بقلم : زاهي حواس
تأسست هيئة التراث منذ أكثر من عام، وتحديداً في فبراير (شباط) من عام 2020، وقد جاء إنشاء الهيئة بدعم من الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، وهو في الوقت نفسه رئيس مجلس إدارة هيئة التراث.
ولا يخفى على أحد الطفرة الهائلة التي حدثت بالمملكة العربية السعودية في السنوات الماضية فيما يخص قضايا التراث والحفاظ ليس على الآثار الإسلامية فقط، وإنما كل التراث الحضاري الموجود في المملكة.
ويأتي إنشاء هيئة التراث بمثابة رسالة من المملكة العربية السعودية للعالم كله مفادها بأن المملكة لا تدخر الجهد أو المال للحفاظ على تراثها وآثارها. ولذلك كان من الضروري أن تواكب خطة عمل هيئة التراث رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى الاحتفاء بتراث المملكة كثروة ثقافية وطنية وتراث إنساني عالمي. ويمكن تلخيص رسالة هيئة التراث في حماية وإدارة وترسيخ الابتكار والتطور المستدام لمكونات التراث الثقافي.
تتبع هيئة التراث عدة قطاعات منها الآثار والتراث العمراني والحِرف اليدوية والتراث غير المادي، ويرأس الهيئة الدكتور جاسر بن سليمان الحربش، وتتولى الهيئة مسؤولية تطوير قطاع التراث والحفاظ عليه بكل فروعه وبرامجه من خلال تطوير الأنظمة المتعلقة بالتراث وحفظه وتنميته والاستفادة منه كمصدر ثقافي واقتصادي ومعرفي وتفعيل التطبيقات التقنية والإلكترونية لإدارة عناصر التراث وتنميتها من خلال إنشاء قاعدة بيانات لكل مجالات وعناصر التراث الوطني. وقد انتهت الهيئة مؤخراً من إعداد استراتيجية قطاع التراث في إطار الاستراتيجية الوطنية للثقافة ومتابعة تنفيذها، إلى جانب اقتراح مشروعات الأنظمة والتنظيمات التي تتطلبها طبيعة عمل الهيئة.
وتتولى الهيئة أيضاً دعم جهود تنمية التراث الوطني السعودي ورفع مستوى الاهتمام والوعى المجتمعي بأهمية المحافظة على التراث الوطني وتنميته، كونه مصدراً مهماً في ترسيخ الهوية الوطنية والاعتزاز بها، إلى جانب تشجيع التمويل والاستثمار في المجالات المرتبطة باختصاصات الهيئة، وتشجيع الأفراد والمؤسسات والشركات على تطوير المحتوى في قطاع التراث. وكذلك تأسيس البرامج التعليمية وتقديم المنح الدراسية للموهوبين، إضافة إلى دعم حقوق المِلكية الفكرية. ويتضمن نطاق عمل الهيئة أيضاً إقامة وتنظيم المؤتمرات والمعارض والفعاليات والمسابقات المحلية والدولية، وكذلك الاشتراك في الاتحادات والمنظمات والهيئات الإقليمية والدولية التي تدخل جميعها في اختصاصات الهيئة بعد التنسيق مع وزارة الثقافة التي تدير بدورها هذه المنظومة وتعلن المقترحات والأسس التي يمكن من خلالها القيام بأعمال التنقيب والترميم للحفاظ على تراث المملكة.
فقط أريد أن يعرف القارئ العزيز أن إدارة التراث الأثري والحفاظ عليه من أهم وأخطر المهام التي يمكن أن توكل لهيئة أو مؤسسة متخصصة، ففي كثير من الأحيان يكون فقد أثر واحد يعني فقد صفحات من تاريخ البلد، وهذا هو ما لا يمكن تعويضه.
إن النهضة الأثرية التي تشهدها المملكة العربية السعودية منذ سنوات يعود الفضل فيها لوجود كوادر من شباب الأثريين السعوديين، وقد بدأنا نرى ثمار عملهم العلمي الذي نال إشادات دولية.