زرت مدينة سان فرانسيسكو عدة مرات ولأسباب مختلفة، ولكن لم يحدث أن عرفت هذه المدينة عن قرب مثلما حدث خلال زيارتى الأخيرة لها منذ أيام قليلة مضت. كنت غالبًا ما أصل إليها إما لإلقاء محاضرة أو ضيفًا على إحدى القنوات التليفزيونية لأعود بعد ذلك إلى القاهرة أو أنتقل إلى مدينة أخرى! هذه المرة كان هناك نجم مصرى شهير هو الملك رمسيس الثانى، ملك ملوك الفراعنة والعالم القديم، حيث يستضيف متحف دى ينج، أحد أكبر وأشهر متاحف الولايات المتحدة، معرض آثار الملك المصرى الأكثر شهرة فى العالم دون منازع سوى توت عنخ آمون والإسكندر الأكبر.
ورغم أن الآثار التى سافرت للمعرض ليست من روائع آثار هذا الملك إلا أن منظمى المعرض استطاعوا أن يجعلوا منه أيقونة رائعة تجذب الجماهير من كل مكان، وترى صور الملك رمسيس معلقة فى شوارع سان فرانسيسكو، وقد وضع متحف دى يونج الآثار فى قاعات عرض رائعة تبدأ بفيلم قصير عن الملك يليه عرض تماثيل وآثار من عصر الأسرة التاسعة عشرة من الدولة الحديثة.
وتم تخصيص قاعة جميلة داخل المعرض لعرض جزء من كنوز تانيس من القطع الأثرية الذهبية التى خرجت من مقابر ملوك تانيس، ولذلك سُمى المعرض «رمسيس العظيم وذهب الفراعنة». وتُعرض فى القاعة الأخيرة مجموعة من مومياوات الحيوانات المحنطة، والتى قام بالكشف عنها الدكتور مصطفى وزيرى، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار. وينتهى المعرض بقاعة عرض واقع افتراضى «VR» لتجد الملكة الجميلة نفرتارى تقوم بدور المرشد السياحى وتأخذك فى جولة أكثر من ساحرة لزيارة معبد زوجها رمسيس الثانى بأبوسمبل، وكذلك مقبرتها الجميلة بوادى الملكات.
ولأسباب اقتصادية وأخرى متعلقة بالطقس العاصف الذى تشهده مدينة سان فرانسيسكو قلّ الإقبال على زيارة المعرض مؤخرًا، ولذلك قام المنظمون بدعوتى لإلقاء محاضرة وتنشيط الدعاية للمعرض، وقاموا بتأجير قاعة مسرح بالمدينة تعرف باسم «A.C.T»، وعلى خشبته عُرضت الكثير من المسرحيات والعروض العالمية. ويسع المسرح ألف شخص، وباع المنظمون تذاكر المحاضرة بالكامل واستطاعوا فى نفس الوقت عمل دعاية للمعرض تجذب حوالى خمسة آلاف شخص حاليًا لزيارة المعرض.
أما مدينة سان فرانسيسكو فتحتل مساحة سبعة أميال فى سبعة أميال، وبها أيضًا سبعة أحياء رئيسية، والمدينة تعتبر من أجمل مدن الولايات المتحدة، لها طابع خاص يختلف عن أى مدينة أخرى، وبها مواقع سياحية جميلة، وجزيرة تُعرف باسم الملائكة يأتيها الناس من الصين واليابان. وأهم أحياء سان فرانسيسكو الحى الصينى «China Town»، ويعيش فيه آلاف الصينيين وتنتشر فيه المطاعم والمحلات الصينية، وقامت هوليوود بعمل فيلم عن الحى الصينى بطولة جاك نيكلسون، وهو ما جعل الحى يتحول إلى مزار سياحى. وهناك أيضًا سجن الكتراز على جزيرة وسط المياه، ويُصنف بأنه يستحيل الهرب منه. وقد تم إخراج ثلاثة أفلام مهمة جدًا عنه، الأول بطولة بول نيومان، والثانى بطولة كلينت إيستوود، والثالث باسم «الصخرة» بطولة شون كونرى، وهناك أيضًا جزيرة الكنز Treasure Island. وأخرى يعيش فيها الأغنياء أصحاب الثروات. وقد قام ببناء متحف دى ينج أشهر موزع «موبيليا» فى أمريكا، وهذا الرجل له قصة معى فقد تصادف أن قابلته ومعه آخر داخل منطقة الهرم بالمصادفة البحتة عندما كنت مفتشًا لآثار الهرم وأعيش فى استراحة صغيرة غرب هرم الملك خوفو. وكان الأول اسمه والتر نيومان، متزوج من ابنة المليونير أجى ماجنن، والثانى مدير متحف الفنون المعروف باسم دى ينج، وقد قمت بدعوتهما لتناول الشاى داخل الاستراحة التى تشرف على هرم الملك خوفو، وقالا لى إنهما جاءا إلى مصر لأنهما يريدان أن تكون سان فرانسيسكو واحدة من المدن المحظوظة بعرض كنوز توت عنخ آمون خلال محطته السادسة والأخيرة.
وكانت مصر قررت أن تُرسل ٥٥ قطعة من آثار الملك توت، منها القناع الذهبى والتوابيت الذهبية، وتم الاتفاق على أن يُفتتح هذا المعرض فى العاصمة واشنطن، وبعد ذلك يزور نيويورك ونيو أورليانز وشيكاغو ولوس أنجلوس، وفى ذلك الوقت كان الرجل العظيم فؤاد العرابى، الذى اقترن اسمه بأهم مشاريع الآثار المصرية، مثل متحف الأقصر والصوت الضوء، وقلت لهما إننى أعرف المسؤول عن الآثار جيدًا، وبالفعل اتصلت بفؤاد العرابى الذى وافق على جعل سان فرانسيسكو المحطة السادسة لمعرض توت عنخ آمون. ودعانى والتر نيومان لزيارة سان فرانسيسكو، وعند زيارتى للمتحف وجدت لوحة جميلة معروضة هناك، اكتشفت أنها مسروقة من منطقة سقارة، وأنهم اشتروها ودفعوا فيها الكثير. وعلى الفور قلت لهم إن مصر كانت كريمة معكم وسوف تشاهدون معرض الفرعون الذهبى توت عنخ آمون فى مدينتكم، لذلك يجب أن تعيدوا هذه اللوحة إلى مصر، وقلت لهم من حقكم أن تقاضوا التاجر الذى باع لكم هذه اللوحة لأنها مسروقة من مصر، وجاء مدير المتحف ومعه اللوحة وتم تسليمها إلى المتحف المصرى.
أعود إلى سان فرانسيسكو وكنت فى طريقى لمقابلة أحد المهتمين بالآثار المصرية، ودخلنا معًا نفقًا قالوا لى عنه إن اسمهRobin Williams على اسم الممثل الكوميدى الشهير، وقد سعدت جدًا لذلك، خاصة أنه تصادف أثناء افتتاح معرض توت عنخ آمون فى مدينة نيويورك، وكنت أقف فى قاعة استقبال الفندق، فجاء يسلم علىّ ويقول إنه يتتبع أخبارى وكتاباتى، فعزمته على الفور وقلت له إننى أيضًا من المعجبين به. هذا الفنان العظيم حدث له اكتئاب عام ٢٠١٤ لسبب غير معروف، بعدها أطلق على نفسه الرصاص.
إيلون ماسك
غنى عن التعريف، فهو أغنى رجل على سطح الأرض، يمتلك «تسلا» عملاق السيارات الكهربائية، و«سبيس إكس» عملاق الأقمار الصناعية والإنترنت، و«تويتر» التى يراهن الجميع على أنها ستؤدى إلى إفلاسه، إلى جانب العشرات من الشركات الأخرى. هو الرجل الذى يصحو كل يوم ليجد نفسه إما ربح أو خسر عشرات أو مئات المليارات من الدولارات، حسب أسهم شركاته فى البورصة. درس بجامعة كوينز، وبعد ذلك انتقل إلى جامعة بنسلفانيا للحصول على شهادة فى علم الاقتصاد، ودرس درجة الدكتوراه فى جامعة ستانفورد فى الفيزياء التطبيقية، ولكنه ترك كتابة الرسالة ليهتم بمجال ريادة الأعمال.
أعلن إيلون ماسك من قبل أن الأهرامات بناها قوم جاءوا من الفضاء، فقمت بنشر فيديو موجه إليه شرحت له خطأ نظريته، وقلت له: سوف أقدم لك دليلًا واحدًا يدحض ما قلته، وهو بردية وادى الجرف التى تؤكد أن من بنى أهرامات خوفو وخفرع مصريون وليسوا سكان الفضاء. وقد قامت الوزيرة رانيا المشاط بدعوته لزيارة مصر. ثم قام مؤخرًا بعرض صور من معبد الإلهة حاتحور فى دندرة، يشيد بمناظر وجمال هذا المعبد وعمارته، وقبل أن ينشر هذا الإعلان بيوم واحد كنت قد وصلت إلى سان فرانسيسكو.
وأكد لى أحد الأصدقاء الأمريكان أن ماسك يعيش فى سان فرانسيسكو فأرسلت له «إيميل» قبل المحاضرة بيوم واحد أدعوه فيه للحضور لسماع قصة أهرامات مصر، وفى اليوم التالى وجدت الإعلامى المحترم الصديق عمرو أديب يتصل للتعليق على ما نشره ماسك عن معبد دندرة وشاهده حوالى ٨ ملايين شخص من متابعيه حول العالم، وبالطبع سيكون له تأثير إيجابى على السياحة المصرية.
وفى اليوم التالى قمت بعمل فيديو وأرسلته إلى إيلون ماسك وتحدثت معه عن قضية عودة القبة السماوية أو الزودياك المنهوب من معبد دندرة، وقلت له إن لصًا فرنسيًا قام بنشر الحجر من السقف وهو موجود حاليًا فى متحف اللوفر! فهل يتصور أحد أن المعبد توجد به قطعة مقلدة وأن الأصل فى اللوفر؟ وطلبت منه أن يوقع الوثيقة التى نُشرت على الإنترنت وبها صورة الزودياك. ودعوته إلى زيارة مصر وأننى سوف أقوم بشرح أهرامات الجيزة له عندما يأتى إلى مصر.
مايكل مينا
مصرى يعيش فى أمريكا، وللأسف غير معروف فى مصر، ولكن له شهرة طاغية فى أمريكا، ويُعتبر أشهر طباخ أو شيف هناك، وله اسم رنان فى كل مكان، وقد شاهدت رواد مطاعمه فى لاس فيجاس وسان فرانسيسكو يطلبون التقاط الصور معه.
وُلد فى القاهرة عام ١٩٦٩ وبعد ذلك هاجر إلى أمريكا، وعمره الآن حوالى ٥٤ سنة، ويعشق المطبخ، لذلك فقد درس فى نيويورك كيف يصبح «شيف» ولديه الآن حوالى ٤٣ مطعمًا فى أغلب بلاد العالم، خاصة أمريكا، ويقوم بالطهى بنفسه فى مطعمه بلاس فيجاس وسان فرانسيسكو، وقد أصدر كتابًا عن الطهى، وأصبح مؤسس مجموعة مينا للمطاعم، وقدم العديد من الحلقات فى التليفزيون، وأشهر مطاعمه الموجودة فى سان فرانسيسكو. حصل مايكل مينا على العديد من الجوائز، منها جائزة Michellin Star، وهى أشهر جائزة للمطاعم. وحقق كتابه عن الطهى أعلى مبيعات، ويقوم حاليًا بكتابة قصة حياته وكفاحه، وهو يعتز جدًا بمصريته، وعندما جاء إلى مصر منذ حوالى خمس سنوات طلب من الخبير السياحى عمرو بدر أن يقابلنى، ودعوته على العشاء ثم دعوته لكى يقف معى أمام أبوالهول فى السابعة صباحًا، وهو شخص طيب جدًا ومتواضع وصاحب كاريزما عالية، ويؤكد فى كتابه الذى سوف تصدره إحدى دور النشر فى أمريكا على أنه من أحفاد الفراعنة، لذلك فقد دعا العديد من أصدقائه لزيارة مصر، وقد دعانى للعشاء فى مطعمه الشهير خارج مدينة سان فرانسيسكو وطبخ لى بنفسه، وخلال العشاء تناقشنا فى عنوان الكتاب، وقلت له إن العنوان الجذاب الذى يربط بينه وبين مصر هو Micheal Mina cooks to the Pharaohs «مايكل مينا يطبخ للفراعنة».