العنف ضد النساء بين الثقافة والثروة

العنف ضد النساء بين الثقافة والثروة

العنف ضد النساء بين الثقافة والثروة

 العرب اليوم -

العنف ضد النساء بين الثقافة والثروة

آمال موسى
بقلم -د. آمال موسى

تنطلق اليومَ الحملة الدولية لمناهضة العنف ضد المرأة وتستمرُّ إلى غاية يوم 10 ديسمبر (كانون الأول) الموافق لليوم العالمي لحقوق الإنسان. وهي حملةٌ تنطبق عليها كل مواصفات الحملة من حشد وتكثيف أنشطة للمناصرة ونشر الوعي بخطورة هذه الظاهرة. بل إنَّها أضحت مناسبةً تحسب لها الدول حساباً وتحرصُ على إظهار منجزِها وجهودِها في مجال مناهضة العنف ضد المرأة.

ومن المهم هنا الإشارة إلى أنَّ الحديث عن أرقام وإحصائيات حول العنف المسلط على النساء يمثّل في حدّ ذاته نقطةً إيجابيةً من منطلق أنَّ هذا الموضوع كانَ من المواضيع المسكوتِ عنها وحكراً على الفضاء الخاص وأسراره، علاوةً على الجانب العرفي الذي يمنع البوحَ والرفضَ والاحتجاج من طرفِ النساء والفتيات. وتلك هي خاصية المجتمع الأبوي والثقافة القائمة على الهيمنة الذكورية.

من هذا المنطلق وغيره، فإنَّ تناول ظاهرة العنف ضد النساء في الفضاء العربي والإسلامي يمثّل نقطةَ تحولٍ ثقافية وحقوقية تندرج ضمنَ نقدِ النسق الثقافي السائد وبناءِ نسقٍ بديلٍ أكثرَ حقوقية وأكثر حداثة وأكثرَ انسجاماً مع المنظومة القيمية العالمية.

إذن هذه الحملة الدولية التي تمتد على 16 يوماً أصبحت موعداً سنوياً لقياس المنجز والمطالبة بما لم ينجز بعد.

وللعلم فإنَّ عملية القياس ليست ضبابية، بل هناك أبعاد أساسية تعتمد في عملية القياس وهي: المنجز في مجالات الحماية والوقاية، والتعهد، والخدمات، والعقوبات. بمعنى آخر فإنَّ هناك مؤشرات للقياس والبناء، ومن ثم توصيف موقع الدول في مجال دعم النساءِ والانتصار لقضيتهن. وأصبح هناك نوعٌ من التنافس المحمود بين الدول في مجال التقدم في المعالجة، وفي الاستجابة لمقتضيات الحماية والوقاية والتعهد. هناك خريطةُ طريقٍ واضحةٌ لكل الدول المنخرطة في سياسة مناهضة العنف ضد النساء والتصدي له، من ذلك بعث مراكزِ إيواء للنساء ضحايا العنف وتطوير المنظومات التشريعية الوطنية لتكون أكثر انسجاماً مع الاتفاقيات الدولية، وأهمها اتفاقية سيداو للقضاء على التمييز ضد المرأة.

من ناحية ثانية، فإنَّ المقاربات بصدد التجويد والتعمق، ولم تعد تقتصر فقط على التشريعات الرادعة لمرتكبي العنف ضد النساء رغم أهمية ذلك، بل إنَّ التوجه يقضي بموازاة تلك الجهود التشريعية بمقاربات تأتي على أسباب تعنيف النساء والملامح الاقتصادية والاجتماعية للنساء الأكثر تهديداً وعرضةً للعنف.

ومن التشريعات المهمة في البلدان العربية نذكر قانون 58 لسنة 2017 للدولة التونسية المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، وهو من القوانين الأساسية الرائدة في العالم العربي والإسلامي من دون أن نغفل المجهوداتِ التشريعية المبذولة في عدة دول، فيما يخصُّ تطويرَ منظومة المواطنة باعتبارها من المنظومات القيمية التي تقوم على عدم التمييز على أساس الدين والعرق والجنس.

وفي الحقيقة هناك ما يجب القيام به من ناحية التشريعات في عموم البلاد العربية، خصوصاً وأنَّ فترة الحجز الصحي أثناء جائحة «الكوفيد - 19» أكدت أنَّ الظاهرة تحتاج إلى جهود لا تمل ولا تتوقف، حيث ارتفعت أعداد النساء المعنفات وبدأت تتفاقم أيضاً ظاهرة قتل النساء. وما تقوله الأرقام والإحصائيات هو أنَّ قرابة ثلاثة أرباع حالات العنف إنَّما هي عنف زوجي وفي شتى بقاع العالم، وهو ما يعني أنَّ مؤسسة الزواج في خطر وباتت تعرف تحديات تستدعي تشخيصها ومعالجتها، لأنَّ مؤسسة الزواج هي تحيل آلياً إلى مؤسسة الأسرة التي هي أساس أي مجتمع، ومن غير الممكن التحدث عن مجتمع متماسك ومتوازن، في ظل ما باتت تعرفه مؤسسة الزواج ومؤسسة الأسرة من شرخ وتصدع عميقين.

وفيما يخصُّ المقاربات ذات البعد التأسيسي، التي تعالج ظاهرة العنف ضد النساء عبر مداخل الأسباب، فإنَّ الجزء الوافر من الأدوية اللازمة للعلاج يكمن في نشر الوعي لدى الناشئة عبر البرامج التعليمية والقيام بإصلاح يشمل اللغة والصور والقطع مع توزيع الأدوار بين الجنسين القائم على التمييز والتقسيم التقليدي للأدوار في المنزل والمجتمع.

من ناحية أخرى، من الخطأ الاعتقاد أنَّ قياس منجز الدول في مجال مناهضة العنف ضد المرأة يقتصر على التشريعات وعدد مراكز الإيواء والخطوط الساخنة لتلقي الإشعارات... فكل ذلك مهم جداً ومطلوب أيضاً، لكن هناك تحديات أخرى قادرة على تحقيق الفارق والنتيجة المذهلة ونقصد بذلك: التعليم وتعميم الحق في التعليم وإجباريته، وعندما تصبح كل الفتيات والنساء متعلمات فإنَّهن نظرياً يكن أكثر قدرة على كسر إطار المرأة المعنفة ورفضه.

أيضاً تقوية المشاركة الاقتصادية للنساء وجعلهن فاعلات في التنمية والاستثمار بشكل يجعل الثروة بين أيادي النساء والرجال معاً، وهكذا يتم تبديد التمييز وأشكال الهيمنة بشكل فعال وسريع.

وإذا ما نظرنا في التحديات اليوم على مستوى عالمي، فإنَّ الواقع لن يقبل على المدى القريب ظواهر تجره إلى الوراء، على رأسها التمييز بين الجنسين، وهو طبعاً كما نعلم جميعاً وككل تمييز مولد للعنف.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العنف ضد النساء بين الثقافة والثروة العنف ضد النساء بين الثقافة والثروة



صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - اكتشاف تمثال يكشف الوجه الحقيقي لكليوباترا في معبد تابوزيريس

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

حريق يطال قبر حافظ الأسد في القرداحة وسط غموض حول الفاعلين
 العرب اليوم - حريق يطال قبر حافظ الأسد في القرداحة وسط غموض حول الفاعلين

GMT 14:35 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم
 العرب اليوم - عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم

GMT 16:39 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

التأثير الإيجابي للتمارين الرياضية على صحة الدماغ

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 20:19 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الفنان جمال سليمان يبدي رغبتة في الترشح لرئاسة سوريا

GMT 18:20 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

بشار الأسد يصل إلى روسيا ويحصل على حق اللجوء

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

480 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 48 ساعة

GMT 22:09 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

داني أولمو مُهدد بالرحيل عن برشلونة بالمجان

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 04:49 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الكينية تسجل 5 حالات إصابة جديدة بجدري القردة

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

استئناف عمل البنك المركزي والبنوك التجارية في سوريا

GMT 05:03 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزير الدفاع الكوري الجنوبي السابق حاول الانتحار في سجنه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab