بقلم - دكتور زاهي حواس
كشفت البعثة العلمية السعودية التابعة لهيئة التراث عن أسرار جديدة في تاريخ المملكة العربية السعودية بعد الكشف عن فؤوس حجرية ترجع إلى 200 ألف سنة من العصر الحجري القديم، وتحديداً الفترة التي يطلق عليها الحضارة الأشولية، وذلك في شعيب الأدغم شرق منطقة القصيم.
ولا بد من أن أسجل إعجابي بما حققه الفريق السعودي الذي يسعي للكشف عن حضارة عظيمة كانت مختفية بين صخور ورمال المملكة العربية السعودية. يعرف العالم الآن أن التراث الأثري للسعودية بدأ بفضل رؤية وجهود صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، يقفز إلى القرن الحادي والعشرين، وبسرعة فائقة يشهد لها العالم كله.
حقيقةً لم يكن أحد يتصور أن المملكة العربية السعودية سوف تولي مثل هذا الاهتمام بآثار ما قبل العصر الإسلامي، ولكن حدثت ثورة ثقافية أطلقها الأمير محمد بن سلمان للتطوير الشامل في شتى المجالات الاقتصادية والثقافية، والتي أتت بالفعل بثمارها، وجعلت المملكة تتبوأ مكانتها الطبيعية. والحقيقة أن الإنجازات التي تتم حالياً في مجال حفظ التراث، ويقودها الأمير بدر بن فرحان آل سعود وزير الثقافة، تعتبر طفرة كبيرة بالنسبة إلى أعمال الترميم التي تتم لآثار ما قبل الإسلام، وكذلك الآثار الإسلامية من مساجد وقلاع، ويعمل بها فرق ترميم سعودية على مستوى راقٍ من العلم والتدريب. ولا يمكن كذلك أن ننسى حجم الإنجاز الذي يتحقق في إدارة المواقع الأثرية وتجهيز مناطق الاكتشافات للزيارة، وخاصة بعد أن تم تسهيل إجراءات دخول المملكة للزيارة. وقد كنت في زيارة أخيراً إلى مدينة سولت ليك بالولايات المتحدة الأميركية، وتقابلت مع مجموعة من المثقفين جهزت نفسها للسفر إلى السعودية وعمل جولة شاملة لآثار المملكة، ونصحتهم بإضافة زيارة جدة التاريخية إلى قائمة المواقع المخطط لزيارتها؛ لأن الأعمال التي تتم فيها من ترميم وتأهيل لمنازل وتجهيزها لعودة الأهالي لاستعمالها، تستحق بالفعل الزيارة.
هناك العديد من المشروعات التراثية مثل مشروع الدرعية العالمي، وكذلك العلا التي أصبح اسمها يتردد في كل مكان، وغيرها من مشروعات التطوير والترميم وأعمال الحفائر التي تتم بالتعاون مع المؤسسات والجامعات والمعاهد العلمية، سواء بالمملكة أو من خارجها، والتي أدت إلى تلك الطفرة الكبيرة في كشف وتسجيل وصيانة التراث الأثري. ولا ننسى أن الأثريين بهيئة التراث يقومون بتنفيذ أعمال مهمة في مناطق كثيرة، وما لا يعرفه الكثيرون هو أن هناك أكثر من جامعة سعودية تعمل في آثار المملكة، وهناك أيضاً متاحف على مستوى عالٍ تظهر عظمة التراث السعودي في الماضي والحاضر، وقد أصبحت هذه المتاحف تعليمية ليست فقط للسائح والزائر، ولكن أيضاً للطلاب والمواطنين... شكراً لصاحب الرؤية والإنجاز الأمير محمد بن سلمان.