هل العدالة المناخيّة ممكنة

هل العدالة المناخيّة ممكنة؟

هل العدالة المناخيّة ممكنة؟

 العرب اليوم -

هل العدالة المناخيّة ممكنة

بقلم - د. آمال موسى

يبدو أن قادة العالم والمنظمات الأمميّة توصلوا إلى حقيقة مفادها أن لا قضية اليوم أكثر أهمية من تأثير تغيرات المناخ. ورأينا في هذه الأيام كيف أن المناخ كان على طاولة كبار المسؤولين حتى في الظروف التي يعاني العالم من تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية.
طبعاً هذا الوعي بخطورة قضية المناخ اقترن بقوة الكوارث التي حتّمت أن يكون موضوع المناخ وتغييراته ملفاً قاراً ودائم الحضور والطرح والتباحث.
وخلال المؤتمر العالمي للحد من مخاطر الكوارث الذي انتظم بسنداي في اليابان سنة 2015، جددت المجموعة الدولية الالتزام بمواجهة الكوارث في سياق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر، وبإدماج هذه الأهداف في السياسات والخطط والبرامج والميزانيات على جميع المستويات.
مثل هذا الالتزام لم يكن طواعية بقدر ما كان نتيجة دروس قاسية تم وضعها على الطاولة، وكان لا بد من استخلاص الدروس من الكوارث الطبيعية التي عرفها العالم على امتداد العشرية 2005 - 2015، حيث استمرت الكوارث خلال هذه العشرية في إحداث خسائر فادحة والتأثير على رفاهية وسلامة الأشخاص والمجتمعات والبلدان؛ إذ لقي أكثر من 700 ألف شخص حتفهم وأُصيب أكثر من 1.4 مليون شخص وتشرد نحو 23 مليون شخص من جراء الكوارث. كما تضرر أكثر من 1.5 مليار شخص من الكوارث بطرق شتى.
السؤال الذي يساعدنا على فهم حجم أهمية قضية تغيرات المناخ هو: من هم ضحايا أضرار الكوارث أكثر من غيرهم؟
لحقت أضرار الكوارث، بالنّساء والأطفال والفئات الضعيفة أكثر من غيرهم خلال هذه العشرية. وتجاوزت الخسائر الاقتصادية 1.3 تريليون دولار. وتشير الأرقام التي مثلت أساس استخلاص الدروس المؤلمة، إلى أنه ما بين عامي 2008 و2012 تشرد 144 مليون شخص من جراء الكوارث. وما فتئت تزداد الكوارث تواتراً وشدّة ويتفاقم الكثير منها بفعل تغير المناخ مما يؤدي إلى مخاطر جديدة.
ومن المهم التذكير أيضاً أن إطار «سنداي» يؤكد أهمية اتّباع نهج وقائي لمواجهة مخاطر الكوارث يركز بشكل أكبر على الناس. وفي هذا السياق نعتقد أن هناك نقطة جوهرية من المهم أن تحظى بالانتباه اللازم، وهي أن التغييرات المناخية وإن كان المجتمع المدني على مستوى عالٍ لعب دوراً كبيراً في فرض القضية على طاولة التفاوض والتباحث الدوليين، ولا أحد ينكر دور الحركات النسوية وغيرها في جعل مسألة المناخ تتجاوز بُعدها العلمي المحض إلى البعد الاجتماعي، فإن واقع الكوارث المناخية وتكلفة المخاطر الطبيعية اليوم يجعلان مسؤولية الملف تقع على عاتق الحكومات والدول في كل العالم لأنها تمتلك الموارد والمؤسسات، وهي من تضع السياسات والميزانيات. ففي هذا الإطار نسجل الاعتراف المعلن الواضح اليوم بالدور القيادي والتنظيمي والتنسيقي للحكومات لمجابهة الكوارث، ويشدد هذا الإطار الاستراتيجي الدولي على ضرورة التواصل بين الحكومات وأصحاب المصلحة ذوي الصلة، بمن فيهم النّساء، والأطفال والشباب، والأشخاص ذوو الإعاقة، والفقراء، والمهاجرون وكبار السنّ وغيرهم.
وفي الحقيقة فإن عدد الفقراء في تزايد، علاوة على ذوي الإعاقات أيضاً، والعالم يتجه إلى التهرم مما يجعل من فئة كبار السن على رأس اهتمامات القادة، حسب الإسقاطات السكانية المتوقعة. وهي فئات يمكن وصفهم بضحايا الصف الأول لتأثيرات تغيرات المناخ، وهي تأثيرات من المهم إعادة التوضيح أنها نتاج أنشطة الإنسان في الدول المتقدمة. فالفئات الضعيفة اقتصادياً تتلقى الكوارث بمضاعفات، الأمر الذي يبرز مفهوم الصمود في قلب خطاب العدالة المناخيّة. كما أثبتت الكوارث أن مرحلة التعافي وإعادة التأهيل والإعمار تحتاج إلى التأهب قبل وقوع الكوارث، وتمثل فرصة حاسمة لإعادة البناء بطريقة أفضل، وباعتماد سبل منها إدماج الحد من مخاطر الكوارث في تدابير التنمية والتمكين الاقتصادي للنساء وتكافؤ الفرص بين الأطفال ومكافحة الفجوة بين الجنسين، مما يجعل الأمم والمجتمعات قادرة على مواجهة الكوارث.
وفي الحقيقة هكذا نفهم كيف فرض الخطاب الذي يركز على الفئات الهشة الأكثر تضرراً بتأثيرات تغيرات المناخ مفهوماً أساسياً يتمثل في مفهوم العدالة المناخيّة. ذلك أن العدالة المناخية تسلط الضوء على ربط أسباب تغير المناخ وآثاره بالعدالة البيئية والاجتماعية، وتشير إلى مبادئ المساءلة والمشاركة، والاستدامة البيئية والعدالة الاجتماعية وقدرتهم جميعاً على تقديم الحلول لأزمة تغير المناخ. ولا يفوتنا الانتباه إلى أن صياغة هذا المفهوم إنما تنطوي على اعتراف صريح وواضح بأن هناك عدم مساواة، حيث إن البلدان الصناعية تهتم بتطوير المسار الاقتصادي الأكثر كفاءة.
الظاهر أن العدالة لا تتعلق فقط بتوزيع الثروات بل أيضاً بالمناخ.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل العدالة المناخيّة ممكنة هل العدالة المناخيّة ممكنة



الملكة رانيا بعباءة بستايل شرقي تراثي تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:43 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

نيكول سابا تعلق على دورها في "وتقابل حبيب"
 العرب اليوم - نيكول سابا تعلق على دورها في "وتقابل حبيب"

GMT 02:20 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

إسرائيل تقطع خط مياه استراتيجيا عن شمال غزة

GMT 23:29 2025 الأحد ,09 آذار/ مارس

القمة وما بعدها.. أسلوب التفاوض الترامبى!

GMT 02:14 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

انقطاع الاتصالات والإنترنت في جنوب سوريا

GMT 01:37 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

تحطم طائرة بموقف سيارات قرب مطار بنسلفانيا

GMT 02:08 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

تسجيل هزة أرضية شرق ميسان

GMT 23:29 2025 الأحد ,09 آذار/ مارس

«الترامبية» فى إفطار منير فخرى عبد النور

GMT 09:25 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

حظر تطبيق Telegram في المناطق الروسية

GMT 23:37 2025 الأحد ,09 آذار/ مارس

سعد لمجرد يستعد لطرح عملة رقمية خاصة به
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab