ما بين الفراعنة والجزيرة العربية

ما بين الفراعنة والجزيرة العربية

ما بين الفراعنة والجزيرة العربية

 العرب اليوم -

ما بين الفراعنة والجزيرة العربية

بقلم: دكتور زاهي حواس

صوّرت الحضارة الفرعونية علاقاتها مع جيرانها والعالم المحيط بها على جدران المعابد والمقابر في مصر، التي ترجع لمختلف عصور مصر القديمة. واختلفت هذه العلاقات وتباينت ما بين علاقات عسكرية في صورة حملات مسلحة لحماية النفوذ المصري والحفاظ على أمن الحدود ومناطق الثروات الطبيعية، أو علاقات تجارية بحتة يغلب عليها الطابع التجاري وتحقيق المصالح المشتركة. ونادراً ما يتم العثور على أدلة لهذه العلاقات خارج الحدود المصرية، بمعنى أن الدليل على النشاط التجاري أو العسكري غالباً ما يأتي من الجانب المصري إلا في حالات نادرة، منها مثلاً العثور على آثار فرعونية بطول الساحل الفينيقي القديم وميناء جبيل بلبنان على البحر المتوسط، التي كانت منطقة نشاط تجاري واسع بين الحضارة المصرية القديمة وسوريا وفلسطين ولبنان.
نستشف من تلك المقدمة أهمية وجود النقوش الفرعونية بواحة تيماء، التي تم الكشف عنها منذ سنوات ولا تزال هي الدليل القوي بل الوحيد على وجود بعثات تجارية مباشرة من مصر إلى الجزيرة العربية. توثق النصوص التي عثر عليها؛ خاصة ذلك النص الذي نُحت على واجهة الصخر بالخط الهيروغليفي، أخبار بعثة تجارية خرجت من مصر وعبرت البحر الأحمر إلى الشاطئ الغربي لشبه الجزيرة العربية خلال عصر الملك رمسيس الثالث الذي حكم ما بين 1186 و1155 قبل الميلاد، وهو أحد أقوى ملوك الأسرة العشرين. وتعود أهمية النص الهيروغليفي ونقوش أخرى مسجلة على صخور واحة تيماء لأنها مؤرخة بشكل جيد، وبالتالي تعطينا دلالات واضحة لا تقبل التأويل، منها...
أولاً؛ أهمية الجزيرة العربية في ذلك العصر كمركز تجاري يستحق إما عبور البحر الأحمر أو الالتفاف حول الطريق البري من شبه جزيرة سيناء للوصول اليه.
ثانياً؛ أهمية المنتج أو المنتجات التجارية للمنطقة، التي لا تقف عند المواد والمنتجات المحلية، بل أيضاً التي تصل من الشرق القديم من بلاد النهرين وبلاد فارس وربما الهند كذلك إلى شبه الجزيرة العربية ثم تنقل منها إلى مصر والساحل الفينيقي. وبالتالي تكون الجزيرة العربية وسيطاً وناقلاً تجارياً وحضارياً مهماً.
ثالثاً؛ وفّرت الجزيرة العربية مراكز تجارية قادرة على استقبال القوافل التجارية وتأمينها وتسهيل أدوات النشاط التجاري بين حضارات العالم القديم خلال ذلك العصر وقبله بزمن بعيد.
ولذلك، يستطيع الأثري من خلال التحليل العلمي لنقش أو أثر وحيد رسم صورة منطقية للنشاط الإنساني بالحيز الجغرافي الذي عثر في نطاقه على النقش أو الأثر. ومن المهم دائماً التواصل مع المجتمع المحيط للموقع الأثري والتعريف بالأثر وأهميته بالنسبة للدولة لكي يشارك المجتمع في حمايته وصيانته، حيث إنه ربما يكون مجرد نص من سطر واحد، لكنه يكتب صفحات من التاريخ، وبالتالي فهو كنز وتراث أثري يجب الحفاظ عليه. وقد وجب هنا التنويه إلى حجم المجهود الجبار الذي تقوم به هيئة التراث بالمملكة العربية السعودية من أجل الحفاظ على إرث ضخم من النقوش والفنون الصخرية المنتشرة في كل ربوع المملكة وتحتاج إلى أنواع مختلفة من الحماية سواء ضد المتغيرات المناخية أو النشاط البشري المتنوع، كامتداد العمران، حتى انتشار رياضات السفاري بين الشباب بسبب توافر سيارات الدفع الرباعي الحديثة القادرة على اختراق الصحراء والوصول إلى أي مكان مهما كانت طبيعته. إن التحديات كثيرة، لكن علينا مواصلة نشر ثقافة الحفاظ على التراث وحثّ المجتمع على المشاركة في حماية الإرث الأثري والثقافي وهويتنا التي هي أغلى ما نملك.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بين الفراعنة والجزيرة العربية ما بين الفراعنة والجزيرة العربية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab