يا هلا بـ«كورونا»… ابقوا تذكرونا

يا هلا بـ«كورونا»… ابقوا تذكرونا!

يا هلا بـ«كورونا»… ابقوا تذكرونا!

 العرب اليوم -

يا هلا بـ«كورونا»… ابقوا تذكرونا

بقلم - راجح الخوري

قبل أسبوعين كانت عاصفة «كورونا» تجتاح دول العالم، وكانت أخبار ووهان وصور المصابين والممرضين الذين يرتدون ثياباً واقية وكأنهم نزلوا من الفضاء الخارجي، وكذلك المصابون الذين يساقون إلى العزل، تسيطر على كل وسائل الإعلام، لكن وزير الصحة اللبناني الدكتور محمد حسن، في «حكومة الاختصاصيين»، ذهب إلى مطار بيروت وقام بجولة وعراضة تلفزيونية، ولم يتردد في القول، أن لا داعي للذعر؛ فكل شيء مراقب وتحت السيطرة، وفي أي حال إن لبنان يملك لقاحاً لفيروس كورونا!
جاء الكلام محيراً ومثيراً للذهول، «لبنان يملك لقاحاً»؟!

لكن كيف ومن أين، في حين نقرأ أن علماء في الصين والولايات المتحدة ودول أوروبية متقدمة، ينكبّون في المختبرات بحثاً عن علاج لهذا الفيروس الذي بدا الآن أقرب إلى وباء بات يهدد دول العالم كلها؟
ربما استسهل الوزير حسن يومها الأمر، قبل انفجار الذعر على مستوى دولي فظنّ أننا أمام مجرد إنفلونزا معروفة، تتوافر لها لقاحات حتى في كهوف أفريقيا، لكن الأمر سرعان ما بدا صادماً بعدما نشرت فتاة لبنانية فيلماً لها قصيراً على «فيسبوك»، تتحدث فيه كيف أنها وصلت إلى مطار بيروت من الصين واضعة الكمامة، وأنها دخلت إلى المطار ولم تتعرض إلى أي فحص أو تدقيق، وأهلاً وسهلاً، ثم ذهبت إلى بيتها لتفرض على نفسها حجراً صحياً في غرفتها، ولتبث ذلك الفيلم عبر ما أثار ضجة كبيرة، كان من نتيجتها أن وزارة الصحة الموقرة أرسلت لها سيارة إسعاف ونقلتها إلى غرفة في مستشفى رفيق الحريري الحكومي في بيروت لتضعها في حجر صحي وتحت المراقبة.

ومرة جديدة نشط وزير الصحة ناشراً سلسلة طويلة عريضة من تصريحات الاطمئنان، وذهب مع ثلة من أطباء وزارته إلى المطار ليعلن أن لا داعي للخوف؛ فكل الإجراءات الضرورية متخذة، ولبنان خالٍ من أي إصابة بـ«كورونا»، لكن حيرة الناس وحذرهم وشكوكهم استمرت، وخصوصاً بعدما سيطرت تطورات الوباء الكوروني على أخبار الصحف ونشرات الأخبار ووسائل الاتصال الاجتماعي.

لكن الذعر كان يقترب على مهل، فجأة قبل عشرة أيام، حطت طائرة إيرانية أقلعت من إيران حاملة 164 راكباً، بعضهم كان يزور العتبات المقدسة في قمّ، وتم اكتشاف سيدة كانت على متنها مصابة بالفيروس، فجرى نقلها إلى مستشفى الحريري لتخضع للعلاج.

بعد هذا بساعات انفجرت قصة مدوية حول الإهمال العجيب، وانعدام الحد الأدنى من المسؤولية الصحية والوطنية عند الحكومة اللبنانية، على خلفية مجموعة من الأسئلة لم يكن في وسع الوزير حسن إعطاء أجوبة مقنعة عنها:

أولاً: إذا كانت السيدة مصابة، فكيف سمحت لها السلطات الإيرانية بأن تستقلّ طائرة على متنها 164 راكباً كما قيل؟ وجاء ردّ الوزير: ربما لم تعلم السلطات في طهران بإصابتها فسمحت لها بالسفر!
ثانياً: عظيم، إذا كانت السيدة تعرضت لوعكة في الطائرة لماذا لم يتم إخطار مطار بيروت؟ والجواب: ربما لم يعلم قائد الطائرة بهذا.

ثالثاً: أيضاً عظيم، لكن بعدما اكتشفتم إصابتها حرارياً في المطار، كيف سمحتم لباقي الركاب بالذهاب إلى بيوتهم والحمد لله على السلامة؟ ويأتيك الجواب الغريب العجيب من المسافرين هذه المرة: الإجراء الوقائي العظيم المستمر حتى الآن بشهادة ركاب قدموا من الصين ومن إيران ونشروا شهاداتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، هو أن أمن الجوازات وهو يطبع إشارة الدخول يطرح سؤالاً على الراكب: هل معك حرارة؟ والجواب: لا يا أفندي، إذن الله معك، الحمد لله على السلامة!

وذهب الركاب الـ164 إلى بيوتهم، طبعاً عانقوا أفراد أسرهم والجيران، ولم تحاول الدولة العظيمة أن تستدعيهم خوفاً من احتضان بعضهم للفيروس الذي يحتاج إلى 14 يوماً لظهور أعراضه!
لكن القصة لم تتوقف هنا، فعلى امتداد عشرة أيام وحتى كتابة هذه السطور، يستمر هبوط الطائرات التي تجيء من إيران الثانية بعد الصين، ومن إيطاليا الثالثة بعد الصين بالإصابات، ومن دول أخرى، والدولة الساهرة على حماية لبنان من «كورونا» تواصل سياسة أهلاً وسهلاً، على ما يقول الركاب القادمون: فقد بثّت إحداهنّ فيلماً على «فيسبوك» يقول: ها أنا وصلت للتو إلى المطار، إنني أنتظر حقيبتي، دخلت لم يفحصني أحد ولم يطرح عليّ أحد سؤالاً... عجيب!

نعم عجيب وأكثر، وخصوصاً أنه في حين كانت السلطات غارقة في نقاش حول ضرورة وقف الرحلات من الدول المصابة مثل الصين وإيران وغيرهما، كانت الأقنعة الواقية تختفي من الأسواق، كان ثمن القناع ألفين وخمسمائة ليرة صار فجأة 15 ألف ليرة وعشرين ألفاً، ثم تبيّن أن التجار باعوا أربعة أطنان من الكمامات إلى الخارج، وأن بعضهم يخفي الموجود بانتظار رفع الأسعار.

قبل إعلان وقف الرحلات الدينية أخيراً، كانت الطائرات تستمر في الوصول من إيران، في وقت تم تخصيص طبقة من مستشفى الحريري لاستقبال المصابين، ثم أعلن عن تخصيص كل المستشفى لمثل هذه الحالات، يوم الأربعاء أعلن عن إصابة ثانية مثبتة مخبرياً مصابة بفيروس كورونا «covid - 19»، وهي حال مرتبطة بالحال الأولى على متن أول طائرة جاءت من إيران، لكن الطيران من طهران لن يتوقف؛ وهو ما زاد من المخاوف، خصوصاً مع تواتر الأخبار عن اتساع دائرة الإصابات هناك؛ ما دفع كل الدول المجاورة لإيران إلى وقف السفر معها، باكستان، وأفغانستان، والعراق الذي أغلق حدوده الجوية والبرية معها.

يوم الخميس أعلن في إيران أن 106 أشخاص أصيبوا في 24 ساعة، وأن عدد الوفيات وصل إلى 26، وبعد النائب الإصلاحي محمود صادقي الذي أصيب وكتب «ليس لدي أمل كبير في الاستمرار في هذا العالم»، أعلن رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان مجتبي ذي النور إصابته بالفيروس، وذلك بعد إصابة نائب وزير الصحة أبراج حريجي.

في الأسبوعين الماضيين دخل إلى لبنان 200 شخص جاءوا من الصين دون اتخاذ أي حجر صحي عليهم، وأكثر من أربعة أضعاف هذا العدد من طهران، وهو ما يشكّل خطراً كبيراً؛ لأن بعضهم على الأقل يمكن أن يكون في حال حضانة المرض التي تمتد من يومين إلى 14 يوماً، ويقول الأطباء الاختصاصيون في بيروت، إن خوف اللبنانيين مبرر؛ فالحكومة تأخرت في اتخاذ تدابير الوقاية وفي ضبط حركة الطيران مع الدول الموبوءة!

لكن وزير الصحة يواصل العمل على قاعدة «لا داعي إلى الهلع، بعد الإعلان عن ضبط حركة الطيران السفر مع الدول الموبوءة، واقتصار الرحلات منها وإليها حسب الحاجة الملحة، وبعد وقف الرحلات الدينية». لكن ما هي هذه الحاجات الملحة، حين تعلن البحرين يوم الخميس تعليق كل الرحلات من وإلى لبنان والعراق حتى إشعار آخر؟

رغم العدد الكبير من الناس الذين دخلوا لبنان من الصين، وإيران، وإيطاليا، وكوريا الجنوبية، والذي يرفع منسوب الخوف عن المواطنين اللبنانيين، لم تجد الحكومة الواعية سوى القول إن في استطاعة البلديات، أن تراقب حالات الذين عادوا ويمكن أن تبدوا عليهم علامات العدوى... ولهذا؛ يردد الكثير من اللبنانيين الآن وبكثير من الخوف ومرارة السخرية: يا هلا بـ«كورونا» ابقوا تذكرونا!

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يا هلا بـ«كورونا»… ابقوا تذكرونا يا هلا بـ«كورونا»… ابقوا تذكرونا



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 10:28 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
 العرب اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 23:10 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا
 العرب اليوم - اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 07:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 11:00 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال يعتدي بالضرب على طفل في بيت فوريك شرق نابلس

GMT 09:23 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

كيف نحمى المقدرات المصرية؟

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود المياه لمجاريها بين الجماعتين؟

GMT 19:36 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الإنكليزي يوجه تهمة سوء السلوك لـ ماتيوس كونيا

GMT 19:19 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تشيلسي الإنكليزي ينفي تناول مودريك المنشطات في بيان رسمي

GMT 17:00 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مؤشر دبي عند أعلى مستوى في أكثر من 10 سنوات

GMT 16:16 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

بنك المغرب المركزي يخفض الفائدة 25 نقطة أساس

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الطيران المدني الإيرانية تنفي إغلاق مجالها الجوي

GMT 04:37 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

قلق في أوروبا بسبب فيروس شلل الأطفال

GMT 17:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إسرائيل تشن هجوماً جوياً مع قصف مدفعي على جنوب لبنان

GMT 17:04 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أسهم أوروبا تهبط لأدنى مستوى في أسبوعين

GMT 13:51 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 16:22 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

السيسي يؤكد ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها

GMT 17:07 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

المركزي السوري يعتمد سعر صرف جديد عند 15 ألف ليرة للدولار
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab