الشمس ليست خياراً قابلاً للنقاش

الشمس ليست خياراً قابلاً للنقاش

الشمس ليست خياراً قابلاً للنقاش

 العرب اليوم -

الشمس ليست خياراً قابلاً للنقاش

آمال موسى
بقلم د. آمال موسى

يتحدث العالم عن الطاقات البديلة بوصفها حلاً لمواجهة موارد الطاقة التقليدية التي بات مخزونها مهدداً بالنقص الفادح، وصولاً إلى أن ذلك يندرج ضمن رؤية جديدة تقوم على تجديد مصادر الطاقة والتفكير في الأجيال القادمة التي لو واصل العالم استغلاله كل الموارد بنفس الكمية والاستنزاف، فإن الأجيال القادمة لن نترك لها شيئاً تعيش به.
ومن المهم الإشارة إلى أن الوعي بضرورة التعويل على الطاقات البديلة اليوم لا يقتصر على الدول ذات الثروات الطبيعية المتواضعة، بل إن الموضوع يشمل الجميع.
إذن هناك ما يشبه الإجماع على أن الطاقات البديلة اليوم ضرورة وليست ترفاً أو خياراً من خيارات شتى قابلة للنقاش. لذلك، فإن المشكل اليوم تجاوز الوعي بضرورة السير في اتجاه الطاقات البديلة، ويتعلق بالأساس بعملية الانتقال الطاقي ذاته وما تتطلبه من تكلفة ومن استراتيجية متعددة الأبعاد ومن تكاتف مجهودات الجميع داخل الوطن الواحد.
يُخطئ من يعتقد أن الانتقال من زمن الطاقة غير المتجددة إلى زمن الطاقات البديلة عملية سهلة؛ فكل انتقال تغيير وكل تغيير يتطلب وقتاً وتكلفة ذات أوجه عدة، من دون أن نغفل عن حقيقة أن كل تغيير يستوجب تغييراً ثقافياً في السلوك والوعي.
من جهة ثانية، من المهم التركيز على صعوبة الانتقال الطاقي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وما خلفته جائحة «كوفيد»، والحرب الروسية الأوكرانية من إرباكات وصعوبات ألقت بظلالها على المقدرة الشرائية والقطاع الخاص والمستثمرين، وأيضاً ميزانيات الدول التي باتت تعاني من ضائقة مالية، بما فيها الدول المتقدمة والموصوفة بالغنية.
هذه الجزئية مهمة، من ناحية أنها تتضارب مع استحقاقات الانتقال الطاقي التي على رأسها توفير الاعتمادات من أجل إعادة تأهيل المرافق والبيوت والمباني بالطاقات البديلة. ونعتقد أنه لا توجد دولة قادرة، مهما كانت غنية، على تأمين المرور الشامل إلى الطاقات البديلة. لذلك، فإن الانتقال من الطاقات غير المتجددة إلى الأخرى المتجددة يستدعي نوعاً من الواقعية والعقلنة. طبعاً لا شك في أن التكلفة باهظة جداً، وأكثر من قدرة أي دولة في العالم، لأنه ليس سهلاً تغيير نمط حياة كاملة وتوفير النفقات اللازمة، ولكن رغم ذلك فإن الانتقال الطاقي ممكن على مراحل، وممكن أكثر إذا ما تم تحديد الأولويات، التي منها إيلاء الطاقات البديلة الأولوية في الأشغال القادمة، وتقديم تحفيزات للمواطنين والمواطنات الذين يقبلون على الطاقة الشمسية وعلى السيارات الكهربائية وغير ذلك.
من حق الأجيال القادمة أن نترك لها ما يساعدها على تنويع مصادر الطاقة، إضافة إلى أن ذلك حقها من الأرض التي تنتمي إليها.
طبعاً الخطاب العالمي حول الطاقات البديلة يركز على الانعكاسات الإيجابية على البيئة، وأيضاً التكلفة الأقل للطاقات البديلة، وهما نقطتان مهمتان ولكن الأهم منهما أن الأمر ضروري، ولا خيار للإنسانية في ذلك؛ سواء كان الأمر أقل تكلفة أو يندرج في إطار ربط علاقة صداقة مع البيئة.
الواضح أن البشرية استنزفت الثروات الطبيعية أكثر مما يجب، الشيء الذي نتج عنه تغيرات مناخية، من مظاهرها الجفاف وارتفاع الحرارة والفيضانات.
في هذا الإطار لعله قد آن الأوان كي ننطلق في حياكة خطاب جديد أكثر شمولاً، ويطرح القضية الراهنة من منطلق أكبر يتمثل في إعادة وضع تصور جديد لعلاقة الإنسان بالأرض والطبيعة، خصوصاً أن اليوم هناك مشكلة كبيرة، هي مشكلة الماء في العالم، التي تأكدت مع تأكد تغيرات المناخ وهيمنة التغيير المتصل بالجفاف.
إن الموضوع حيوي جداً، ويتعلق بحياة الإنسان في كوكب الأرض في السنوات والعقود المقبلة، والتأقلم مع تراجع مخزون الأرض من الثروات الطبيعية غير المتجددة، ومن الماء، يستوجب قرارات دولية حاسمة، باعتبار أن تغيرات المناخ وتأثيراتها الخطيرة على الحياة ذاتها إنما تعود إلى أنشطة الإنسان، خصوصاً الصراعية، التي تشهد سباقاً في استعمال الأسلحة المدمرة للكائنات الحية.
من هذا المنطلق، فإن الوضع يتطلب إعادة وضع تصور جديد للأرض والطبيعة والممارسات الاستهلاكية عدوة البيئة والعلاقات الدولية وآليات الصراع وأدواته.
عندما يتصل الأمر بالحياة، فإن كل شيء يصبح قابلاً للمحو، والإنسانية مقبلة إجبارياً على إعادة كتابة بنود عقد جديدة لو أرادت الاستمرار في الحياة على كوكب الأرض. وهو ما يعني أن زمن الاختيار واعتبار صداقة البيئة من استعدائها أمراً اختيارياً قد مضى؛ فالشمس ليست خياراً قابلاً للنقاش، والبلدان التي مناخها تشع فيه الشمس تُعدّ أكثر حظاً في اعتماد الطاقات البديلة.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشمس ليست خياراً قابلاً للنقاش الشمس ليست خياراً قابلاً للنقاش



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab