زيارة إلى جامعة دمياط الجديدة

زيارة إلى جامعة دمياط الجديدة

زيارة إلى جامعة دمياط الجديدة

 العرب اليوم -

زيارة إلى جامعة دمياط الجديدة

بقلم: دكتور زاهي حواس

أعتز وأفتخر بأننى دمياطى ابن محافظة دمياط. وعندما جاء التليفزيون الأمريكى لعمل فيلم وثائقى عن مشوار حياتى توجهت معهم إلى «راس البر» لأستعيد معهم ذكريات الشباب فى هذا المصيف الرائع. بعدها قمت باصطحابهم إلى دمياط لزيارة ما تبقى من عمائر ومبان محفورة فى ذاكرتى مثل سينما اللبان، والتى لم يتبق منها سوى الاسم فقط. وأخيرًا قمت بالتصوير معهم فى مسقط رأسى بقريتى العبيدية، وهناك قاموا بتصوير ملعب الكره الذى شهد المباريات التى كنت أخوضها فى صغرى مع أقرانى. ودخلنا المنزل الذى تربيت فيه، وكان لى فيه أوقات وأحداث لا يمكن محوها من الذاكرة رغم مرور الزمن.

ومنذ أيام دعانى صديقى الدكتور حمدان ربيع رئيس جامعة دمياط الجديدة للمشاركة فى ندوة تدور حول الحماية القانونية للآثار. ويعد الأستاذ الدكتور حمدان ربيع ثانى أثرى يتولى منصب رئيس جامعة بعد المرحوم الدكتور أحمد بدوى رئيس جامعة عين شمس السابق. وقبل التوجه إلى دمياط الجديدة ذهبت لمقابلة المحافظ الدكتور أيمن الشهابى، ولم أكن قد قابلته من قبل. وهو بحق رجل عالم، دمت الخلق ولديه مشروعات هامة جدا من شانها أن تحول دمياط إلى إحدى القلاع الصناعية العملاقة فى مصر. وقد أطلعنى على جهوده لجذب المشروعات العملاقة إلى محافظة دمياط وتأسيسها داخل المنطقة الحرة وبالتالى خلق فرص عمل كثيرة لشبابنا حيث إنه من المعروف أن محافظة دمياط والدمايطة لا يعرفون كلمة بطالة.

ناقشتُ مع الدكتور أيمن الشهابى فكرة إعادة إحياء بناء متحف الأثاث على مر العصور؛ منذ بداية عصر ما قبل الأسرات وحتى عصرنا الحديث، وإبداع الدمايطة فى صناعة الأثاث حتى وصلت شهرتهم إلى العالمية. وكانت المفاجأة السارة بالنسبة لى هى وجود صديقى السفير روبرتو باتش - سفير دولة مالطا فى القاهرة - وكان بصحبته العديد من أعضاء السفارة، بما فيهم القنصل نفسه.

بعد الاجتماع، توجهنا جميعًا إلى مدينة دمياط الجديدة، حيث كان فى استقبالنا صديقى الدكتور حمدان ربيع. وفى الحقيقة، فإن مبانى جامعة دمياط الجديدة شيء يفوق الوصف من حيث جمال التصميم الذى ينافس أجمل جامعات العالم، ورأيت مظاهر الإعجاب واضحة على وجه صديقى السفير روبرتو باتش، الذى أشاد بجمال المبانى.

ويبدو أن الجامعة خُطط لها منذ البداية لكى تضم العديد من الكليات، سواء النظرية أو العملية، ولا تزال هناك كليات تحت الإنشاء.

حدثنا الدكتور ربيع عن الجامعة وعن جهود رؤسائها السابقين، وذلك لكى يعطى الحق لأصحابه بكل مصداقية واحترام، فهو عالم من طراز فريد، يعتبر كل طالب وطالبة من طلبة الجامعة ابنًا أو ابنة له، ودائمًا بابه مفتوح لطلبة الجامعة. وكان من الواضح أن الدكتور حمدان ربيع يمتلك رؤية إدارية واضحة، يعرف ما يريد الوصول إليه بجامعته وما يجب عليه القيام به لتحقيق هذا الهدف.

والحقيقة أننى فخور جدًا بجامعة دمياط الجديدة، التى سوف تلعب دورًا مهمًا فى العملية التعليمية بمحافظة دمياط ومحافظات الدلتا المجاورة.

نأتى بعد ذلك إلى المفاجأة التى أسعدتنا جميعًا، وهى زيارة المعامل التابعة لكلية الآثار، والتى يوجد بها قسم للترميم. وقد استطاع الدكتور حمدان ربيع أن يؤسس معامل بها أجهزة على مستوى راقٍ ومتقدم، وذلك لإجراء القياسات والدراسات للآثار. ومن المؤكد أن هذا المعمل سوف يلعب دورًا مهمًا فى مجال الترميم، ليس للبعثات المصرية فقط، بل للبعثات الأجنبية التى تعانى بحق من عدم وجود معامل مجهزة للترميم يمكنها فحص القطع الأثرية وحفظها وصيانتها.

وأهم من المعامل والأجهزة، كان وجود مجموعة من الشباب تقوم بتشغيل والعمل على هذه الأجهزة.

أبدى الدكتور أيمن الشهابى، محافظ دمياط وهو مهندس متخصص، إعجابه بالمعامل وجاهزيتها.

بعد ذلك، انتقلنا إلى مكان الندوة التى كانت تُعقد تحت عنوان «الحماية القانونية للآثار». وقد تم تنظيم هذه الندوة عن طريق أساتذة متخصصين، على رأسهم الأستاذ الدكتور سمير الجمال، عميد كلية الحقوق ومستشار رئيس الجامعة، الذى قام بتنظيم أكثر من رائع للندوة.

ألقى كل من الدكتور أيمن الشهابى والدكتور حمدان ربيع كلمات الافتتاح. وبعد ذلك، بدأت الندوة، حيث تحدثتُ فى المحور الأول عن قانون الآثار، بدايةً من مرسوم ١٥ أغسطس ١٨٣٥، مرورًا بقانون ٢١٥ لسنة ١٩٥١ الملغى، والذى كان يسمح بالقسمة مع البعثات الأجنبية بنسبة ٥٠٪ بالتساوى، حيث كان من حق البعثة الأجنبية التى تقوم باكتشاف الآثار أخذ نصفها خارج مصر وعرضها فى متاحف بلادها.

كذلك، كانت هذه القوانين لا تسمح فقط بالقسمة، وإنما تبيح كذلك الاتجار فى الآثار عن طريق رخصة تمنحها لبعض التجار، وشهادة تصدير آثار كانت تصدر من المتحف المصرى.

وبكل تأكيد، كانت تحدث كوارث بسبب وجود مثل هذه القوانين... وأذكر على سبيل المثال أننى كنت أتناول الغداء مع مدير متحف بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية، وكان معى الدكتور فاروق الباز، والراحل العظيم الدكتور جمال مختار، رئيس هيئة الآثار السابق، وذلك أثناء وجودنا بالولايات المتحدة الأمريكية لافتتاح معرض عن الملك رمسيس الثانى.

وكنت قد علمت عن طريق أحد الأصدقاء أن متحف بوسطن قام بشراء بعض اللوحات التى سُرقت بعد نشرها من جدرانها بأحد مقابر منطقة دير الجبراوي! فوجئ مدير المتحف بى وأنا أقول له إنه يجب عليه أن يعيد هذه اللوحات المسروقة مرة أخرى إلى مصر، وإلا فمن المستحيل أن نسمح لبعثة المتحف أن تقوم بالعمل فى أهرامات الجيزة.

وللأسف الشديد، فوجئت بعد ذلك بمدير المتحف يرسل لى خطابًا يفيد بأن المتحف المصرى قد صدّق على شهادة التصدير لكى تخرج هذه اللوحات خارج البلاد! ولذلك، علمنا مدى عدم ملاءمة القوانين السابقة التى تسمح بتهريب الآثار خارج مصر. وعلى الرغم من ذلك، استطعت استعادة اللوحات المسروقة مرة أخرى.

وعندما تولّى المرحوم أحمد قدرى، قام بتغيير قانون الآثار، وصدر قانون آخر برقم ١١٧ لسنة ١٩٨٣، وفى هذا القانون تم إلغاء تجارة الآثار، ومنح القانون مهلة لأى شخص لديه قطع أثرية أن يتوجه إلى إدارة هيئة الآثار ليقوم بتسجيل هذه الآثار وتصبح فى حيازته، ويتم معاينتها ومراجعتها سنويًا، ولا يجوز له أو لأحد من أسرته التصرف فيها.

وبالطبع، ألغى القانون نسبة الـ ٥٠٪ التى كانت تُعطى للبعثات الأجنبية، وأصبحت ١٠٪ فقط، والحقيقة أن نسبة الـ ١٠٪ قد طُبقت فقط مع بعثة جامعة واسيدا اليابانية.

وعندما توليت أمانة المجلس الأعلى للآثار، وجدت أن هناك ضرورة لتعديل هذا القانون، أولًا لإلغاء نسبة الـ ١٠٪، وكذلك لتغليظ عقوبة الاتجار فى الآثار والاعتداء على الأراضى الأثرية، حيث كانت سرقة الآثار فى القانون القديم تُعتبر جنحة. وفى الوقت نفسه، تم وضع بند فى القانون يمنع أى شخص أو هيئة من عمل نموذج أو نسخة لأى أثر طبق الأصل دون الحصول على تصريح من المجلس الأعلى للآثار.

ولكن للأسف الشديد، لم يوافق مجلس الشعب فى ذلك الوقت على تغليظ العقوبات بالشكل الذى كنا نريده. وهناك من لا يزال يتذكر تلك المعركة الحامية الوطيس التى دارت فى مجلس الشعب بخصوص تعديلات هذا القانون ٣ و٦١ لسنة ٢٠١٠.

بعد ذلك، وفى عام ٢٠١٨، صدرت التعديلات فى قانون رقم ٩١، ولكن لا أعتقد أنه حدثت تغييرات جوهرية على القانون القديم.

arabstoday

GMT 04:24 2025 الثلاثاء ,04 آذار/ مارس

... وبصل ألماني

GMT 04:22 2025 الثلاثاء ,04 آذار/ مارس

عبير الكتب: مارون والمتنبّي والرأس الضخم

GMT 04:21 2025 الثلاثاء ,04 آذار/ مارس

الرابحون والخاسرون من مواجهة ترمب وزيلينسكي

GMT 04:18 2025 الثلاثاء ,04 آذار/ مارس

عودة مصطفى الكاظمي إلى العراق

GMT 04:16 2025 الثلاثاء ,04 آذار/ مارس

ترمب والثورة الثانية والتاريخ

GMT 04:14 2025 الثلاثاء ,04 آذار/ مارس

الحقول النفطية في الضفة وغزة

GMT 04:12 2025 الثلاثاء ,04 آذار/ مارس

التنظيمات المسلحة بلا سلاح

GMT 04:06 2025 الثلاثاء ,04 آذار/ مارس

«نمبر وان»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيارة إلى جامعة دمياط الجديدة زيارة إلى جامعة دمياط الجديدة



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 18:56 2025 الأحد ,02 آذار/ مارس

أسعار النفط تسجل 3% خسارة شهرية

GMT 00:25 2025 الإثنين ,03 آذار/ مارس

إضراب عمال مطار ميونيخ يشل حركة الطيران

GMT 03:59 2025 الإثنين ,03 آذار/ مارس

إصابة الفنان الكويتي داود حسين بجلطة قلبية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab