقمي، وبناء القدرات، والرعاية الصحية وعلوم الحياة، والاستثمار.
أريدُ القول إن المثال الكوري، هو مثالٌ من جملة أمثلة، على الرصيد السعودي المعنوي المادّي أيضاً، مع شعوبٍ وثقافات وقيادات أخرى عبر التاريخ، لندع آسيا البعيدة غير العربية، ولنقترب من أهلنا العرب، سوريا التي تعيش اليوم فاصلة من فواصل التاريخ الكبرى، يتذكّر السوريون الكرام من بني معروف الموحّدين، الدروز، كيف بادر الملك المؤسس عبد العزيز، لدعم الوطنيين السوريين ضد الاحتلال الفرنسي لبلادهم خلال الثورة السورية الكبرى، التي استمرت خلال الفترة (1925 - 1927) باستقبال وإيواء ثوّار جبل العرب بقيادة سلطان باشا الأطرش، في وادي السرحان بشمال السعودية، وكيف لم يحفل بفرنسا الاستعمارية، ووجّه أمراء الشمال بمساعدة الأطرش ورفاقه، وضيافتهم.
لدينا عشرات الأمثلة في هذا الصدد، يجب البناء عليها، ليس من باب المنّ والأذى، فهذه ليست من شِيم الأنفس الكبيرة، بل لمدّ أيادي السلام والوئام من الماضي للحاضر للمستقبل.
إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا/ من كان يألفُهم في المنزل الخشنِ!