المتحف المصرى الكبير

المتحف المصرى الكبير

المتحف المصرى الكبير

 العرب اليوم -

المتحف المصرى الكبير

بقلم: دكتور زاهي حواس

تم افتتاح المتحف المصرى الكبير جزئيًا للجمهور وذلك يوم الأربعاء الموافق ١٦ أكتوبر الماضى. هذا الخبر كان يتمناه كل إنسان على وجه الأرض، وكان السؤال الذى يوجه لى دائما عندما أسافر إلى أى من دول العالم: متى يتم افتتاح المتحف المصرى الكبير؟. وكما أعلن الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء فإن هذا ليس افتتاحا لكامل المتحف المصرى الكبير، بل هو مجرد افتتاح جزئى لهذا الصرح الثقافى العملاق، والسبب هو ما يجرى من أحداث مؤسفة فى منطقتنا بالشرق الأوسط من حرب قذرة تشنها إسرائيل على أهلنا فى غزة ولبنان، ولا يمكن لمصر أن تقيم احتفالا عالميا يحضره الملوك ورؤساء الدول ودماء أهلنا فى فلسطين المحتلة ولبنان تسفك بلا رحمة من عدو تجرد من كل معانى الإنسانية. ولذلك فإننا نقف صفًّا واحدًا مع حكومتنا فى هذا القرار الصائب، ونؤكد على موقف مصر الثابت فى حق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم المستقلة.

وبلا شك فإن الافتتاح الكبير سوف يأتى قريبًا بإذن الله عندما يعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى موعد الاحتفال الثقافى الكبير عندما يسود السلام فى الشرق الأوسط، عندها ستبهر كنوز الملك توت عنخ آمون العالم كله عندما يراها فى بيتها الجديد وقد خصص لها قاعتان من أكبر قاعات المتحف لكى تعرض بهما كل كنوز الملك لأول مرة منذ يوم اكتشافها فى ٤ نوفمبر ١٩٢٢. وسوف يرى العالم لأول مرة آثار توت عنخ آمون تعرض بطريقة حضارية وبأحدث تكنولوجيات العرض المتحفى. حتى هذه القطع الفنية من كنوز الملك توت التى كانت معروضة من قبل فى المتحف المصرى بالتحرير فإن الزائر سوف يشاهدها وكأنها تعرض للمرة الأولى منذ خروجها من مقبرة الملك بوادى الملوك. كل ما أتمناه أن يكون قناع الملك توت عنخ أمون- أشهر وأغلى أثر على وجه الأرض- هر آخر قطعة فنية يطالعها الزائر قبل مغادرة جناح كنوز الملك توت بالمتحف. والسبب هو أن كثيرين من زوار المتحف لا يعرفون من كنوز الملك توت سوى قطعة واحدة هى القناع الذهبى، لذلك أخاف أن يكون القناع معروضًا وسط القاعة فربما يخرج الزائر بعد ذلك من المتحف لضيق الوقت، لكن إذا كان القناع هو آخر قطعة يتم عرضها فسوف يطوف الزائر على كل القطع المعروضة حتى يصل إلى القناع الذهبى.

كنت أتمنى عقد مؤتمر صحفى عالمى يوم الافتتاح داخل المتحف المصرى الكبير وتحديدًا أمام تمثال الملك رمسيس الثانى الذى قمنا بنقله من ميدان رمسيس إلى المتحف الكبير، نعلن فيه سبب افتتاح المتحف جزئيًا وما تم من إنجاز كبير فى القاعات الجديدة التى تم افتتاحها أمام الزائرين، وكذلك طمأنة الناس حول العالم على جاهزية المتحف المصرى الكبير للافتتاح الكبير عندما تتغير الظروف الموجودة حاليًا. كما أرجو أن يتم الإعلان قبل الافتتاح بستة أشهر على الأقل حتى يستعد الجميع للحضور لأن هذا المتحف هو المشروع الثقافى الأكبر فى القرن الـ ٢١.

قابلت الممثلة الأمريكية السمراء چودى ترنر سميث التى كانت تزور مصر وقامت بتأجيل موعد مغادرتها لكى تتمكن من زيارة المتحف المصرى الكبير. كما أسعدنى كذلك معرفة أن سبب وجودها فى مصر هو قيامها بتصوير فيلم من إنتاج هوليوود يحكى قصة من قصص الجاسوسية. لذلك أود أن أرفع القبعة للحكومة المصرية لأنها قضت على المعاناة التى كان يقابلها مخرجو السينما العالمية الذين كان عليهم المرور على سبع جهات حكومية مختلفة للحصول على التصاريح، وكل جهة تطلب ما تشاء من أوراق ورسوم!، الجحيم الذى جعل مخرجى السينما العالمية يهربون من مصر ويتجهون إلى التصوير فى الأردن والمغرب وتونس التى ترحب وتقدم كل التسهيلات المجانية لتصوير الأفلام، وقد صور هناك فيلم غزاة الكنز المفقود والمريض الإنجليزى وغيرهما. استقبلت فى مكتبى منذ أيام السيد رون بيركل الذى يمتلك شركة إنتاج وتصوير سينمائى وهى التى قامت بتصوير فيلم الجاسوسية فى مصر، وكنت قد قابلته من قبل عندما جاء إلىّ مع الرئيس بيل كلينتون وزرنا معًا «أبو الهول». أخبرنى رون أنه سعيد جدًا بالتسهيلات الكبيرة التى تقدمها الحكومة المصرية لشركات الإنتاج العالمية للتصوير فى مصر. وأكد أن ذلك سوف يدر دخلًا كبيرًا للاقتصاد المصرى، وفى نفس الوقت سيكون له مردود إيجابى فى تشجيع السياحة لمصر. وسيتم خلال الشهر القادم تصوير فيلم عن صدام حسين فى مصر. لقد كتبت فى هذا الموضوع كثيرًا وعلى مدار سنوات طويلة مضت مناشدًا رفع العوائق وتذليل الروتين أمام تصوير الأفلام سواء الوثائقية أو السينمائية الأجنبية؛ وللأسف لم أر أى استجابة؛ لذلك أوجه الشكر للحكومة الحالية على ما قامت به ونتمنى أن تستمر فى ذلك. ولكى نعرف أهمية هذا القرار أقص عليكم قصة لطيفة حيث كنت أسافر خلال شهور الصيف عندما كنت مديرًا لآثار الأهرامات إلى مدينة لوس أنجلوس لكى أقوم بتدريس كورس عن الأهرامات، وكنت أقيم فى لوس أنجلوس سنويا حوالى شهر ونصف وكان ذلك فى جامعة UCLA. وفى إحدى المرات جاءت إلى مكتبى بالجامعة منتجة أفلام شهيرة من هوليوود وهى چولى كورمان، زوجة المخرج الشهير روچر كورمان الذى كان مشهورا بأفلام الرعب وهو الذى شهر روبرت دى نيرو وجاك نيلسون، وقد توفى فى العام الماضى عن عمر تسعين عاما. أخبرتنى چولى أنها تنوى تصوير فيلم فى مصر بطولة ستاسى كيتش، لكنها تخشى من مغامرة التصوير فى مصر خاصة بعد أن قابلت المخرج الشهير ستيفن سبيلبيرج الذى حكى لها أنه ذهب إلى مصر ليصور بعض مشاهد من فيلم انديانا جونز والذى كان عنوانه «غزاة الكنز المفقود» وقال لها إنه ذهب قبل التصوير للمعاينة؛ ففوجئ بأن أفلام التصوير لا بد أن تسلم إلى الأجهزة الأمنية للمعاينة!، وفى نفس الوقت سوف تمر على الأجهزة الحكومية للحصول على الموافقات وقد توافق أو لا توافق!، ناهيك عن صعوبة التعامل مع الموظفين. أخبرت جولى أننى سوف أساعدها وبالفعل قمت بذلك وقدمتها إلى أشخاص أمناء قدموا لها العون. والمفاجأة أن السيدة جولى أخبرتنى بأن هناك دورين مهمين بالعمل: الأول دور رئيس مصلحة الآثار، والثانى سواق تاكسى!، وان الفيلم بعنوان أسطورة المقبرة المفقودة وهو عبارة عن شخص شرير يطارد ولدا وبنتا فى عمر الشباب من خلال مناطق الآثار للعثور على مقبرة بها كنز!، وطلبت منى چولى أن أقوم بدور رئيس مصلحة الآثار وقلت لها إننى لست ممثلا، ورفضت هذا العرض تماما وقمت بترشيح الفنان الراحل يوسف داوود، وهو يتحدث الإنجليزية بطلاقة وعندما جاء دور البحث عن سائق التاكسى تم اختيار شاب حديث التخرج فى معهد السينما وهو خالد الصاوى ويتحدث الإنجليزية بطلاقة. وتم تصوير الفيلم فى مصر، وقمت بنفس الدور الذى أقوم به فى عالم الآثار، حيث كان الشرير يطارد الولد والبنت ودخلا موقع الحفائر التى أقوم بها وطردت الشرير، وكتبوا فى تتر الفيلم Zahi Hawass as himself أى أننى قمت بنفس الدور الذى أقوم به فى الحياة وهذا الفيلم موجود حاليًا على اليوتيوب.

أعود إلى المتحف المصرى الكبير فقد لا يعرف البعض قصة هذا المتحف وهنا أقول إن الفضل الأول فى اختيار المكان يعود للفنان الصديق فاروق حسنى الذى قرر أن يكون المتحف مع الأهرامات، ولم يكن المهندس الذى صمم المتحف يود ربطه بأى مبان أخرى، بينما كان فاروق حسنى يحلم بأن مصر بلد الحضارة والتاريخ العظيم لا بد أن يكون لها متحف عالمى لا يوجد له مثيل فى أى مكان آخر بالعالم. وتم اختيار المكان وللأسف حاول البعض كالعادة الهجوم على اختيار المكان ولكن الموقع كان هو الأمثل لبناء متحف على مستوى عالمى. وكان لا بد أن يتم عمل مسابقة معمارية عالمية حتى يكون هناك ابتكار ويتم الربط بين الهرم والمتحف ولذلك أعلنت المسابقة ووصلنا أكثر من ألفى مشروع. وشكل فاروق حسنى لجنة عالمية لاختيار أفضل مشروع مقدم حتى وقع الاختيار على مهندس صينى يعيش فى دبلن بأيرلندا. وبدأنا أولا فى بناء معامل الترميم والمخازن على مستوى عالمى وكان الفضل فى بناء هذه المخازن يعود إلى الملك توت عنخ آمون حيث قمنا بإرسال معرض آثار الملك توت إلى الخارج وحصلنا من خلاله على حوالى ١٢٠ مليون دولار. وتم شراء أجهزة على أعلى مستوى للمخازن ومعامل الترميم وبعد ذلك حصلنا على قرض من اليابان بحوالى ٤٠٠ مليون دولار وتم اختيار الشركات التى سوف تقوم بالبناء وكان من المفروض أن يتم افتتاح هذا المتحف فى ٢٠١٥ ولكن أحداث ٢٠١١ أوقفت كل الأعمال داخل المتحف بل وتم صرف المبالغ المخصصة للتنفيذ على تعيين موظفين بدون مهام أو حاجة إليهم فى المجلس الأعلى للآثار. ولكن عندما تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى المسؤولية أبدى اهتماما خاصا بالمتحف وقامت الحكومة بصرف ما يقرب من مليار دولار لتنفيذ المتحف. كان ذلك رسالة من الحكومة المصرية للعالم كله بأنه رغم الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها إلا أن الحكومة ورئيس مصر اهتموا بهذا المتحف ليعلن للعالم كله أن مصر تصون آثارها وتراثها الذى هو ملك للعالم كله.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتحف المصرى الكبير المتحف المصرى الكبير



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab