التبغ وفشل حملات التشهير به

التبغ وفشل حملات التشهير به

التبغ وفشل حملات التشهير به

 العرب اليوم -

التبغ وفشل حملات التشهير به

بقلم - آمال موسى

يحيي العالمُ الأربعاءَ المقبل، اليومَ العالمي للإقلاع عن التدخين الذي ربما للوهلة الأولى لا يثير فينا فضولَ الإنصات والمتابعة والاهتمام. وهو موقف مفهوم جداً، بمعنى أنَّه يمكن تفهمه لأنَّ الجهود الكبرى التي بُذلت وما زالت، تبذل لم تعطِ أكلَها، وظلَّ التبغ يُحكِم قبضتَه على ملايين من الأشخاص حول العالم. بل إنَّ قرار الإقلاع عن التدخين في حد ذاته يمثل أكبر معركة يمكن أن يخوضَها أي شخص مدخن.

ورغم أنَّ الكلام عن التبغ ومضاره لا يجد الآذان الصاغية، فإن الشيءَ الذي يجب ألا ينقطع والدعوة التي لا بد من أن نستمر في رفعها ضد التبغ لا مفر من ضرورة استمراريتها. وذلك بكل بساطة لأنَّ القضيةَ ذاتُ وجاهةٍ وجادةٌ وذاتُ علاقةٍ بأثمنِ شيء في حياة الإنسان وهو الصحة.

بل إنَّه كلما تمعنّا أكثر في علاقة أمراض عويصة كثيرة بالتدخين، لا نستطيع إلا أن نواصل درب التشهير والتنديد.

ولقد حدَّدت منظمةُ الصحة الدولية أكثرَ من 100 سبب للإقلاع عن التدخين. وأظهرت الدراسات أنَّ التبغ مسؤولٌ عن ربع الوفيات الناجمة عن مرض القلب التاجي. وأعلنت منظمة الصحة العالمية بكل وضوح أنَّ ثمانيةَ ملايين شخص يلقون مصارعَهم سنوياً بسبب التبغ. يمكن القول إنَّنا في حرب مقنّعة باردة سرية مع التبغ، ولكن لا ناقوسَ لهذه الحرب. والعهد ليس ببعيد، أظهرت جائحة «كوفيد - 19» كيف أنَّ الذين يدخنون كانوا أكثر عرضة لِعيشِ تجربةٍ قاسية مع الجائحة بما في ذلك الوفاة. وفي الحقيقة أنَّ العلماء نطقوا وشهروا بالتبغ طولاً وعرضاً من دون هوادة، إلى درجة أن ركَّزوا على حقيقة الارتباط بين التدخين و20 نوعاً من السرطان. لكنَّ هذا لم يُسهم في خلق صدمة كبيرة ويحقق نتائجَ عريضة في خضمِ الحملات المبذولة من أجل الإقلاع عن التدخين.

الفكرة الرئيسية التي من المهم الانتباه إليها حسب اعتقادنا هي أنَّ الفشلَ في التوعية وإسداء النصائح لا يمكن أن يخلق شعوراً بعدم الجدوى. فالتداعيات خطيرة جداً ولا يتسبب التدخين في وفاة 8 ملايين شخص سنوياً فقط، بل إنَّ تكلفة ذلك أكثر بكثير، إذا ما أضفنا عدد الأرامل وعدد الأطفال الأيتام بسبب التبغ، عدا التكلفة المادية.

ومن هذا المنطلق، فإنَّ الحكمة تقتضي مواصلة التوعية من دون توقف، خصوصاً أنَّ المقبلين الجدد على التدخين في ازدياد وفي توسع، بمعنى أن تعاطي التدخين عرف تغييرات من المهم أخذها بعين الاعتبار. ففي الماضي القريب كان التدخين حَكراً على الرجال، واليوم أصبح يشمل الجنسين. وفي الماضي كانت بداية تعاطي التدخين تبدأ في سن الشباب تقريباً، واليوم أصبح الأطفالُ أيضاً يدخنون. وبالنظر في هذه التحولات التي زادت في قاعدة المقبلين على التدخين، فإن جهودَ التوعيةِ لا بد من أن تتضاعف وتتضاعف. فالأمر هو جوهر مستقبل الحياة في الأرض ونوعية الحياة أيضاً. ويتعلَّق الأمر بقوة العمل في أي بلد، ونحن نعلم كم ينهك التدخينُ جهازَ التنفس والرئتين في جسد الإنسان.

طبعاً هناك مشكل، وهو أنَّ الجميعَ يُشَهِّرُون بالتدخين ويهجونه شرَّ هجاء، سواء أكانوا مدخنين أم غير مدخنين، وحتى صناع التدخين أنفسهم يكتبون على غلاف علبة السجائر العبارة الشهيرة: التدخين مضر بالصحة، ولا يكتفون بهذا، بل يضعون صوراً مقززة لتأثير التدخين على الجسم. أي أنهم يقومون بتوفيره وتوزيعه مع الإعلام بمضاره. وربما هذه الجملة التي قضت على جهود التوعية بالفشل؛ لأن أكثر من يمارس التوعية والتنبيه في كل علبة سجائر هم باعة التبغ.

لذلك؛ يمكن القول إنَّ المنتوجات القائمة على الإدمان وصعوبة الانقطاع، تضع حملات التوعية في مواجهة صعوبات كبيرة. لذلك؛ ربما من المهم أن يتغير خطاب الدعوة إلى الإقلاع عن التدخين، لأن هذا المجال يوظف ملايين البشر الذين يعتاشون منه. لذا وجب البحث عن العلاج الملائم وغير المتسرع في هذا الأمر؛ لأن الحرب على التدخين تولّد بطالة ينبغي معالجتها أيضاً.

من ناحية أخرى، نلحظ أنَّ الإقلاع عن التدخين يحتاج إلى مناخ كامل يسهم في نجاح أي محاولة.

كما أننا نعتقد أن الخطاب متسامح أكثر مما يجب، ولا يذهب إلى المناطق التي يمكن أن تخلق نقاشاً عمومياً عميقاً: فمثلاً نصِف أحياناً من يدخن وهو مريض بأنَّه بصدد الانتحار، ولكن لا نصِف من يدخن بأنَّه بصدد الاعتداء على البيئة وعلى الأشخاص الذين لا يدخنون. فالمدخن السلبي يصله شرُّ التبع وهو لا يتعاطاه، ولكن لا تهمة للمدخنين ولا نتناول الموضوع من زاوية الانتصار لحق غير المدخن في أن يحمي نفسه من المدخنين.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التبغ وفشل حملات التشهير به التبغ وفشل حملات التشهير به



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 العرب اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab