بقلم - مشاري الذايدي
شاء «المتعبدون» في محراب قضية البيئة أو رفضوا، فإنَّ السياسة خالطت هذه القضية وتمازجت في كل خلاياها.
لا حاجة لإعادة الكلام؛ خصوصاً في هذه المساحة، عن أن حماية البيئة وصون الطبيعة وحفظ التوازن البيئي، قضية حق، بل واجب على الحكومة والمنظمات الأهلية من أجل «أمّنا» الأرض.
كما أنّه لا حاجة لتكرير القول عن أن هذا الوعي وذاك المسعى، لم ينتظر حتى يفعل، أصوات بعض الممثلين والفنانين والسياسيين والناشطين الغربيين من أميركا أو كندا وأستراليا وفرنسا، فالوعي بتلك القضية، والعمل لأجلها، قديم، مثلاً في أميركا نفسها يعتبر الرئيس الجمهوري العتيد، تيدي روزفلت، من رموز العمل البيئي وحماة الحيوانات وحمى كثيراً من المحميات الطبيعية في الولايات المتحدة، وفي بلادنا يعتبر المرحوم الملك خالد، من رموز حماية البيئة.
نعم، رفع الوعي بهذه المسألة التي تهمُّ كل البشر، أمرٌ حميدٌ، لكن غير الحميد هو استخدام هذه القضية سلاحاً للضغط السياسي، مثل قضية حقوق الإنسان.
مؤخراً تكرَّرت هجمات النجم الأميركي الممثل ليوناردو دي كابريو، على الرئيس البرازيلي، بولسونارو، بحجة حماية غابات الأمازون، التي تحتل مكانة شبه مقدّسة في الخطاب البيئي التحريضي، هذا لا يعني أن غابات الأمازون ليست مهمة للبرازيل ولبقية الأرض، لكن تم «أيقنة» الأمازون.
IFrame
شجّع دي كابريو شباب البرازيل على التصويت في الانتخابات الرئاسية المقررة في وقت لاحق من هذا العام، ضد الإدارة السياسية البرازيلية. وكتب دي كابريو على «تويتر»: «ما يحدث هناك يهمنا جميعاً، وتصويت الشباب هو مفتاح التغيير من أجل كوكب صحي».
الرئيس البرازيلي، بولسونارو، ردّ على نجم هوليوود بـ«تويتر» قائلاً: «شكراً لدعمك يا ليو! من المهم حقاً أن يصوت كل برازيلي في الانتخابات المقبلة».
وتابع: «سيقرّر شعبنا ما إذا كان يريد الحفاظ على سيادتنا على الأمازون، أو أنَّ يحكمه محتالون يخدمون المصالح الأجنبية الخاصة».
هذه ليست أولى المواجهات بين هذا الممثل والناشط في آن، مع البرازيل، ففي عام 2019 اتهم بولسونارو دي كابريو بـ«التبرع بالمال لإشعال النار في منطقة الأمازون».
وفي العام الماضي، انضم دي كابريو إلى عشرات المشاهير لحثّ الرئيس الأميركي جو بايدن على عدم توقيع أي اتفاق بيئي مع البرازيل.
هذا النوع من التدخل الفجّ والاستباحة العارية لسيادة دولة ما، باسم قضية البيئة، هو توظيفٌ سياسي صريحٌ، وانتهاكٌ مباشرٌ لسيادة دولة أخرى.
تخيّل، لو جاء ناشط من دولة كازاخستان، مثلاً، وطالب العالم بالتدخل في أميركا، وإجبارها على حماية منطقة ألاسكا، بحجة أن أميركا لا تحمي «ثلاجة العالم» على غرار الأمازون «رئة العالم»...
طبعاً هذا سيناريو مستبعد، بسبب فوارق كثيرة، لكن مجرد طرحه، قد يشعر الضمير الأميركي درجة الاستفزاز الذي يشعر به الآخرون، حين يتم استباحة سيادتهم تحت أي عنوان.