شمس ملكات الفراعنة تشرق فى مدريد

شمس ملكات الفراعنة تشرق فى مدريد

شمس ملكات الفراعنة تشرق فى مدريد

 العرب اليوم -

شمس ملكات الفراعنة تشرق فى مدريد

زاهي حواس
بقلم زاهي حواس

قامت إحدى الشركات الإسبانية المتخصصة في مجال المعارض الفنية والأثرية بتنظيم معرض ضخم عن المرأة الفرعونية باسم «بنات النيل: النساء والمجتمع في مصر القديمة»، وذلك في قلب العاصمة الإسبانية مدريد. تم افتتاح المعرض في شهر يونيو الماضى ويستمر حتى نهاية شهر ديسمبر الحالى. ويحتوى المعرض على ٢٨٠ قطعة أثرية تم جمعها عن طريق الاستعارة من اثنى عشر متحفًا في أوروبا وأمريكا، بينما لم تتم إعارة أي قطعة أثرية من مصر. وعندما سألت عن السبب في ذلك كان رد مدير المعرض أن تكاليف استعارة ونقل الآثار من مصر مكلفة جداً. كذلك علمت أن كل الدخل المادى للمعرض «الأرباح» سيتم توجيهه إلى مجال تدريب الشباب من خلال معاهد تدريب متخصصة. في الحقيقة فكرة مساهمة الشركات الكبرى بالنهوض بالمستوى العلمى والمهنى والتدريبى للشباب أمر في غاية الأهمية، أرجوا أن ننتبه إليه في بلدنا. هذا وقد تم توجيه الدعوة لى من المنظمين للمعرض لكى ألقى محاضرة عن المرأة الفرعونية. ومن خلال سيناريو العرض الجميل والقطع الأثرية التي تم اختيارها بعناية يحكى المعرض قصة نجاح المرأة المصرية القديمة في بناء أعظم حضارة إنسانية عرفتها البشرية. ويركز المعرض على الدور الإيجابى الذي لعبته ملكات الفراعنة، سواء اللائى حكمن مصر بالفعل وعددهن خمس ملكات، أو من كن لهن تأثير سياسى واجتماعى ودينى إلى جوار أزواجهن الملوك الفراعنة.

أما بالنسبة للملكات الحاكمات، فمعظمهن حكمن مصر في عصور ضعفها واضمحلالها، فيما عدا ملكة واحدة هي الملكة حتشبسوت التي حكمت مصر خلال النصف الأول من الأسرة الثامنة عشرة، أو بمعنى آخر حكمت الملكة حتشبسوت مصر وهى في أوج عصرها الذهبى. أما عن سر أن الملكات وجدن الفرصة فقط للحكم خلال عصور الضعف، فهو أن الأساس العقائدى الذي بنيت عليه الدولة المصرية في عصرها الأول هو أن الإله حورس هو الذي ورث عرش مصر من أبية الإله أوزير الذي اغتيل بيد أخيه ست إله الشر طمعاً في ملك مصر. وبناء على تلك الأسطورة الخالدة كان لابد أن يكون الملك هو حورس لكى يرث عرش أوزير- عرش مصر. وبما أن حورس الإله الصقر هو ذكر كان يجب أن يكون الملك ذكراً وإلا اختلت موازين الحكم.

وعلى الرغم من أن منصب الملك تم وقفه على الوريث الذكر للملك المتوفى من زوجته الملكية الرئيسية، فقد حدث كثيراً خلال التاريخ المصرى القديم أن زوجات الملوك الرئيسيات لم ينجبن سوى أميرات فكان الحل دائماً تزويج الأميرة الملكية لأخيها الأمير غير الشقيق المولود لأبيه من ملكة فرعية، لكى يضمن انتقال العرش إلى وريث شرعى من صلب الملك المتوفى. كان هذا هو الحال مع الملكة حتشبسوت التي تزوجت من أخيها الأمير غير الشقيق لتنقل إليه ملك أبيها. ولكن حدث أن مات زوجها تحتمس الثانى وابنه لا يزال طفلاً لم يبلغ بعد وكان قد أنجبه أيضاً من زوجة أخرى غير حتشبسوت التي وجدت العرش يعود إليها مرة أخرى وكأنه قدرها المكتوب لها أن تحكم مصر بوصفها ملك عظيم من سلالة الملوك الفراعنة، وبالفعل تقدمت مصر في عصرها خطوات كبيرة نحو تكوين أقوى إمبراطورية في الشرق القديم والعالم كله.

والسؤال الأول الذي يتبادر دائماً إلى العقل هو عن مكانة المرأة في المجتمع المصرى القديم وهل كان منعها من الحكم تقليلا من شأنها أو وضعها في مرتبة أقل من الذكر؟! والإجابة المؤكدة من خلال التاريخ والآثار هي أن المرأة المصرية لم تكن أقل مرتبة من الذكر بل ربما كانت مكانتها تأتى قبل الذكر بوصفها الأم وسيدة المنزل التي لا يتدخل أحد غيرها في تدبير شؤونه وشؤون أفراده. إذا كان حورس هو الوريث الشرعى فإن أمه الإلهة إيزيس هي من حملته ووضعته بعيداً عن أعين عمه الشرير ست قاتل أخيه أوزير. لقد اضطرت إيزيس إلى ترك وليدها ف الأحراش وتبتعد عنه بعد أن أوكلت أنثى أخرى لترعاه وهى الإلهة حاتحور والتى يعنى اسمها ملاذ حورس، وذلك حتى تبعد عنه أعين عمه ست.

كان الملوك يتم تصويرهم مع ملكاتهم في أوضاع متساوية ومكانة واحدة، وكذلك فعلوا مع أمهاتهم أو الملكة الأم.

خصص معرض بنات النيل قسماً عن الزوجات الأجنبيات للملوك الفراعنة، أو ما يعرف بالملكات الأجنبيات، وكانت هذه الزيجات تتم عادة ضمن توثيق العلاقات الدبلوماسية مع الدول المجاورة أو كأحد طرق تقوية العلاقات بالمصاهرة مع القوى الأخرى بمنطقة الشرق الأدنى القديم. ونعرف أن الملك تحتمس الثالث تزوج من ملكات أجنبيات، وكذلك الملك أمنحوتب الثالث وغيرهما من ملوك مصر، حتى إن الملك رمسيس الثانى كان لديه العديد من الزوجات الأجنبيات، أشهرهن ملكتان من خيتا أي من بنات ملوك الحيثيين الذين حاربهم رمسيس في قادش ثم وقع معهم أول معاهدة سلام في التاريخ. كان يتم تخصيص القصور والخدم لخدمة الملكات أو زوجات الملك بغض النظر عن موطنهن الأصلى، لكن كان هناك قصر في منطقة غراب بالفيوم يستقبل الملكات الأجنبيات فقط بعد أن يطعن في السن لتوفير الراحة والخدمة لهن عن طريق عدد من الموظفين والمترجمين والمعلمين والأطباء، إضافة إلى الخدم والحرس. وبينما كان من حق الملك الزواج من أميرة أجنبية لم يكن من حق الأجنبى حتى لو كان ملكاً أن يتزوج من مصرية، سواء كانت أميرة أو حتى خادمة مصرية؟! ومن القصص المعروفة في التاريخ القديم، قصة الملكة عنخ إس إن أمون زوجة الملك توت عنخ أمون، فعندما مات زوجها وجدت نفسها على وشك أن تتزوج من (أى) الطامع في العرش وكان في عمر جدها! لذلك أرسلت الملكة رسالة إلى ملك الحيثيين تطلب منه أن يرسل إليها ابنه لتتزوجه وتجعله ملكاً على مصر. كان ملك الحيثيين يعلم أن المصريين لا يمكن أن يقبلوا بأن يتزوج أجنبى من ملكة مصرية بل أن يحكم مصر؟ لذلك أرسل عيونه ورسله للتأكد مما يحدث بمصر، وعندما تأكد من صدق الرسالة أرسل ابنه ومعه هدايا كثيرة ورجالا وخدما وحرسا. لكن العريس بمجرد أن اقترب من حدود مصر الشمالية الشرقية تم قتله، ويعتقد أن قائد جيش مصر حورمحب هو من كان المدبر لاغتيال الأمير الأجنبى.

على جانب آخر، وفى نفس سياق نفس القصة، يعتقد بعض الباحثين أن من أرسلت الخطاب كانت الملكة نفرتيتى زوجة الملك أخناتون، بعد وفاة زوجها. ولكن الدليل على أن نفرتيتى هي من أرسلت الخطاب ضعيفاً؛ بينما تصب الأدلة في صالح الملكة عنخ اس إن أمون، ابنة نفرتيتى وزوجة توت عنخ أمون.

كان عدد الحاضرين في قاعة المحاضرة ٥٠٠ شخص، حيث بيعت التذاكر بالكامل، وقد شملت محاضرتى الحديث عن الآثار المعروضة بالمعرض والخاصة بالملكات، ومنهن أول ملكة مصرية «نيت» التي عاشت قبل خمسة آلاف سنة في بداية الأسرة الأولى ودفنت في أبيدوس بسوهاج. وكانت من أمتع القصص المرتبطة بملكات مصر القديمة قصة الكشف عن كنوز الملكة حتب حرس أم الملك خوفو. والتى كشفت كنوز مقبرتها سليمة في مقبرة بجوار هرم ابنها الملك خوفو بالجيزة سنة ١٩٢٥، بينما المكتشف جورج رايزنر يقضى إجازته بأمريكا تاركاً بعض الأعمال بجوار الهرم لمساعدة آلان رو وريس العمال أحمد سيد ومعهما المصور المصرى للبعثة والذى كشف الحامل الخاص بكاميراته عن بداية البئر المؤدى إلى مقبرة حتب حرس ويصل عمق البئر إلى ٢٧ مترا. كان الكشف مصادفة غير عادية أعادت رايزنر من أمريكا إلى مصر نادباً حظه بعدم وجوده لحظة حدوث الكشف.

كان الكشف عن مقبرة الملكة حتب حرس في مارس عام ١٩٢٥ أي بعد أقل من ثلاث سنوات من الكشف عن مقبرة توت عنخ أمون والذى كانت معظم كنوز مقبرته لم تخرج منها بعد، بل كانت هناك بالمقبرة صناديق لم تفتح بعد! ولذلك لم ينل الكشف عن مقبرة الملكة حتب حرس الدعاية الكافية التي تليق بمقامه كأول كنز لملكة بهذا الحجم يتم الكشف عنه في مصر! ليس هذا فحسب فهو كنز الملكة أم الملك خوفو وزوجة الملك سنفرو أي السيدة التي عاصرت أعظم ملكين من بناة الأهرامات!

لذلك ولكى نعطى هذا الكشف حقه وقصصًا أخرى من معرض بنات النيل.. نستكمل الكتابة في الأسبوع القادم بإذن الله تعالى.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شمس ملكات الفراعنة تشرق فى مدريد شمس ملكات الفراعنة تشرق فى مدريد



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 20:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 02:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

النيران تلتهم خيام النازحين في المواصي بقطاع غزة

GMT 17:23 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنتر ميلان الإيطالي يناقش تمديد عقد سيموني إنزاجي

GMT 16:59 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يتوعد الحوثيين بالتحرّك ضدهم بقوة وتصميم

GMT 17:11 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة الجزائري يوقف حكمين بشكل فوري بسبب خطأ جسيم

GMT 02:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل

GMT 06:45 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

انفجار قوي يضرب قاعدة عسكرية في كوريا الجنوبية

GMT 17:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

.. قتلى في اصطدام مروحية بمبنى مستشفى في تركيا

GMT 11:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab