هل المطلوب رأس النظام اللبناني

هل المطلوب رأس النظام اللبناني؟

هل المطلوب رأس النظام اللبناني؟

 العرب اليوم -

هل المطلوب رأس النظام اللبناني

بقلم - راجح الخوري

انتهى الأسبوع الماضي على ما يشكّل تقريعاً واضحاً للحكومة اللبنانية ورئيسها حسن دياب، فعند انتهاء جلسة مجلس النواب التي عقدت في الأونيسكو لضمان التباعد بسبب «كورونا»، وقف دياب ودعا فجأة إلى عقد جلسة مسائية لإقرار مشروع تخصيص 1200 مليار ليرة للمزارعين والحرفيين، والذي لم يكن أصلاً مدرجاً على جدول الأعمال واستحضر فجأة لأسباب مجهولة!

كانت ردة فعل الرئيس نبيه بري مثيرة تماماً: ثلاث طرقات قوية بمطرقة الرئاسة، ثم قال لدياب: «لا أنت ولا غيرك يستطيع أن يحدد موعد الجلسة، أو أن يملي على المجلس النيابي ما يمكن أن يفعله وما عليه أن يقوم به… رفعت الجلسة»، وفي حين يقف لبنان على كف عفريت من الأزمات الخانقة، صدر كلام إدانة صريحة من مصادر في السلطة التنفيذية، قال صراحة إن في الحكومة وزراء ليسوا في مستوى ملفاتهم، ولا عندهم القدرة على تفسيرها أو الدفاع عنها، وليسوا على اطلاع على آلية إرسال القوانين إلى المجلس بعد إقرارها في مجلس الوزراء.

بدا هذا الكلام وكأنه إدانة قاطعة لحكومة اللون الواحد، والغريب أن بري لم يكن بعيداً عن كواليس تشكيلها وفق المعايير التي اتفق عليها «حزب الله» والرئيس ميشال عون كما هو معروف، لكن مسلسل الأخطاء السياسية المتراكمة، يبدو أنه لا يتوقف عند هذه الحكومة ورئيسها، الذي وعد في نهاية الأسبوع الماضي بأنه سيقول كلاماً متشدداً في جلسة مجلس الوزراء المقبلة، والتي شهدت انقساماً حاداً وصل إلى حد تلويح بري بسحب وزيريه من الحكومة، إذا مضت في قرار إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي يؤيده «حزب الله» من منطلق الرد على سياسة امتثال سلامة والمصارف اللبنانية، لما تفرضه العقوبات الأميركية على الحزب وإيران، وهذا أمر لا طاقة حتى لدولة مثل الصين أو روسيا أو حتى إيران على مقاومته، والدليل أن «بنك جمال» ذهب ضحية عدم الامتثال لهذه العقوبات، وهو ما تخشاه المصارف اللبنانية طبعاً!

ويبدو أن «التيار الوطني الحر» يدفع هو أيضاً في هذا الاتجاه رغبة منه في تعيين أحد مقربيه حاكماً للمركزي، وهكذا بعد الجلسة الحامية، خرج دياب ليقرأ من القصر الجمهوري بياناً يتجاوز توجيه الاتهام إلى إصدار الحكم على رياض سلامة، حيث قال إن «هناك معلومات مكتومة على الحكومة وليخرج سلامة ويعلن الحقائق للبنانيين وما هو سقف الدولار والمعالجة»، ولكن الغريب أن دياب تحدث عن وجود ما سمّاه بـ«ثقب أسود» وعن وجود فجوة في الأداء والوضوح والصراحة وفي الحسابات النقدية وأن خسائر مصرف لبنان تتسارع، وكلفنا شركة تحقيق دولية جلاء هذا.

لكن بعد ساعات سيترك دياب وحيداً، وكأنه تسرّع في ابتلاع طعم توجيه إدانة كيفية واستنسابية لحاكم المصرف المركزي يروّج لها تحالف عون - «حزب الله» ومتى؟ في وقت يحتاج لبنان الذي بلغ الدولار فيه أربعة آلاف ليرة لأسباب معروفة، وكذلك بسبب المضاربات التي تجري في سوق رديفة للصرافين يقال إن «حزب الله» أنشأها في الضاحية الجنوبية من بيروت.

أولاً: أكدت المصادر أن وزير المال غازي وزني، وهو من جماعة بري، لم يكن على علم بخطاب الإدانة الذي تلاه دياب، رغم أنه شارك في النقاش معترضاً على الدعوة إلى إقالة سلامة، قائلاً إن الأزمة المالية يجب أن تحلّ خارج العراضات الإعلامية.

وإذا كان هذا يمثل صدمة لدياب، فالصدمة الأقوى ستأتي في اليوم الثاني وتحديداً من رئيس الجمهورية ميشال عون، وذلك من خلال اجتماع لجنة مكافحة الفساد الوزارية، عندما أكّد خلافاً لجو الإدانة الكيفية التي وجهها دياب إلى سلامة أن أي تصدٍ لآفة الفساد، لا يمكن أن يكون ظرفياً أو جزئياً أو انتقائياً او استنسابياً كي لا نقع في المحظور المتمثل بعدم المساواة في المساءلة بين المفسدين والفاسدين، وأنه لا بد من أن تتوافر مجموعة من العناصر، كي تؤدي عملية مكافحة الفساد أهدافها… ومن الضروري استهداف الفساد السياسي بصورة خاصة وعدم التركيز على الفساد الإداري!
غريب فقد بدا هذا الكلام وكأنه رد أو تصحيح لموقف دياب ضد سلامة، ثم جاءت الصدمة الثالثة من صهر عون الوزير جبران باسيل، الذي قال بعدما التقى السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، إنه حريص على أن يتحمل الجميع مسؤولياته عن الفساد، وإنه يحذّر من تدمير القطاع المصرفي وضرورة بقائه حراً.

حرية القطاع المصرفي ببقائه حراً؟
واضح أن هذا الكلام المفاجئ من رجل متحمس لإقالة سلامة، وبعد ساعات من بيان دياب المكتوب سلفاً بدليل أنه كان قد وعد به قبل أن يقرأه، يمثل خطاباً موجهاً إلى الذين يستهدفون سلامة ويشنون حملة عليه وعلى المصارف في محاولة للبحث عن كبش فداء، والذين لطالما نظموا مظاهرات أمام المصرف المركزي تهتف «شيعة شيعة»... ثم جاءت المفاجأة الرابعة من الشيخ نعيم قاسم أي مباشرة من «حزب الله» الذي قال إن محاربة الفساد يجب أن تستهدف الجميع!

طبعاً غريب، لكن من الواضح تماماً أن الذين كانوا يريدون أن يجعلوا من سلامة كبش محرقة لتحميله هو والقطاع المصرفي مسؤولية إفلاس لبنان، بينما أدى الفساد والنهب من قبل السياسيين والحزبيين إلى إفلاسه طبعاً، وأدركوا أنهم هم الذين سيتحملون في النهاية مسؤولية ما جنته منذ زمن سياسات الفساد والسرقة، والأخطر والأهم أنهم سيكونون مسؤولين عن تدمير القطاع المصرفي وجر النظام الاقتصادي اللبناني الحر، ومحاولة إلحاقه بمنظومة الممانعة الغارقة في الإفلاس، كما هو واضح وهو ما سيدمر لبنان نهائياً كبلد حر يمكن أن ينهض من أزمته الكبيرة.

لست أدري ما هو موقف دياب بعد هذا، لكن الأهم جاء تحديداً يوم الأربعاء الماضي حيث تحدث أخيراً رياض سلامة كرجل دولة مسؤول، بعيداً عن الرد على الاتهامات والافتراءات، ليقول للذين لاموه دائماً لأنه لم يتوقف عن دعم الحكومات وموازناتها السلبية، موضحاً الدور الوطني والقانوني للمصرف المركزي، وشرح من شاشات التلفزيون سياسات المصرف المركزي ودوره، مدججاً برزمة من الملفات والأرقام عن موازنات المصرف التي أكّدت أن الحكومات اطلعت عليها تباعاً خلافاً لكلام دياب، والتي أكدت أن شركات دولية حققت فيها ومنها «ستاندرد آند بورز».

وهذا ما يعترف به وزير المال، كما أن وزير الاقتصاد راؤول نعمة، وهو مصرفي معروف، كان قد أعلن في تصريح تلفزيوني قبل أسبوعين، أن سلامة كان قد وضع أمام دياب كل الأرقام التي يستطيع مستشاروه الاطلاع عليها في إعداد الخطة الاقتصادية، مؤكداً أنه ضد إقالته، ومثنياً على التعاون الممتاز معه منذ تسلّم وزارته.

لا داعي إلى إغراق القارئ في الأرقام، فمن الواضح والمؤكد أنه يجب التدقيق في موازنات الدولة وتصرفاتها، وامتناعها العجيب عن الإصلاح رغم أن من المعروف أن الفساد والنهب الأسطوري أفلسا لبنان، ولقد ذكّر سلامة هنا بتاريخ طويل من مطالبته بالإصلاح والتوقف عن تضخيم القطاع العام على خلفيات شعبوية.

سياسة بعيدة عن أي رؤية سياسية!

لم يكن سلامة في وارد الرد على دياب، بل في وارد تذكير الدولة وحكوماتها بما صنعت من أزمات، والأهم أنه من منطلق قانون النقد والتسليف الذي يضمن حرية المصرف المركزي مثل كل دول العالم الحر، كان واضحاً وحازماً لجهة القول إن المصرف المركزي ليس في وارد إشراك الحكومات في ما يصدره من تعاميم تنظيمية نقدية، بما أوحى ضمناً أن هناك من يسعى إلى التدخل في هذه التعاميم، ربما لتحويل المصرف المركزي ساحة معركة ضد العقوبات الأميركية!
لست أدري ماذا سيفعل دياب، الذي لم يتوانَ قبل يومين عن القول إن الذين يتظاهرون رغم «كورونا» بسبب الجوع إنما يؤيدون حكومته (هكذا بالحرف)، أما الذين يلقون قنابل المولوتوف على فروع المصارف فهم يريدون إسقاط الحكومة، لكن من الواضح أن بينهم مدسوسين يريدون إسقاط النظام الحر… مفهوم؟

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل المطلوب رأس النظام اللبناني هل المطلوب رأس النظام اللبناني



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:54 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
 العرب اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 09:47 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
 العرب اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:28 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
 العرب اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 07:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 11:00 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال يعتدي بالضرب على طفل في بيت فوريك شرق نابلس

GMT 09:23 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

كيف نحمى المقدرات المصرية؟

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود المياه لمجاريها بين الجماعتين؟

GMT 19:36 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الإنكليزي يوجه تهمة سوء السلوك لـ ماتيوس كونيا

GMT 19:19 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تشيلسي الإنكليزي ينفي تناول مودريك المنشطات في بيان رسمي

GMT 17:00 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مؤشر دبي عند أعلى مستوى في أكثر من 10 سنوات

GMT 16:16 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

بنك المغرب المركزي يخفض الفائدة 25 نقطة أساس

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الطيران المدني الإيرانية تنفي إغلاق مجالها الجوي

GMT 04:37 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

قلق في أوروبا بسبب فيروس شلل الأطفال

GMT 17:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إسرائيل تشن هجوماً جوياً مع قصف مدفعي على جنوب لبنان

GMT 17:04 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أسهم أوروبا تهبط لأدنى مستوى في أسبوعين

GMT 13:51 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab