تكافؤ الفرص تكلفة باهظة ولكن مضمونة

تكافؤ الفرص... تكلفة باهظة ولكن مضمونة

تكافؤ الفرص... تكلفة باهظة ولكن مضمونة

 العرب اليوم -

تكافؤ الفرص تكلفة باهظة ولكن مضمونة

بقلم - آمال موسى

نظرياً لا أحد يعترض على مبدأ تكافؤ الفرص: الجميع تقريباً يذكره ويلتزم به، ولكن تحققه على أرض الواقع ليس سهلاً تجسيده على النحو الذي يسجل به حضوره على مستوى الكلام والخطاب.

إن هذا المبدأ الذي أصبح المبدأ الجوهري في الخطط الأممية من الأهمية إحاطته بمجموعة من التحديات المرتبطة به وجوباً. فالأمر يتعدى التعهد الجوهري إلى مشروع دولة ضخم يحتاج إلى اعتمادات هائلة وخريطة طريق تتضمن في آخر نقطة ارتفاع في تضاريسها هدف تكافؤ الفرص.

أولا من الجيد التبني والالتزام بمبدأ تكافؤ الفرص بين الفئات الاجتماعية وبين الأوساط الريفية وشبه الريفية والحضرية وبين الجنسين وبين جميع المواطنين والمواطنات. ذلك أن مثل هذا التبني يمثل ضمانة معنوية أخلاقية علاوة على ما يعنيه من رمزية الانخراط في مشروع يقوم على العدالة الاجتماعية وعلى المساواة وعلى الإنصاف وهي مبادئ ديمقراطية بالأساس والمضي فيها حتى بتعثرات هو المضي نحو مستقبل مجتمعي ذي نسق قيمي جديد.

ثانيا يحتاج الالتزام بمثل هذا المبدأ الجميل شكلاً ومظهراً والعظيم جداً وزناً وحملاً أن تعرف كل دولة فعليا بماذا التزمت، وهو ما يتطلب تحديد مظاهر عدم التكافؤ بكل شجاعة وجرأة وروح مسؤولية، ويكون ذلك بشكل عقلاني موضوعي واستنادا إلى دراسات وتقارير تكون من مخرجاتها بيانات ومعطيات دقيقة تُحدد مواطن عدم التكافؤ بكل دقة كما تحدد الفواتير. فالحديث عن تكافؤ الفرص بين سكان الوسط الريفي وسكان الوسط الحضري يحتاج إلى ضبط حاجيات الريف في مجال البنية التحتية من مرافق وخدمات، ذلك أن توفير الطرقات والمستشفيات ووسائل النقل والمركبات والملاعب والمدارس والمساحات التجارية الكبرى... هو جوهر مبدأ تكافؤ الفرص واستحقاقاته، ومن المهم أن يتم تحديد التكلفة مالا وزمنا ليكون المطلوب كاعتمادات محددا بدقة وأيضا الزمن اللازم لتحقيق الهدف.

هكذا يتم تحديد التكلفة وهكذا أيضاً ينتقل مبدأ تكافؤ الفرص من مدار الاستهلاك الكلامي إلى برنامج مجتمعي يقرأ كلمة ورقما ومن ثم يكون مدرك المعنى.

طبعاً نحن هنا نتناول البعد الصدقي في استعمال مبدأ تكافؤ الفرص. لذلك فإن تحديد مؤشرات الفقر وقياس الفجوات فجوة فجوة هما اللذان سيعطيان لخطاب أي النخب السياسية حول تكافؤ الفرص المصداقية والمشروعية.

من ناحية أخرى فإن الأمر مرتبط بإرث تاريخي وثقافي، الشيء الذي يتطلب توعية وعملا على تغيير العقليات كما هو الشأن بالنسبة إلى تكافؤ الفرص بين الجنسين، وأيضا فيما يخص التفاوت الاجتماعي يتطلب إصلاحاً متعدد الجوانب لخيارات تنموية لها عقود وانبنت على سوء توزيع الثروات وغياب العدالة الاجتماعية. والإصلاح أحياناً أصعب من البداية من جديد. وهنا لا بد من الانتباه إلى الحاجة إلى تشريعات جديدة، أي هناك عمل على مستوى القوانين والأوامر يستغرق هو نفسه جهدا ووقتا.

آما الحلقة الأكبر فهي الاعتمادات المالية الضخمة التي يحتاجها تحقيق تكافؤ الفرص، وكلما كانت الفجوة كبيرة كانت التكلفة أكبر وبحجم الفجوة يكون حجم التكلفة.

وإذا ما وضعنا في الاعتبار ثقل التكلفة المالية المادية المطلوبة في لحظة اقتصادية دولية جعلت كل الدول بما فيها الغنية تعرف صعوبات إضافة إلى معطى إصلاح المنومات التشريعية ومسألة التغيير الثقافي للعقليات، فإن تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص يصبح مشروعاً ومساراً تتداول عليه النخب والأجيال ولا يمكن أن يكون خاضعا لمجرد قرار فوري.

وليست مبالغة أو مواساة للنفس باعتبار التكلفة الباهظة لتجسيد مبدأ تكافؤ الفرص على أرض الواقع القول إن الالتزام القائم على وعي بالأبعاد المتعددة لتكلفة التعهد بمبدأ تكافؤ الفرص هو الخطوة الأهم والقرار الأكبر وأكبر ما في التكلفة من دفعات للتسديد، كما أن القيام بالخطوة المبدئية ليس اعتباطيا ويتطلب بدوره استنفاراً وعملاً كبيراً يمكن أن نطلق عليه بكل بساطة: دراسة مشروع تكافؤ الفرص.

ولا يفوتنا ونحن نتحدث بكثرة عن التكلفة أن نشير إلى أنَّ التكلفة تدفع مرة واحدة، ولكن أرباح مشروع تكافؤ الفرص مضمونة ودائمة وطائلة على الأصعدة كافة وبكل المعاني. ويكفي أن تكافؤ الفرص هو الكلمة السريّة لكل بلد يحلو فيه العيش ويتحقق فيه التعايش وتكبر فيه الإيجابية ثقافة وتفاعلاً وموقفاً وطرقة حياة ومقاربة في تقييم الوقائع.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تكافؤ الفرص تكلفة باهظة ولكن مضمونة تكافؤ الفرص تكلفة باهظة ولكن مضمونة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab