السر داخل هرم الملك خوفو ١

السر داخل هرم الملك خوفو (١)

السر داخل هرم الملك خوفو (١)

 العرب اليوم -

السر داخل هرم الملك خوفو ١

بقلم - دكتور زاهي حواس

كان من أوائل الاكتشافات الأثرية داخل هرم الملك خوفو العثور على الممرات السرية التي يطلق عليها خطأً فتحات التهوية بالحجرة الثانية، المعروفة أيضًا خطأ بـ«حجرة الملكة»!. وتوالت بعد ذلك أسرار الهرم في الظهور؛ خاصةً عندما دخل الإنسان الآلى (الروبوت) داخل هذه الممرات في تجربة مثيرة وفريدة من نوعها شاهدها الناس حول العالم على الهواء مباشرة على اختلاف مواقيتهم.

وقبل أن أتحدث عن هذا الحدث الفريد في تاريخ الاكتشافات الأثرية حول وداخل الأهرامات المصرية، سوف أقوم بعرض ما جاء في دفتر يوميات المفتش «مرر»، الذي يحدثنا ولأول مرة عن الملك خوفو وعن بناء الهرم.. تلك هي البردية التي تعرف باسم «بردية وادى الجرف»، حيث عثر عليها في موقع ميناء بحرى من عصر الملك خوفو على شواطئ البحر الأحمر جنوب سيناء في منطقة وادى الجرف.

يعتبر كشف بردية وادى الجرف من أهم الاكتشافات الأثرية على الإطلاق، بل أرجو ألا يندهش أحد إذا قلت إنه الكشف الأهم عندى من الكشف عن مقبرة الملك توت عنخ آمون!. لقد أعلنت منذ أيام من أمام هرم الملك خوفو أن بردية وادى الجرف ويوميات المفتش «مرر» عن بناء الهرم هما الرد الحاسم على كل (الخزعبلات) التي تقال عن الهرم.. بل قلت إننا بفضل الكشف عن هذه البردية، نستطيع وضع حجر من الأحجار الملقاة حول الهرم في فم كل من يفترى بالقول إن الهرم ليس صناعة مصرية.

تسجل البردية يوميات أو حوليات العمل والمهام التي كُلّفَ بها «مرر»، الذي كان مسؤولًا عن أربعين عاملًا، ومن تلك المهام القيام بنقل أحجار الكساء الخارجى للهرم على مراكب كبيرة من طرة الجنوبية إلى «آخت خوفو»، وهو اسم هرم الملك خوفو بمعنى «أفق خوفو». سجل مرر بنفسه تلك اليوميات بالخط الهيراطيقى ووصف خط سيره من طرة إلى منطقة الإنزال بالقرب من هرم خوفو، بل ذكر أسماء رؤسائه وكبار المسؤولين عن العمل.

كتب مرر أنه عمل تحت إمرة الموظف «ددى»، وأن المسؤول عن بناء الهرم كان «عنخ خاف»، والمفاجأة التي لم أتوقعها هي أننى قد كشفت عن مقبرة «ددى» المذكور في البردية. وذلك من خلال حفائرى غرب الهرم وهى مقبرة صغيرة بها نقوش ومناظر تدل على أن الملك خوفو ارتضى على ددى بناء مقبرة بجوار هرمه.

ويبقى سؤال: هل من الممكن أن يكون «مرر» مدفونًا هو الآخر بجوار هرم الملك خوفو؟.. الإجابة نعم، لأن «مرر» يحمل لقب «سحدج- بمعنى مفتش»، وهناك مَن هم في مثل مرتبته ومدفون في الجبانة الغربية.

عثر على بردية وادى الجرف فريقٌ علمى فرنسى من المعهد الفرنسى بالقاهرة وجامعة السوربون في باريس، وذلك بين أعوام ٢٠١١ و٢٠١٣، ولم يكن أحد يتوقع أو حتى يتخيل أن بردية تتحدث عن بناء الهرم يمكن الكشف عنها في موقع ميناء تجارى قديم من عصر الأسرة الرابعة على البحر الأحمر.

من خلال البردية، نعرف أن «مرر» وعُمّاله كانوا يقيمون خلال وصولهم إلى منطقة بناء الهرم في المنطقة المجاورة لحيط الغراب، التي تُعرف باسم «عنخ خوفو»؛ أي «خوفو يعيش»، ونعتقد أن هذه المنطقة تقع في نهاية حيط الغراب من الجنوب، وهى المنطقة التي نعرفها باسم «را- شى خوفو»، أي «مدخل بحيرة خوفو». كان المفتش مرر وفريقه يقومون بالعمل في هذه المنطقة، حيث كانت هناك قناة تربط بين نهر النيل وتنتهى بميناء أمام الأهرامات، وقد كشفنا عن جزء من ميناء هرم الملك خوفو في المنطقة التي تقع في الشرق من ترعة المنصورية، وذلك أثناء قيام بعض الأهالى ببناء منازلهم.. وكذلك كشفنا عن ميناء الملك خفرع أمام منطقة معبدأبوالهول.

كان «مرر» وفريقه يقضون الليل في القرية التي كانت مخصصة للعمال الذين يعملون في بناء هرم الملك خوفو. كان «مرر» وفريقه ينقلون الأحجار من جنوب طرة إلى «را- شى خوفو»، ووصفها بالمنطقة المزدحمة، نتيجة وجود مجموعات وفرق أخرى من العمال تأتى من الشمال ومن الجنوب جالبةً معها كل ما يحتاجه البناء.

استغرقت مهمة «مرر» عدة أيام من لحظة القيام بتحميل الأحجار من محاجر طرة الملكية والإبحار وعبور النهر، ثم الدخول إلى القناة المائية التي تنتهى به ومراكبه عند منطقة «را- شى خوفو»، وكان مرر قد اضطر إلى البيات ليلة هو ورجاله في المنطقة التي أشرنا إليها من قبل، وفى الفجر استيقظ ورجاله وأكمل الإبحار متجهًا إلى محطة الإنزال، والتى تطلب دخولها الانتظار ساعات طويلة، وذكر أن المشرف على المنطقة التي تشبه في مفهومنا العصرى منطقة التجميع والتخزين ثم الإمداد والتوزيع هو المهندس «عنخ- خاف». وقد ذكر «مرر» التاريخ باليوم والفصل والسنة، والذى كان العام ٢٧ من حكم الملك خوفو.

أعود إلى الكشف الأول الذي تم داخل هرم خوفو، وهو استكشاف الممرات السرية، والعثور على ثلاثة أبواب حجرية في نهايات الممرات التي يطلق عليها خطأ «فتحات التهوية».

وهرم الملك خوفو هو الهرم الوحيد الذي يحتوى على حجرات يخرج منها ما يطلق عليه خطأ «ممرات أو فتحات تهوية»، وهى ممرات غامضة مربعة مساحتها ٢٠ في ٢٠ سم، تبدأ مداخلها في الجدارين الشمالى والجنوبى للحجرتين العلويتين. كان أول من كشف عن وجود فتحتى التهوية بحجرة الملكة هو الإنجليزى واينمان ديكسون عام ١٨٧٢، وذلك أثناء قيامه بفحص الجدران عن طريق الطرق عليها لكى يتبين له ما إذا كانت جدران مصمتة أم أن هناك فراغات خلفها. وبالفعل، أحس بوجود فراغ خلف منطقتين بالجدارين الشمالى والجنوبى، فبدأ باستخدام مطارق الصلب في التكسير والتى أخطأت للأسف المكان الدقيق للفتحة فأحدث تدميرًا حولها. عثر داخل الفتحة الجنوبية على خطاف برونزى صغير يشبه تلك الأدوات التي تستخدم في طقسة فتح الفم، بالإضافة إلى كسرة من الجرانيت وقطعة من الخشب الممزوج بالراتنج.

في عام ١٩٩٢ وكجزء من خطتى لإدارة الموقع، طلبت من المعهد الألمانى للدراسات الشرقية بالقاهرة مساعدتنا في تنظيف ممرات التهوية بحجرة الملك حتى يتسنى لنا عمل نظام للتهوية يقلل من نسبة الرطوبة داخل الهرم. وقام المصمم رودلف جانتنبرنك بتصميم روبوت أطلق عليه اسم الإله «وب واووت»، بمعنى «فاتح الطرق». كان الروبوت ذا حجم صغير يمكّنه من دخول تلك الممرات، وبعد الانتهاء من وضع نظام التهوية بممرات حجرة الملك، والتى اتضح أنها تفتح من حجرة الملك إلى خارج الهرم، قمنا بإرسال الروبوت عبر الممر الشمالى لحجرة الملكة عام ١٩٩٣.. حينها وجدنا المفاجأة، فقد انحنى الممر بشدة بعد مسافة ٨ أمتار ولم يستطع الروبوت المناورة. وذهبنا إلى الممر الجنوبى، وسار الروبوت حتى مسافة ٢٠٠ قدم، وتوقف أمام باب بمقبضين من النحاس، وعندما تم اختيارى من المكتشفين العظام.. وعددنا وصل إلى تسعة مكتشفين، منهم جان جودوا الإنجليزية، وكذلك بل بيلارد مكتشف موقع باخرة تيتانك في قاع المحيط.. وكان لكل مكتشف حلم. وقلت لهم إن حلمى هو أن أجد الروبوت القادر على استكشاف الممرات داخل هرم خوفو!.. بعدها قامت الناشيونال جيوجرافيك بإعداد روبوت أُطلق عليه اسم «بيراميد روفر».

مشى الروبوت داخل الفتحة الجنوبية حاملًا كاميرا صغيرة، وقمنا بعمل ثقب صغير لا يزيد على واحد سنتيمتر عبر الباب الحجرى لكى نتمكن من إدخال كاميرا دقيقة من خلال تلك الفتحة. وعندما نجحنا في ذلك كانت المفاجأة هي أننا شاهدنا خلف الباب بابًا آخر أو سدة تبعد عن الباب الأول بمسافة قليلة. وإذا دققنا في هذا الباب أو السدة نلاحظ أنه بلا مقابض نحاسية مثل الأول!.. بالإضافة إلى أنه يشبه السدة التي تستخدم لإخفاء شىء خلفها. بعد ذلك، دخل الروبوت إلى الممر الشمالى الذي دخله الروبوت الألمانى وتعثر به حين وجد أنه يميل إلى الناحية الشمالية ولا يسير في اتجاه مستقيم. ووجدنا أن هذا الممر ينحنى شمالا وجنوبا لمسافة ٢٤ قدمًا، وذلك لكى يتفادى البهو العظيم، وسار الإنسان الآلى متجهًا إلى الشرق حتى وصل إلى مسافة ٢٠٠ قدم، بعدها توقف أمام باب آخر بمقبض من النحاس.

مما لا شك فيه أن وظيفة ممرى التهوية بحجرة الملك تختلف تمامًا عن تلك الموجودة بحجرة الملكة، التي تنتهى بأبواب حجرية بمقابض نحاسية، ومن خلفها سدات لا نعرف سرها، ولا ما الذي تخفيه وراءها إلى يومنا هذا.

أما تلك الموجودة بحجرة الملك، فلها علاقة بتجول روح الملك خارج الهرم، حيث يمكنها الخروج من الفتحة الجنوبية واستخدام المراكب المدفونة هناك، وكذلك الخروج من الفتحة الشمالية والارتباط بالنجوم التي تمثل أرواح الملوك الأسلاف.

لقد قمت بالكشف، ليس فقط عن أسرار ممرات التهوية، بل تمكنت كذلك مع فريق علمى أثرى من جمع كل الجرافيتى: وهى كتابات العمال الذين بنوا الهرم والموجودة على جدران الحجرات الخمس التي تعلو حجرة دفن الملك الثالثة العلوية.. ومن خلال توثيق تلك الكتابات، كشفنا عن فرق العمال المشاركين في بناء الهرم وأسمائهم المميزة، وكذلك كشفنا عن تأريخ بالعام العاشر من حكم الملك خوفو.

أما عن الكشف الثالث الجديد والخاص بالممر المخفى داخل الهرم، والذى أعلنّا عنه منذ أيام.. فهذا هو حديثنا القادم بإذن الله.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السر داخل هرم الملك خوفو ١ السر داخل هرم الملك خوفو ١



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab