بقلم - زاهي حواس
من خلال ما نُشر حتى الآن، يظهر التعاون الأثري بين الأثريين بالمملكة العربية السعودية وبين البعثات الأجنبية. وقد يتساءل البعض هل هناك بعثات سعودية تعمل في الكشف عن أسرار الماضي؟ وجدت أن هناك على الأقل ست بعثات من الجامعات السعودية تعمل في المسح الأثري والتنقيب والترميم. وسوف نجد أن جامعة الملك سعود تعمل في موقع المابيات (فرح) في محافظة العلا بمنطقة المدينة المنورة، كما تعمل الجامعة نفسها في موقع الخريبة (دادان) في العلا، وكذلك تعمل مع هيئة التراث في مشروع تأهيل موقع الفاو الأثري بوادي الدواسر بمنطقة الرياض. ويعتبر هذا المشروع من أهم المشاريع التي قامت بها جامعة الملك سعود، حيث عمل في الموقع العديد من الأثريين من المملكة والأردن ومصر.
أيضاً تعمل جامعة حائل بموقع الغرائس بمنطقة حائل كما تعمل في موقع فيد مع الهيئة لتطوير المنطقة، بالإضافة إلى بعثة أخرى من جامعة جازان تعمل في موقع المنارة بمنطقة جازان.
سوف أتطرق هنا إلى أعمال بعثة الملك سعود للتنقيب في منطقة المابيات بالعلا، حيث كشفت البعثة السعودية عن عدد من الوحدات المعمارية المبنية من الطوب اللبن ترتبط بمساحات رصفت بالآجر، وعدد من المرافق والمنشآت المائية والصحية كالحمامات وخزان مبني بالجص، كما تم الكشف عن شارع يمتد من الشمال إلى الجنوب. وعثرت البعثة أيضاً على عدد من الكسر الفخارية، منها فخار رقيق وأجزاء من مشربيات عليها زخارف إما بالكشط أو حزوز غائرة. ومعظم ما تم الكشف عنه هو كسر من الخزف ذي البريق المعدني أو المبقع أو المخطط.
ويعود مجمل هذه الاكتشافات إلى الفترة العباسية والفاطمية خلال التاريخ الإسلامي. وقد تم الكشف أيضاً عن كسر من الزجاج المصنوع بأسلوب النفخ لعمل قوارير وأطباق.
كشفت البعثة السعودية أيضاً عن استعمال الآجر في مواقع البناء لعمل الأعمدة وخاصة الآجر المثلث والمربع والشكل المستطيل لعمل الأرضيات، كما استعمل الآجر المزخرف المربع والمستطيل لتجميل المباني. ويتضح أن البعثة تقوم بأعمال الحفر بأسلوب علمي مع عمل دراسة شاملة للفخار والمسارج والنقوش والأواني التي عثر عليها بالموقع.