يشعلون الحرائق ويتحدثون عن الأمل

يشعلون الحرائق ويتحدثون عن الأمل!

يشعلون الحرائق ويتحدثون عن الأمل!

 العرب اليوم -

يشعلون الحرائق ويتحدثون عن الأمل

بقلم : راجح الخوري

كان استقبالاً فاجعاً ذلك الذي لاقاه الرئيس حسن روحاني في نيويورك، ليس لأن الحكومة الأميركية فرضت قيوداً على تحركاته، وهو ما سبق أن تم فرضه على فيدل كاسترو مثلاً عندما ذهب إلى الأمم المتحدة، بل لأن الشرعية الدولية أجمعت خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، على تظهير موقف عالمي يدين إيران ويقف وراء الرئيس دونالد ترمب في سياسة الضغط على النظام الإيراني.

ليس خافياً أن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، خططا قبل الوصول إلى الولايات المتحدة، التي ماطلت في إعطائهما تأشيرة الدخول، تأكيداً على أن ترمب ليس متهافتاً على لقاء روحاني، كما سبق أن فعل باراك أوباما عام 2015، خططا لإظهار إيران في موقف إيجابي، عبر مناورتين مكشوفتين تماماً، وصفهما أحد الدبلوماسيين الأجانب بأنهما من النوع المثير للسخرية!

الأولى أن روحاني قال عشية سفره إنه يحمل مبادرة لأمن الخليج، ولم يتردد في أن يطلق عليها اسم «الأمل»، رغم انقطاع أمل دول العالم بأن إيران يمكن أن تخرج من جلدها السياسي المثير للقلاقل والمزعزع للاستقرار. وكان واضحاً أن روحاني اختار منبر الأمم المتحدة للحديث عن الأمن والأمل، رغم معرفة دول العالم كله، أن الأمر لا يحتاج إلى مبادرات خيالية، بل إلى وقف تدخلات إيران السلبية ضد دول المنطقة، منذ رفعت شعار «تصدير الثورة» الذي بدأ بالحرب مع العراق [1980 – 1988].

عندما يقول روحاني إن أمن الخليج يأتي من الداخل وأمن مضيق هرمز يأتي من الداخل، فإنه يقصد طبعاً «الداخل الإيراني»، الذي يحاول أن يفرض هيمنته الإقليمية عبر زعزعة الاستقرار وإشعال الحرائق، والغريب أن حديثه عن مد يد الأخوة والصداقة وهو ما سماه مبادرة «الأمل»، يأتي قبل أن ينجلي دخان الحريق، الذي نتج عن العدوان الإيراني على منشأتي أرامكو في بقيق وخريص، وفي وقت تتصاعد الإدانات الدولية التي اعتبرت أن الهجوم يستهدف دول العالم والاستقرار الاقتصادي العالمي.

عندما كان روحاني يتحدث عن «الأمل»، كان محمد جواد ظريف يواجه استهجان الصحافيين في الأمم المتحدة، ليس لأن الحديث الإيراني عن إقامة تحالف الأمل، بدا وكأنه رد على مساعي الولايات المتحدة والدول الأوروبية، إقامة حلف دولي من خمسين دولة لحماية الأمن وإمدادات النفط في الخليج، بعد مسلسل الاعتداءات الإيرانية على الناقلات، بل لأن معظم الدول التي قال إنها يمكن أن تتحالف مع طهران، تتعرض عملياً، للتدخلات التخريبية الإيرانية، كالعراق والسعودية والبحرين والإمارات وعمان والكويت وقطر واليمن.

لا تقف حدود السخرية من الحديث عن مبادرة «الأمل» الإيرانية عند حدود مزاعم المسؤولين الإيرانيين، أن بلدهم هو مركز الاستقطاب الإقليمي، وأنهم يسيطرون على أربع عواصم عربية وهي بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت، ولا لأن ذلك اقترن في الوقت عينه، بتصريح المبعوث الأميركي الخاص بريان هوك، عن أن واشنطن ترفض العقلية التي تتبعها إيران في المنطقة، وأن طهران تتحدث دائماً عن الدبلوماسية وتقوم بالإرهاب، وأن آخر عملياتها الإرهابية الهجوم على أرامكو، بل أيضاً لأن إمام مدينة مشهد كان في الوقت عينه يقول كلاماً مناقضاً كلياً لروحاني وظريف ولكل ما له علاقة بالأمل.

فقد أعلن آية الله أحمد علم الدين عضو مجمع الخبراء المُكلف تعيين المرشد والإشراف على عمله وحتى إقالته، أن مساحة إيران هي أكبر من حدودها الجغرافية لأن الفصائل المسلحة التي تدعمها إيران في الشرق الأوسط هي جزء من إيران، ولهذا كان السؤال مشروعاً تماماً:

عن أي صداقة وأخوة وأمل يتحدث روحاني عندما يخاطب علم الدين المملكة العربية السعودية بالقول «هل تعلمون أين تقع إيران أليس جنوب لبنان إيران، أوليس (حزب الله) إيران، جنوبكم وشمالكم إيران»؟، مؤكداً أن «الهجوم على أرامكو جاء من الشمال، وأن إيران اليوم ليس فقط إيران، ولا تُحدّ بحدودها الجغرافية فـ(الحشد الشعبي) في العراق إيران، و(أنصار الله) في اليمن إيران، و(قوات الدفاع الوطني) في سوريا إيران، و(الجهاد الإسلامي) و(حماس) في فلسطين إيران».
ويتحدثون عن «الأمل»؟!

أما الموضوع الثاني الذي حمله روحاني، فكان مجرد محاولة مكشوفة للالتفاف على عقوبات ترمب، هدفها إغراقه في مفاوضات هامشية خادعة وسطحية لكسب الوقت، في انتظار نتائج الانتخابات الأميركية، فقبل أن يلقي روحاني كلمته في الأمم المتحدة، قال متحدث باسم حكومته إن طهران مستعدة لتقديم تطمينات، بعدم سعيها لامتلاك أسلحة نووية ولقبول تغييرات بسيطة على الاتفاق النووي المبرم، هذا إذا عادت واشنطن إلى هذا الاتفاق ورفعت العقوبات، وكان واضحاً تماماً أن التعديل الإيراني المقترح يدعو، أولاً إلى إذعان الولايات المتحدة ورفع العقوبات ثم الحديث عن التعديلات البسيطة المشار إليها!

لكن الأمور كانت في مكان آخر تماماً، عشية كل هذه المناورات الإيرانية، عندما وقفت الدول الأوروبية وراء الرئيس ترمب ضد إيران، فقد توافق إيمانويل ماكرون وأنجيلا ميركل وبوريس جونسون، مع وصول روحاني إلى نيويورك، على تحميل إيران مسؤولية الهجوم على أرامكو، ودعوا طهران إلى تغليب خيار الحوار على الاستفزاز بما يعني في وضوح أن الاستفزاز يأتي من إيران.

البيان المشترك عن محادثات الزعماء الأوروبيين الثلاثة، دعا إيران إلى الانخراط في الحوار ووقف الاستفزاز والتصعيد وأنه «حان الوقت لإيران كي تقبل بإطار مفاوضات طويل الأمد حول برنامجها النووي، وأيضاً حول على القضايا الأمنية الإقليمية، والتي تشمل برامجها الصاروخية».

وهكذا من الواضح أن هذا البيان، يتبنى الموقف الأميركي المعروف، الذي سبق أن حدده وزير الخارجية مايك بومبيو، عشية بدء العقوبات في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في النقاط الـ12، التي يجب على إيران الالتزام بها، ولعل ما يزيد من إحباط روحاني، ما نقله الصحافيون الذين رافقوا ماكرون الذي يقوم بالتوسط بين واشنطن وطهران، من أنه قال بالحرف: «أنا لست متزوجاً من خطة العمل المشتركة الشاملة»، وهو الاسم الذي يطلق على الاتفاق النووي لعام 2015.

في نيويورك أخذت الأمور اتجاهات متناقضة، ليس لأن ترمب بدا حازماً أكثر عندما رفض وساطة ماكرون، قائلاً «ماكرون صديقي لكننا لا نبحث عن وسطاء»، بل لأنه بعد الاجتماع بين ماكرون وروحاني يوم الثلاثاء لمدة ساعة ونصف الساعة، خرج الرئيس الفرنسي، ليعلن أنه يعتقد بأن الظروف باتت مهيأة لإجراء حوار بين الولايات المتحدة وإيران، لكن الصحف الأميركية أشارت صباح الأربعاء، إلى أن ماكرون بذل جهوداً كبيرة لعقد اجتماع، لكن محاولته واجهت الفشل بسبب تمسك الجانب الإيراني، بأن تبدأ أميركا أولاً برفع العقوبات كشرط للقاء، وهو ما اعتبره ماكرون إضاعة الإيرانيين فرصة للحلّ.

كان واضحاً تماماً أن ترمب الذي ذهب كل هذا الطريق في العقوبات لن يقبل التراجع عن موقفه، ولهذا لم يكن مفاجئاً أن يعلن بومبيو يوم الأربعاء أن إيران هي المعتدية على أرامكو، وهي التي تبث الفوضى عن طريق دعمها للحوثيين والأسد وميليشيات شيعية في العراق وأنها لا تستجيب بالتالي إلا للقوة.

وفيما بدا أنه تعليق على خطاب روحاني في الأمم المتحدة قال بومبيو «إنه بائس، إيران تكذب عندما تزعم أنها هزمت الإرهاب»، وأن الدبلوماسية الأميركية لفتت انتباه المجتمع الدولي إلى خطر إيران على السلم العالمي، وتأكيداً على سياسة ترمب المضي في الضغط أعلنت واشنطن الأربعاء عن إرسال مزيد من قواتها إلى المنطقة لدعم السعودية، واتخذت عقوبات جديدة على شركات صينية بتهمة نقل النفط من إيران!

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يشعلون الحرائق ويتحدثون عن الأمل يشعلون الحرائق ويتحدثون عن الأمل



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:02 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء
 العرب اليوم - أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء

GMT 02:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
 العرب اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 11:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف تجمعات إسرائيلية وإطلاق 30 مقذوفاً من لبنان
 العرب اليوم - حزب الله يستهدف تجمعات إسرائيلية وإطلاق 30 مقذوفاً من لبنان

GMT 10:04 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث
 العرب اليوم - شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث

GMT 06:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
 العرب اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 01:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العنف فى المدارس !

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 08:22 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل جندي إسرائيلي من لواء كفير برصاص قناص شمال قطاع غزة

GMT 07:19 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 4.7 درجات يضرب أفغانستان في ساعة مبكرة من اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 06:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يحذّر من حقبة "تغيير سياسي كبير" بعد فوز ترامب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"تسلا" تستدعي 2400 شاحنة من "Cybertruck" بسبب مشاكل تقنية

GMT 22:39 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط قنبلتين ضوئيتين في ساحة منزل نتنياهو

GMT 16:54 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام

GMT 14:15 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد أمين يعود بالكوميديا في رمضان 2025

GMT 14:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

هند صبري تكشف سر نجاحها بعيداً عن منافسة النجوم

GMT 07:39 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية تقتل 20 فلسطينياً في وسط وجنوب قطاع غزة

GMT 18:37 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت التعليق على الطعام غير الجيد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab