بقلم - زاهي حواس
اكتشفت بعثة أثرية سعودية في موقع أم درج بمحافظة العلا – أحد أهم المواقع الأثرية في المملكة العربية السعودية التي ترجع للفترة اللحيانية - مجموعة من الاكتشافات المهمة التي أمدّتنا بمعلومات جديدة عن تاريخ مملكة لحيان التي يعود تاريخها إلى القرن السادس قبل الميلاد. وكان من بين الآثار التي عُثر عليها نقوش بالخط اللحياني تتضمن معلومات جديدة ومهمة عن تاريخ لحيان، بالإضافة إلى عدد من المكتشفَات الأخرى كالتماثيل والمذابح والمجامر والفخار، حيث بلغ عدد القطع الأثرية المكتشَفة في الموقع أكثر من 3000 قطعة. كما كشفت البعثة السعودية عن عدد من المنشآت المعمارية الدينية والممرات المنحوتة في الجبل إضافةً لعدد من المنشآت المائية المتمثلة في القنوات والخزانات. لقد أضافت لنا تلك المكتشَفات معلومات جديدة حول مملكة لحيان خصوصاً عن العلاقات السياسية والاقتصادية مع المجتمعات المجاورة.
وكشفت أعمال التنقيب أيضاً في الموقع عن جزء من المعبد الرئيسي الذي يقع على قمة الجبل والذي يعد بمثابة محجّ للمعبود اللحياني ذي غيبة، وكان يقوم بالحج لهذا الموقع المقيمون في المنطقة وزوارها من الخارج، حيث أشارت النقوش إلى أسماء أشخاص حجّوا إلى هذا المكان وقدّموا نذورهم وقرابينهم للمعبود اللحياني.
كما تضمنت النقوش المكتشَفة أيضاً معلومات عن الفكر الديني للمجتمع اللحياني الذي اعتنق الديانة الوثنية التي انتشرت في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، حيث وردت في النقوش إشارات للنذور والقرابين التي كانت تقدَّم، بالإضافة إلى الدعوات التي يطلبها مقدمو النذور. إضافةً إلى ذلك، فقد عكست الآثار المكتشَفة الوضع الفني للمجتمع اللحياني، حيث يعطينا أحد التماثيل المكتشفة – رغم فقدان رأسه - معلومات فنية مهمة عن فن النحت في مملكة لحيان. وتعكس اللوحة الحجرية المنقوشة بالخط اللحياني الدلالات اللغوية لتلك الفترة.
وإذا ما نظرنا إلى الموقع الذي تمت فيه الحفائر فسوف نشاهد أن الأثريين السعوديين قدموا لنا مشروعاً أثرياً علمياً على مستوى كبير من الأهمية، واتّبعوا في ذلك الأسلوبَ العلمي في الحفائر واستطاعوا إماطة اللثام عن موقع لواحدة من أهم فترات عصر ما قبل الإسلام.